طَربتُ إلى رَيْحانة ِ الأنفِ والقلبِ … وأعمالها بين العوازف والشَّرْبِ
ولا عيشَ إلا بين أكوابِ قهوة ٍ … تَوَارَثَها عَقْبٌ من الفرس عن عقبِ
من الكُمْت قبل المزج صهباءُ بعدَهُ … سليلة ُ جُونٍ غير كُمْتٍ ولا صُهبِ
سُلالة كرمٍ شارفٍ غير أنها … عُلالة ُ عود من دِنان القُرى ثِلْبِ
تأتَّتْ أكفُّ القاطفين قِطافَها … فسالت بلا عَصْرٍ ودَرَّت بلا عَصْبِ
أطافت بها الأيامُ حتى كأنها … حُشاشة ُ نفس شارفَتْ منقضى نحبِ
لها منظرٌ في العين يشهدُ حسنُهُ … على مَخْبِرٍ يُهدي السرورَ إلى القلبِ
تردُّ صفاء العيش مثلَ صفائها … وتكشفُ عن ذي الكرب غاشية الكربِ
جلاها من الأطباع طولُ ثَوائها … وإمرارُها الأحقابَ حِقباً إلى حقبِ
فلو رُفعتْ في رأس علياءَ لاهتدى … بكوكبها السارونَ في الشرق والغربِ
غَنِيٌّ عن الريحان مجلسُ شَرْبها … بنشرٍكنشرالمسك في مُحتوى نهبِ
ولم ترَ موموقاً إلى النفس مثلها … تُشَمُّ فتُلقى بالعبوس وبالقَطْبِ
يناضل عنها الماء حين يَشُجُّها … نفيٌّ لها مثلُ الدَّبا لجَّ في الوَثْبِ
لها مَكْرعٌ سهلٌ يخبِّر أنها … ذَلول وفيها سَورة ُ الجامح الصعبِ
سأَعْصِي إليها اللَّومَ في بطنِ روضة ٍ … كساها الحيا نَوْراً كأدرية ِ العَصْبِ
وكم مثلها من بنتِ كرمٍ جلوتُها … على كلِّ خِرق ماجد الجَدِّ من صحبي
له خُلقٌ عذبُ المذاق ولن ترى … مِزاج كؤوس الراح كالخُلُق العذبِ
يسرُّك في السراء حُلوٌ نِدَامُهُ … وأنجَدُ في العَزَّاءِ من صارمٍ عضبِ
بمُونِقة ِ الرُّواد حُوٍّ تِلاعُها … تُراعي بها الأُدمانُ آمنَة َ السَّربِ
صففنا أُباريقَ اللُّجين حِيالَها … فمثَّلْنَ سِرباً مُشرئباً إلى سرْبِ
تظل تُرانيها الظباءُ تخالُها … ظِباءً وتدنو فهْي منا على قُربِ
إذا نحن شئنا عَلَّلتنا صوادحٌ … من الطير جمَّاتِ الأهازيج والنَّصْبِ
فذاكَ نَصيبُ السِّلم عندي ولم أكنْ … لأنسى نصيبَ الحرب في نُوُب الحربِ
أخي دون إخواني إذا الحربُ شمَّرت … حسامٌ بحدَّيه فلولٌ من الضربِ
له حين يعلو قَوْنَسَ القِرن هَبَّة ٌ … تُواصلُ ما بين الذؤابة والعَجْبِ
إذا شيمَ فيه بارقُ الموت أو مَضتْ … به صفحة ٌ مثلُ العقيقة في الجلبِ
ومُطَّردٌ مثل الرِّشاء تهزه … كعوبٌ تدانت فيه مثلَ نوى القَسْبِ
عليه سِنانٌ يَرْعُفُ الموتَ لهذمٌ … قليلُ التخفِّي بالجوانح والجنبِ
وكلّ ابن ريحٍ يسبِقُ الطرفَ مَعْجُه … تُطَوِّحُه عَطْوَى منوعاً لدى الجدبِ
صنيعٌ مَريشٌ قوَّم القَيْنُ متنَه … فجاء كما سُلَّ النخاع من الصُّلْبِ
يُغلغلُهُ في الدرع نصلٌ كأنه … لسانُ شجاع مُخرَجٌ همَّ باللَّسْبِ
ومَوْضُونَة ٌ مثل الغدير حصينة ٌ … تفُلُّ شباة َ السيفِ ذي المضرب العضبِ
فذاك عَتادي فوق أجردَ سابحٍ … يُريحُ زفيرَ الجري من مَنْخَرٍ رحبِ
ذَنوبٍ يمس الأرض عند صيامه … بضافٍ يواري فرجَهُ سَبِط الهُلْبِ
له عند إيغال الطريدة في الوغى … أَجاريُّ مضمونٌ لها دَرَكُ الطِّلبِ
يُدِلُّ على صُم الصفا بحوافر … من اللائي أُعطين الأمان من النَّكبِ
بذلك إن دارت رحَى الحرب مرة ً … ثبتُّ ثباتَ القطب في مركز القطبِ
إذا أُخِّرتْ سرجُ الجبان وجدتَني … أغامسها في حومة الطعن والضربِ
متى يَلقني قِرْنِي فإنّ قُصارَهُ … على ضَربة ٍ أو طعنة ثَرَّة ِ الشَّخبِ
وإني لذو حلمٍ وشَغْبٍ وراءه … فحلمٌ لذي حلمٍ وشغب لذي شغبِ
وإني لنَحَّارٌ لدى الأَزْبِ لا يَني … قِرايَ من الكُوم المقاصيد كالهَضْبِ
إذا حاردتْ خورُ العِشار حلبتها … دماءً وقدْماً كان ذلك من حلبي
وقد يَرْجعُ الوجناءَ سيري وعينُها … مُهَوَّكة ٌ مثلُ الصُّبابة في الوَقْبِ
طويتُ حشاها طية َ البُرد بعدما … طويتُ بها سهباً عريضاً إلى سهبِ
أنا ابن شهابِ الحرب قومي ذوو العلا … ولا فَخر إن الفخر فرعٌ من العُجْبِ
وكم من أب لي ماجد وابن ماجد … له شرف يُرْبي على الشرف المُرْبي
إذا مَطرتْ كفاهُ بالبذل نَوّرتْ … له الأرضُ واهتزت رُباها من الخصْبِ
وإن حاول الأعداءُ يوماً بكيدِه … أحلَّ بمن عاداه راغية َ السَّقبِ
وحُرٍّ من الفتيان ليس بقُعْدُدٍ … ولا قائلٍ من فعلِ مكرمة ٍ حَسْبي
أخي ثقة ٍ لو أصبح الناسُ كلهم … عليَّ معاً حِزباً لأصبح من حزبي
أنوءُ به فيما عرا وأعدُّهُ … لساناً وسيفاً في الخطاب وفي الخَطْبِ
أبحتُ حمى قلبي له دون غيره … وأنزلتُهُ في السهل منه وفي الرَّحْبِ
إذا اشتركَ الورَّادُ في الشِّرب أخلصتْ … له النفسُ وُداً غيرَ مشتركِ الشِّربِ
وقد حاول الواشون إفساد بيننا … فأعيى على ذي المكرِ منهم وذي الإربِ
سوى أنهم قد آذنونا بجفوة ٍ … أدالت رضانا ما حَيِينا من التَعبِ
وَشَوْا فعرَفنا للتجافي مرارة ً … وهبنا لها مهما أتيناهُ من ذنبِ
فعُدنا وأصبحنا بحيث يسرُّنا … من الوصلِ والواشون في مَزْجَر الكلبِ