شمل الهدى والملك عم شتاته … والدهر ساء وأقلعت حسناته
أين الذي مذ لم يزل مخشية … مرجوة رهباته وهباته
أين الذي كانت له طاعاتنا … مبذولة ولربه طاعاته
بالله أين الناصر الملك الذي … لله خالصة صفت نياته
أين الذي ما زال سلطانا لنا … يرجى نداه وتتقى سطواته
أين الذي شرف الزمان بفضله … وسمت على الفضلاء تشريفاته
أين الذي عنت الفرنج لبأسه … ذلا ومنها أدركت ثاراته
أغلال أعناق العدا أسيافه … أطواق أجياد الورى مناته
لم يجد تدبير الطبيب وكم وكم … أجدت لطب الدهر تدبيراته
من في الجهاد صفاحه ما أغمدت … بالنصر حتى أغمدت صفحاته
من في صدور الكفر صدر قناته … حتى توارت بالصياح قناته
لذ المتاعب في الجهاد ولم تكن … مذ عاش قط لذاته لذاته
مسعودة غدواته محمودة … روحاته ميمونة ضحواته
في نصرة الإسلام يسهر دائما … ليطول في روض الجنان سنانه
لا تحسبوه مات شخص واحد … فممات كل العالمين مماته
ملك عن الإسلام كان محاميا … أبدا إذا ما أسلمته حماته
قد أظلمت مذ غاب عنا دوره … لما خلت من بدره داراته
دفن السماح فليس تنشر بعدما … أودى إلى يوم النشور رفاته
الدين بعد أبي المظفر يوسف … أقوت قراه وأقفرت ساحاته
جبل تضعضع من تضعضع ركنه … أركاننا وتهدنا هداته
ما كنت أعلم أن طودا شامخا … يهوي ولا تهوي بنا مهواته
ما كنت أعلم أن بحرا طاميا … فينا يطم وتنتهي زخراته
بحر خلا من وارديه ولم تزل … محفوفة بوفوده حافاته
من لليتامى والأرامل راحم … متعطف مفضوضة صدقاته
لو كان في عصر النبي لأنزلت … في ذكره من ذكره آياته
فعلى صلاح الدين يوسف دائما … رضوان رب العرش بل صلواته
لضريحه سقيا السحاب فإن يغب … تحضر لرحمة ربه سقيانه
وكعادة البيت المقدس يحزن البيت … الحرام عليه بل عرفاته
من للثغور وقد عداها حفظه … من للجهاد ولم تعد عاداته
بكت الصوارم والصواهل إذ خلت … من سلها وركوبها غزواته
وبسيفه صدأ لحزن مصابه … إذ ليس يشفى بعده صدياته
يا وحشتا للبيض في أغمادها … لا تنتضيها للوغى عزماته
يا وحشة الإسلام يوم تمكنت … في كل قلب مؤمن روعاته
يا حسرتا من بأس راحته الذي … يقضى الزمان وما انقضت حسراته
ملأت مهابته البلاد فإنه … أسد وإن بلاده غاباته
ما كان أسرع عصره لما انقضى … فكأنما سنواته ساعاته
لم أنس يوم السبت وهو لما به … يبدي السبات وقد بدت غشياته
والبشر منه تبلجت أنواره … والوجه منه تلألأت سبحاته
ويقول لله المهيمن حكمة … في مرضة حصلت بها مرضاته
وقف الملوك على انتظار ركوبه … لهم ففيم تأخرت ركباته
كانوا وقوفا أمس تحت ركابه … واليوم هم حول السرير مشاته
وممالك الآفاق ساعية له … فمتى تجيء يفتحهن سعاته
هذي مناشير الممالك تقتضي … توقيعه فيها فأين دواته
قد كان وعدك في الربيع بجمعها … هذا الربيع وقد دنا ميقاته
والجند في الديوان جدد عرضه … وإذا أمرت تجددت نفقاته
والقدس طامحة إليك عيونه … عجل فقد طمحت إليه عداته
والغرب منتظر طلوعك نحوه … حتى تفيء إلى هداك بغاته
والشرق يرجو غرب عزمك ماضيا … في ملكه حتى تطيع عصاته
مغرى بإسداء الجميل كأنما … فرضت عليه كالصلاة صلاته
هل للملوك مضاؤه في موقف … شدت على أعدائه شداته
وإذا الملوك سعوا وقصر سعيهم … رجحت وقد نجحت به مسعاته
كم جاءه التوفيق في وقعاته … من كان بالتوفيق توقيعاته
يا راعيا للدين حين تمكنت … منه الذئاب وأسلمته رعاته
ما كان ضرك لو أقمت مراعيا … دينا تولى مذ رحلت ولاته
أضجرت منا أم أنفت فلم تكن … ممن تصاب لشدة ضجراته
أرضيت تحت الأرض يا من لم يزل … فوق السماء علية درجاته
فارقت ملكا غير باق متعبا … ووصلت ملكا باقيا راحاته
أعزز على عيني برؤية بهجة الدنيا … ووجهك لا ترى بهجاته
أبني صلاح الدين إن أباكم … ما زال يأبى ما الكرام أباته
لا تقتدوا إلا بسنة فضله … لتطيب في مهد النعيم سناته
وردوا موارد عدله وسماحه … لترد عن نهج الشمات شماته
ولئن هوى جبل لقد بنيت لنا … ببنيه من هضباته ذرواته
وبفضل أفضله وعز عزيره … وظهور ظاهره لنا سرواته
الأفضل الملك الذي ظهرت على الدنيا … بزهر جلاله جلواته
والدين بالملك العزيز عماده … عثمان حالية لنا حالاته
والملك غازي الظاهر العالي الذي … صحت لإظهار العلى مغزاته
ولنا بسيف الدين أظهر نصره … بالعادل الملك المطهر ذاته