في حمى الحق ومن حول الحرم … أمة تؤذى وشعب يهتضم
فزع القدس وضجت مكة … وبكت يثرب من فرط الألم
ومضى الظلم خليا ناعما … يسحب البردين من نار ودم
يأخذ الأرواح ما يعصمها … معقل الحق إذا ما تعتصم
ويرى الناس إذا أعجبه … أن يبيدوا كأقاطيع البهم
بعثته شهوة وحشية … تتلظى مثل أجواف الأطم
ما تبالي إن مضت ويلاتها … ما أصابت من شعوب وأمم
أهون الأشياء في شرعتها … أمة تمحى وشعب يلتهم
هي من روح الدهاقين الألى … نشروا النور وطاحوا بالظلم
أنقذوا العالم من أرزائه … وأذاقوه أفاويق النعم
وأزالوا ما حوت أرجاؤه … للأوالي من قبور ورمم
فإذا الدنيا جمال يجتنى … وإذا العيش سلام يغتنم
زينوها قصة ناعقة … زينت للناس مكروه الصمم
كشف التجريب عن سوآتها … ومضت عارية ما تحتشم
أفسدوا العالم مما عبثوا … بالدساتير القدامى والنظم
نقض الأرسان واستن العمى … فهو يمضي جامحا أو يرتطم
سلبوه العقل مما عربدوا … وسقوه من خبال ولمم
الحياة البغي والدين الهوى … والضعيف الخصم والسيف الحكم
زمن تصدق إن سميته … زمن الطاغوت أو عصر الصنم
يا فلسطين اصطليها نكبة … هاجها للقوم عهد مضطرم
واشهديه في حماهم مأتما … لو رعوا للضعف حقا لم يقم
واشربي كأسك مما عصروا … من زعاف جائل في كل فم
أذكري يومك في أفيائهم … ودعي الأمس فما يغني الندم
آية للبغي من أسمائها … حكمة الأقدار أو عدل القسم
إكشفيها غمة ليس لها … من كفاء غير كشاف الغمم
الجهاد الحر يقضي حقه … سؤدد العرب ويحميه العلم
لا تنامي للعوادي وادأبي … واذهبي طامحة في المزدحم
ليس بالمدرك حقا غافل … نام والأحداث يقظى لم تنم
في فؤادي جرحك الدامي وفي … كبدي ما فيك من حزن وهم
كم صريع لك في أشلائه … مصرع القربى وأشلاء الرحم
فجعوني فيه بابن صالح … وأخ حر السجايا وابن عم
شهداء الحق ماتوا دونه … وهو حي العز موفور الشمم
واشتروه بنفوس حرة … بذلوها من سخاء وكرم
نهض الملك على أمثالها … واستتب الأمر فيه وانتظم
ذهبوا للشرق في مأتمهم … مرح الخالي وبشر المبتسم
سره أن هب من أبنائه … قضب الهند وآساد الأجم
وانتضى من بين جنبيه الأسى … ما انتضى العدوان من تلك الهمم
همم الأحرار تحمي وطنا … عربيا سيم خسفا وظلم
باعه ذئب لذئب غيلة … فهو للذئبين نهب مقتسم
تنزع الأرزاق من أبنائه … وتسل الأرض من فرط النهم
يرهق القوم فإن هم غضبوا … راحت الأرواح منهم تخترم
أخذتهم للأذى عاصفة … هاجها البغي فهبت من أمم
وارتمت هوجاء ما يردعها … فاجع الثكل ولا عادي اليتم
عصفت ظمآى إلى آجالهم … فتروت من شباب وهرم
وأراها من تلظى جوفها … تتداعى كالشواظ المحتدم
تتمنى من تباريح الصدى … لو يكون الدم كالبحر الخضم
شعب اسرائيل ما بال الألى … حفظوا العهد وبروا بالقسم
ذكروكم ونسوا ما عقدوا … لسواكم من عهود وذمم
أذكروا بلفور في تلمودكم … واغفروا اليوم لعيسى ما اجترم
واسألوا موسى أطابت نفسه … أم أبى ما كان منكم فنقم
ليس من مال عن الحق كمن … جعل الحق سبيلا يلتزم
هدم التيه قديما ملككم … فبنى بلفور منه ما هدم
أبت الأرض فكنتم شعثا … طائرا في كل واد ما يلم
فرمى أشتاتكم في وطن … راعه منكم بشعب ملتثم
نبئوا الغرقى وإن لم يسمعوا … أهو الطوفان أم سيل العرم
مصر ناجي من فسطين الربى … وابعثي صوتك من أعلى الهرم
وإذا أعوز هم أو أسى … فاستمدي الهم من هذا القلم
وخذي معنى الأسى عنه فما … لك من معناه إلا ما نظم
نبئيها أننا من وجدها … نجد العلقم في العذب الشبم
نشتكي الليل ويرمينا الأسى … إن مضى الليل بصبح مدلهم
فكأنا منهما في ملتقى … نكبة تطغى وأخرى تستجم
أختك الولهى عناها شجوها … ودهى أبناءها الخطب الملم
فزعت تدعوك في محنتها … مصر جل الخطب هبي لا جرم
أذكريني أدركيني خففي … ألمي بوركت من أخت وأم
هد قومي باسم موسى ظالم … لو رأى في القوم موسى ما رحم
زعم التوراة من أنصاره … فهي تشكو خطبها مما زعم
هل رأى الألواح فاستهدى بما … جاء فيها من عظات وحكم
أم تلقى الوحي أم كان امرأ … جهل الناس جميعا وعلم
رب هل قدرت ألا ينجلي … ما أصاب الشرق من خطب عمم
عاث فيه القوم حتى ماله … حرمة ترعى وحق يحترم
إكشف البأساء وارحم أمما … تتلوى من ملال وسأم
عمل الناس فسادوا وعلوا … وهي فوضى من عبيد وخدم
تحمل الضيم ولولا أنها … تحسب الموت حياة لم تضم
ما لنا من هذه الدنيا سوى … غارة العادي وعسف المحتكم
ساءنا من شرها ما نجتوى … وعنانا من أذاها ما تذم
فسئمناها حياة مرة … ومللناه وجودا كالعدم
رب أنت العون إن طاف بنا … طائف البغي وأنت المنتقم
من يجير القوم إن صبحهم … خطب عاد وثمود في القدم
لا يغرن قويا جنده … قوة صرعى وجند منهزم