سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا … وقضى من حقِّها ما وجبا
أربعٌ لولا تباريحُ الهوى … ما جَرى دَمعُك فيها صَببَا
وجدت فيها السوافي ملعباً … للنّوى فاتَخَذَتْها ملعبا
مال قينا بوقوف الركب في … ساحة النعمان إلاّ نصبا
ذكر البُّ وهل ينسى بها … زمنَ اللهو وأيّام الصّبا
يا رعى الله بها لي قمراً … مُشْرِقَ الطلعة لكنْ غربا
أمنى ً في أهل منى ً … وقباب الحيّ في وادي قبا
فلقد كنتُ وكانتْ فتية ٌ … أنجمَ الأفق وأزهار الربا
ذهب الدهر بهم فامتزجت … فضة الأدمع فيهم ذهبا
يا خَليلَيَّ وهلاّ شِمْتُما … بارقاً لاح لعيني وخبا
فتوارى كفؤادي لهباً … ثم أورى زنده والتهبا
لعبَ الشوق بأحشائي وما … جَدَّ جِدُّ الوَجْد حتى لعبا
فانشدنْ لي في الحمى قلباً فقد … ضاع مني في الحمى أو غُصبا
نظرت عيناي أسرابَ المها … نظرة ً كانت لحَيْني سببا
يومَ أصبتنا إلى دين الهوى … فتعلَّلنا بأرواح الصَّبا
وعدونا زورة الطّيف أما … آنَ ميعادهمُ واقتربا
أربُ النفس وحاجات إمرئٍ … ما قضى منهم لعمري أربا
قَضَتِ الأيام فيما بيننا … إنّنا لم نلقَ يوماً طربا
وهبَ الدهر لنا لذّته … واسترد الدهر ما قد وهبا
ومنعنا من أفاويق الطلا … منهلاً كان لنا مستعذبا
فحدا الحادي لسقيا عهدكم … عارضاً إنْ ساقه البرق كبا
مقلة ُ الوالع يذري دمعها … وبكى القطر لها وانتحبا
أمر القلب بصبرٍ فقضى … ودعا الصَّبرَ إليها فأبى
قلَّما يدعى فيقضي حاجة ً … وإذا ما انتدبوه انتدبا
والليالي فَلَكٌ يظهر في … كلِّ يوم عجباً مستغرباً
وكآفاق العلى ما أطْلَعَتْ … كشهاب الدين فينا كوكبا
فتأمَّل في معاني ذاته … وتفكّر فَتَحدَّثْ عجبا
هيبة لله في مطلعه … ملأتْ قلب الأعادي رعبا
يُرتجى جوداً ويُخشى سطوة … رغباً يرجى ويخشى رهبا
عالم الدنيا وناهيك به … لا يشوبُ العلم إلاّ أدبا
معربٌ عن فكره الثاقب إنْ … زفَّ أبكار المعاني عربا
كم تجلَّت فجلتْ أفكاره … عن سنا كلّ عويص غيهبا
فأرتنا الحقّ يبدو واضحاً … بعد أنْ قاربَ أنْ يحتجبا
بلسانٍ يفصلُ الأمر به … كَشَبا الصّمصام أو أمضى شبا
فخُذِ اللْؤلُؤَ من ألفاظِهِ … واجتنِ إنْ شئتَ منها ضربا
وفكاهاتٍ إذا أوْرَدها … نُظمَتْ فوق الحمّيا حببا
وكمالات له معجزة … وأحاديثاً رواها نخبا
أينَ من أقلامه سمر القنا … أينَ من همته بيض الظبا
وكلامُ راق في السمع كما … قد يروقُ العينَ فيما كتبا
علويٌّ من أعالي هاشم … هاشم الجود ويكفي نسبا
صاغه الله لقومٍ أرباً … ولقوم حسدوه عطبا
لا يزال الدهرَ يَعلو جَدّه … مرتقيها في المعالي رتبا
فإذا بُوحثَ بالجدّ علا … وإذا غولبَ فيه غَلَبا
أبلجٌ تحسبه بدرَ الدجى … أو بأضواءِ الصّباح آنتقبا
ديمة ٌ منهلَّة ِ ما شمتُ في … بارق الآمال منها خلّبا
ولئنْ أصبَحَ روضي ممحلا … فكم أخضرَّ به وأعشوشبا
يهنِكَ العيدُ فخذ من لائذٍ … بكم ماكنتُ له مستوجبا
شاكراً منك العيد يداً … لم أُفاخر بسواها السُّحبا
فتفضَّلْ يا کبن بنتِ المصطفى … أشرفَ العالمِ أمّاً وأبا