سَئِمتُ مُقامي في الغبينة ِ مُغْمَدا … يراوحني فيها الملامُ كما غَدا
ألا إنّ جارَ الذلَّ من بات يتقي … سناناً طريراً أوْ حساماً مهنداً
و ما خفية ُ الإنسان إلاّ غباوة ٌ … وخوفُ الرَّدى للمرءِ شرٌّ منَ الرَّدى
تركتُ الهويني للردى َّ وإنني … إذا غار مغترٌّ بها كنتُ منجدا
و أي مرادٍ لم أنلهُ بعزة ٍ ؟ … فأنفسُ حظي منه أنْ يتبعدا
و ما شعفي بالحرب إلاّ لأنني … أرى السيفَ أهدى والكريهة أقصَدا
سقى اللهُ قلبي ما أعَفَّ عنِ الهوى … و أقسى على نأي الحببِ وأجلدا
و إني متى ضنَّ الصديقُ بقربهِ … أكنْ منه أسخَى بالبِعادِ وأجْوَدا
أرَى الهمَّ يرميني إلى كلِّ غاية ٍ … ومَن لي بأَنْ ترضَى هموميَ مَقصَدا؟
لَعَلِّيَ أنْ ألقَى مِنَ النّاسِ واحدًا … يكون على حرَّ المطالبِ مسعدا
وهيهاتَ، أعيا العزُّ كلَّ مُغامرٍ … و أفنى على الدنيا مسوداً وسيدا
إذا اللهُ لم يُدنِ الفتى مِن مُرادِهِ … فما زاده الإقدامُ إلاّ تبعدا
وسرٍّ حجبتُ النّاسَ عنه كأنّما … قذفتُ به في لجة البحر جلمدا
وداريتُ عنه صاحبي وهْوَ دائبٌ … ينازعهُ عرضُ الحديثِ إذا بدا
عذوليَ ما أخشى جناية َ كاشحٍ … إذا الحزمُ واراني خَفيتُ عنِ العِدَى
لحا اللهُ هذا الدَّهرَ تأتي حظوظَهُ … خطاءَ ويغشى ضيمه متعمدا
إذا نلتُ منه اليومَ حالاً حميدة ً … أبى فتقاضاني ارتجاعتَها غَدا
تنقلنا الأيامُ عن كلَّ عادة ٍ … و تبدلنا من موردِ العيشِ موردا
ولو كنتُ موفورَ الحياة ِ منَ الأذى … على نبواتِ الدهرِ كنتُ مخلدا
وهوَّنَ ما ألقَى منَ الدَّهرِ أنَّهُ … تَعمَّدني بالغدر فيمنْ تعمَّدا
و ليستْ حياة ُ المرءِ إلاَّ شرارة ً … و لا بدّ يوماً أنْ تناهى فتخمدا
أما ووجيفِ العيسِ تنضو شفاهها … لغاماً تحلاهُ الأزمة ُ مزبدا
ونهضة ِ أبناءِ اللّقاءِ لخُطَّة ٍ … تجرُّ مماتاً أو تقلدُ سؤددا
لقد ألصقتني ” بالحسين ” خلائقٌ … أعدنَ قديمَ المجدِ غضاً مجددا
هو المرءُ إنْ قلَّ التقدم مقدمٌ … وإِنْ عزَّ زادٌ في العشيرة ِ زوَّدا
أبيٌّ على قولِ العوازلِ سمعهُ … إذا أعرضوا دون الحفيظة ِ والندا
وأرْوَعَ من آل النبيِّ إذا انتمى … أصابَ علياً والداً ومحمدا
” كرامٌ ” سعوا للمجد من كلَّ وجهة ٍ … كما بسطوا في كلّ مكرمة ٍ يدا
و ما فيهمُ إلاَّ فتى ما تلبستْ … بهِ الحربُ إلاّ كان عَضْبًا مجرَّدا
وقاؤُك من صَرْفِ الرَّدى كلُّ ناكلٍ … إذا صَدمَتْهُ النّائباتُ تَبَلَّدا
جَريءٌ إذا ما الأمنُ أَخلى جَنانَه … فإنْ رابه ريبٌ تولى وعردا
وأنتَ الّذي لا يثلمُ الرُّعبُ شدَّه … و قد لفتِ الخيلُ السوادَ المشردا
و كنتَ متى لاذتْ بنصرك بلدة ٌ … ضممتَ إليها قطرة َ أسحمَ أربدا
رجالاً كأمثال الأسنة ِ ” ركزا ” … وخيلاً كأمثالِ الأعنَّة ِ شُرَّدا
ولا أمنَ إلاّ أنْ تُرَدَّ صدورُها … منَ الطَّعنِ يسحَبْنَ القَنا المتقصِّدا
طوالعَ من ليلِ العجاجِ كأنَّما … زَحَمْن الدُّجَى عنهنَّ حتّى تقدَّدا
وقد سلبَ الإقدامُ لونَ جُلودها … وأَلْبسَها بالطَّعن ثوبًا مورَّدا
و يومٍ طردتَ العدمَ عنه كأنما … طردتَ به جُندًا عليك مجنَّدا
ولم تُلقَ إلاّ باسطًا مِن يمينهِ … ببذلِ الندى أو ضارباً فيه موعدا
هنيئاً لك العيدُ المخلفُ سعدهُ … عليك منَ النَّعماءِ ظِلاًّ مُمدَّدا
ولا زلتَ فيه بالغاً كلَّ إِرْبَة ٍ … و لا زال مكروراً عليك مرددا
تهُبُّ رياحُ الجوِّ حولكَ كلُّها … نَسيمًا ويطلُعْنَ الكواكبُ أَسْعُدا