طَرِبْنَِ إلى نَجْدٍ وأنَّى لها نَجْدُ … وبغداذُ لم تُنْجِزْ لنا مَوْعِداً بَعْدُ
وَأَسْعَدَها سَعْدٌ على ما تُجِنِّهُ … مِنَ الوَجْدِ، لاأَدمى جَوانِحَهُ الوَجْدُ
فيا نضْوُ لا يَجمَحْ بِكَ الشَّوْقُ وَاصْطَبرِ … قَليلاً وَكَفْكِفْ مِنْ دُموعِكَ ياسَعْدُ
فما بِكُما دونَ الّذي بي مِنَ الهَوى … ولكنْ أَبَى أَنْ يَجْزَعَ الأَسَدُ الوَرْدُ
سَتَرعى وإنْ طالَتْ بنا غُرْبَة ُ النَّوى … رُباً في حَواشي رُوْضِها النَّفَلُ الجَعْدُ
بِحَيثُ تُناجينا بِأَلحاظِها المَها … إذا ضَمَّنا وَالرَّبْرَبَ الأَجْرَعُ الفَرْدُ
وَلَيْلَة َ رَفَّهْنا عَنِ العِيسِ بَعْدَما … قَضَتْ وَطَراً مِنْهُنَّ مَلْوِيَّة ٍ جُرْدُ
سَرَتْ أُمَّ عَمْروٍ وَالنَّجومُ كَأَنَّها … على مُسْتَدارِ الحَلْيِ مِنْ نَحْرِها عِقْدُ
فَلَمَّا انْتَبَهْنا لِلْخَيالِ تَوَلَّعَتْ … بِنا صَبَواتٌ فَلَّ مِنْ غَرْبِها البُعْدُ
وَقُلْتُ لِعَيْني وَهْيَ نَشْوَى مِنْ الكَرى … أَبِيني لنا حُلْمٌ رَأَيْناهُ أَمْ هِنْدُ
لَئِنْ أَخْلَفَ الطَّيْفُ المَواعيدَ بالِّلوى … فَبِالهَضباتِ الحُمْرِ لَمْ يُخْلَفِ الوَعْدُ
وَبِتْنا بِرَوضٍ يَنْثُرُ الطَّلُّ زَهْرَهُ … علينا، وَيُرخي مِنْ ذَوائِبِهِ الرَّنْدُ
وَنحنَ وراءَ الحَيِّ نَحذَرُ مِنْهُمُ … عُيوناً تُلَظِّيها الحَفيظَة ُ وَالحِقدُ
وَتَجْري أَحادِيثٌ تَلينُ مُتونُها … وَيَفْتَنُّ في أَطْرافِها الهَزْلُ وَالجِدُّ
وتحتَ نِجادي مَشْرَفيٌّ، إذا الْتَوى … بِجَنبيَ رَوْعٌ كادَ يَلْفِظُهُ الغِمْدُ
وهل يَرْهبُ الأَعْداءَ مَنْ غَضِبَتْ لَهُ … مَغاويرُ مِنْ بَكْرٍ كَأَنَّهُمُ الأُسْدُ
يَذودونَ عَنّي بالأَسِنَّة ِ والظُّبا … ولولاهُمُ أدنى خُطا العاجِز القِدُّ
فَأَوْجُهُهُمْ، وَالخَطْبُ داجٍ، مُضيئة ٌ … وَأَلْسُنُهُمْ والعيُ مُحْتَصَرٌ، لُدُّ
إذا انْتَسَبوا مَدَّ الفَخارُ أَكُفَّهُمْ … إلى شَرَفٍ أعلى دَعائِمَهُ المَجْدُ
فَكُلٌّ سَعى لِلمْكَرماتِ، وإنما … إلى ناصِرِ الدِّينِ انتهى الحَسَبُ العَدُّ
أَغَرُّ يَهُزُّ الحَمْدُ عِطْفَيْهِ لِلنَّدى … على حِينَ لا شُكْرٌ يُراعَى وَلا حَمْدُ
أَتَتْهُ العُلا طَوْعاً، وكم رُدَّ طالِبٌ … على عَقِبَيْهِ بعدما استُفْرِغَ الجُهْدُ
ترى سيمياءَ العِزِّ فوقَ جَبينِهِ … كما لاحَ حَدُّ السَّيفِ أَخْلَصَهُ الهِنْدُ
له نِعْمَة ٌ تأوي إلى ظِلِّها المُنى … وَيَسْحَبُ أذيالَ الثَّراءِ بها الوَفْدُ
وَعَزْمَة ُ ذي شِبلَيْنِ ضاقَ بِهَمِّهِ … زراعاً فلا يثنيهِ زجرٌ ولا ردُّ
يقلِّبُ عيناً لا يذالُ لدى الوغى … يذرُّ عليها من خبيئتهُ الزندُ
إذا السَّنواتُ الشُّهْبُ أَجلى قَتامُها … عَنِ المَحْلِ حتّى عَيَّ بِالصَّدَرِ الوِرْدُ
حَلَبْنا أَفاوِيقَ الغِنى مِنْ يَمينِهِ … وما غَرَّنا البَرْقُ اللَّموعُ ولا الرَّعْد
وَدَرَّتْ عَلَيْنا راحَة ٌ خَلَصَتْ بِها … إلينا اليَدُ البَيْضاءُ وَالعِيشَة ُ الرَّغْدُ
فِداهُ مِنَ الأَقْوامِ كُلُ مُبَخَّلٍ … لَهُ مَنْظَرٌ حُرٌّ وَمُخْتَبَرٌ عَبْدُ
إذا بَسَطَ المَدْحُ الوُجوهَ وَأَشرقَتَ … زَوَى بينَ عَيْنَيْهِ على الشّاعِرِ الوَغْدُ
فلا بَلَغَتْ إنْ زُرْتُهُ ما تَرومُهُ … رَكائِبُ أَنْضاها التَّوَقُّصُ وَالوَخْدُ
يَخُضْنَ الدُّجى خُوصاً كأَنَّ عُيونَها … وَهُنَّ جَلِيَّاتٌ، أَناسِيُّها رُمْدُ
إذا ما المَطايا جُرْنَ عن سَنَنِ الهُدى … وَجاذَبَنا قَصْدَ النِّجادِ بِها الوَهْدُ
ذَكَرْناكَ وَالظَّلْماءُ تَثْنى صُدورَها … إلى الغَيِّ حتّى يَسْتَقيمَ بِها الرُّشْدُ
حَمَلْنَ إليكَ الشِّعْرَ غَضّاً كأنّما … غَذَتْهُ بِرَيّا الشِّيحِ عُذْرَة ُ أَو نَهْدُ
فما زِلْتُ أَحْدوهُ إليكَ مُحَبَّراً … وللهِ دَرّي أيَّ ذي فِقَرٍ أَحْدو
وَلاعَبْتُ ظِلّي في فِنائِكَ بَعْدَما … أَبَى أن يُزيرَ الأرضَ طُرَّتَهُ البُرْدُ
وقد كانَ عَهْدي بِالمُنى يَسْتَميلُني … إليكَ، وَتُدْنيني البَشاشَة ُ والوُدُّ
فما بالُنا نُجْفَى ومنكَ تَعَلَّمَتْ … صُروفُ اللَّيالي أنْ يَدومَ لها عَهْدُ
وما بي نَوالٌ أَرْتَجيه، فَطالَما … نَقَعْتُ الصَّدى وَالمَاءُ مُقْتَسَمٌ ثَمْدُ
ولكنّكَ ابنُ العَمِّ، والعَمُّ والِدٌ … وما لامرِئٍ مِنْ بِرِّ والِدِهِ بُدُّ