صادَتْكَ مهاة ٌ لم تُصَدِ … فلواحِظُها شَرَكُ الأُسُدِ
من توحي السحر بناظرة ٍ … لا تُنْفَثُ منه في العُقَد
لمياءُ تضاحكُ عن دُررٍ … وبروقِ حياً، وحصى برد
يندى بالمسك لراشفه … وسلاف القهوة والشهد
وذماءُ الليل على طرفٍ … كترحّلِ روح عن جسدِ
وضابُ الماءِ بفيك جرى … في جوهره عَرَضُ الصَّرَد
وكأنَّ كليمَ الله بدا … منه في الأفق بياضُ يدِ
أسفي لفراقِ زمانِ صبا … وركوبي قيدَ مها الخرد
من كل مطابقة ٍ خُلقي … بوفاءِ سروري أو كمدي
هيفاءُ يُعَجّزُهَا كَفَلٌ … فتقوم وتقعدُ بالرفدِ
لونُ الياقوت، وقسوته … في الوجنة ِ منها، والكبد
ولها في جيدِ مروَّعة ٍ … حَلْيٌ صاغَتْهُ من الغَيْد
نَقَضَتْ وصلي بتتيُّعها … بالهجرِ، ونومي بالسّهد
وأصابَ السودَ سهامُ البيـ … ـضِ بِبَيْنِ البيض وبالنكد
عَجَبِي لإصابة ِ مُرْسَلِها … منْ جوفِ ضلوعي في الخلدِ
يا نارَ نشاطي أين سنا … كِ وأينَ لظاكِ بمفتأدي
زندي ولدتك، وقد عقمتْ … عن حمل السِّقْطِ، فلم تلد
أحييتِ بذكري مَيْتَ صباً … أبكيه مسايَرة الأبَدِ
وطلبتِ الضدّ لأوجِدَهُ … وجموحي في الصدّ فلم أجد
ولو أنَّ كريماً تَفْقَدُهُ … يُفدى بالنفس إذنْ لَفُدي
أذهبتُ الحزن بمُذهَبَة ٍ … وبها ذهبتُ لجينَ يدي
ولقد نادَمْتُ ندامى الرّا … ح بمطّرفي وبمتلدي
بمعتّقَة ٍ قَدُمَتْ فأتَتْ … للشربِ بلذّاتٍ جُددِ
سُبِيتْ بسيوفٍ من ذهب … من أهل السبت أو الأحد
وإذا ما عُدّ لها عٌمرٌ … ملأتْ كفيّكَ من العدد
يطفو في الكاس لها حَبَبٌ … كصغارِ مساميرِ السّرد
وإذا ما غاص الماءُ بها … في النّار تردّت بالزبد
ونفيتُ الهمَّ ببنت الكر … م ونقرِ العود، فلم يعدِ
ولبثتُ مُشَنَّفَة ً أذني … بترنم ذي النغمِ الغرد
فالآن صددتُ كذي حَذَرٍ … عن وردِ اللهو فلم أردِ
وطردتُ منامَ الغيِّ عن الـ … أجفان بإيقاظِ الرّشدِ
ونقضتُ عهود الشرب فلا … ودّ أصفيه لأهل ددِ
لا أشرب ما أنا واصفه … فكأني بينهم قعدي
ونقلتُ بعزمي من بلدٍ … قدمَ الإسراء إلى بلدِ
في بطنِ الفلك مصارعة ً … زَمَنِي، وعلى ظهْرِ الأُجُد
ووجدتُ الدِّينَ له حسناً … سنداً فلجأت إلى السند
صَمَدَ اللاجونَ إلى مَلِكٍ … منصورٍ بالأحَدِ الصّمد
كالشمسِ سناها مُقْتَرِبٌ … وذراها منك على بُعُد
وإذا ما آنسَ منه سناً … مَنْ ضَلّ بجنح الليل هُدي
خُصّتْ بنوالٍ شيمتُهُ … عَجلٍ، وكلامٍ متئدِ
لا وعدَ له بالجود ومنْ … يبدأ بعطاءٍ لا يعدِ
وبِنِيّة ِ شهمٍ مُنْتَصِرٍ … لله جميلُ المُعْتَقَدِ
فيصونُ العِرْضَ بما بَذَلَتْ … للوفد يداه من الصّفدِ
ويسدّ الثغرَ، وسيرتُه … تجري في الملك على سَدَد
ويسلّ ظُباه بكلّ وغى ً … ويسيلُ نداهُ بكلّ يد
وتريك اليومَ بصيرته … ما يُخفى عنك ضميرُ غدِ
ولهُ هممٌ تبني رُتباً … خُصّتْ بعلاءٍ منفرد
إلهامَ الدين وحاميَهُ … قَوّمِ بُسطاك ذوي الأوَد
فُتّ السُّبَّاقَ بما كَحَلُوا … بغبارك عيناً في الأمدِ
والريحُ وراءَك عائرة ٌ … في الأيْنِ تُكَبّ وفي النُّجُد
نَصْرٌ أُيّدْتَ به ظَفَرا … والساعد ينجدُ بالعضد
يا غيثَ المحلِ بلا كذبٍ … وشجاعَ الحربِ بلا فَنَد
لحظاتُ أناتِكَ جانِبُهَا … أرْسَى في غيظك من أُحُد
ولواؤك تقدمُ هيبتهُ … بعديدٍ يُلبِكُ في العدد
وكأنَّ عَدُوّكَ، خافِقُهُ … بجناح فؤاد مرتعدِ
إن كنتُ قصَرْتُ مُحَبَّرة ً … تسهيم المحكم ذي الجُددِ
فالعذْبُ يَجِلّ بقلَّته … وعليه عماد المعتمدِ
وأجاجُ الماء بكثرته … لا ريّ به لغليل صد
والشِّعر أجدتُ بمعرفتي … تأنيسَ غرائبه الشُّرُد
لو شئتُ لقلتُ لقافية ٍ … في الوزن تخبّ إليك: خِدي
بصقيلِ اللفظِ مُنَقَّحِهِ … لا سمع يمرّ به بِصَدِ
لا زيف به فيريك قذى ً … في عَيْنِ بصيرة ِ منتقد
لا يسمعُ فيه مستمعٌ … زفرات أسى ً كالمفتقد
فصفيرُ البلبل مطّرحٌ … في الأيْكِ له صوتُ الصُّرَد
تستحسنُ عودة َ منشده … وتقولُ إذا ما زاد: زِدِ
فبغامُ الرئم حلاوته … وجزالتُه زَأرُ الأسد
وبذلة ِ أهلِ السبت قَضَى … ويذلّ له أهلُ الأحدِ
فانصرْ وافخرْ وأدِرْ وأشِرْ … وأبرْ وأجرْ وأغرْ وسُدِ