خذْ فرصة َ اللذاتِ قبلَ فواتِها، … وإذا دعتكَ إلى المدامِ، فواتهَا
وإذا ذكَرتَ التّائبينَ عنِ الطِّلا … لا تَنسَ حَسرَتَهم على أوقاتِها
يَرنُونَ بالألحاظِ شَزراً كُلّما … صبغتْ أشعتُها أكفَّ سقاتِها
كأسٌ كَساها النّورُ لمّا أن بدا … مِصباحُ جِرمِ الرّاحِ في مِشكاتِها
صفْها إذا جليتْ بأحسنِ وصفِها … كيْ نُشرِكَ الأسماعَ في لَذّاتِها
لولا التذاذُ السامعينَ بذكرِها … لَغَنيتَ عن أسمائِها بسِماتِها
وإذا سَمِعتَ بأنَّ، قِدماً، مُظهِراً … عنها النِّفارَ، فتلكَ من آياتِها
ذَنبٌ، إذا عُدّ الذّنوبُ رأيتَهُ … من حُسنِهِ كالخالِ في وَجَناتِها
راحٌ حكَتْ ثَغَر الحَبيبِ وخَدَّه … بحَبابِها، وصَفائِها، وصِفاتِها
فكأنّما في الكاسِ قابَلَ صفوُها … ثغرَ الحبيبِ، ولاحَ في مرآتِها
ولئن نهَى عنها المشيبُ، فطالما … نشأتْ ليَ الأفراحُ من نشواتها
والقُضبُ دانيَة ٌ عليّ ظِلالُها، … والزهرُ تاجاتٌ على هاماتِها
والماءُ يخفي في التدفقِ صوتهُ، … والورقُ تسجعُ باختلافِ لغاتِها
ولقد ترَكتُ وِصالَها عن قُدرَة ٍ، … وزجرتُ داعي النّفس عن شُبُهاتِها
لم أشكُ جَورَ الحادِثاتِ، ولم أقلْ: … حالتْ بيَ الأيامُ عن حالاتِها
ما لي أعدُّ لها مساوىء َ جمّة ً، … والصالحُ السلطانُ من حسناتِها
رَبُّ العَفافِ المَحضِ والنّفسِ التي … غَلبتْ مروءتُهَا على شَهَواتِها
مَلَكيّة ٌ فلَكيّة ٌ يَسمُو بهَا … كَرَمٌ ترَنّحَ كُنهُهُ في ذاتِها
تحتالُ في العُذرِ الجَميلِ لوَفدِها … كرَماً، ولكن بعدَ بَذلِ هِباتِها
سبقتْ مواهبهُ السؤالَ، فما له … عدة ٌ مؤجلة ٌ إلى ميقاتِها
مَلِكٌ تُقِرُّ لهُ المُلوكُ بأنّهُ … إنسانُ أعيُنِها وعينُ حيَاتِها
لو لم يَنُطْ بالبِشرِ هَيبَة َ وجهِهِ … ذهلتْ بنور الآمالِ عن حاجاتِها
يعطي الألوفَ لوافديهِ براحة ٍ … تَثني يَدَ الأيّامِ عن سطَواتِها
فكأنّما قتلَ الحَوادثَ دونَها … وغدا يؤدّي للعفاة ِ دياتِها
من فتية ٍ راضَ الوقارُ نفوسَها، … فبدا سكونُ الحلمِ في حركاتِها
لو أَمَّها يومَ القِيامة ِ طالِبٌ … نقَلَتْ إلى ميزانِهِ حَسنَاتِها
في كفّهِ القلمُ الذي خضعتْ له … بيضُ الصفاحِ وفلّ حدُّ شباتَها
وسطا على الأرماحِ، وهوَ ربيبُها … وأليفُها في الغابِ عندَ نباتِها
قلمٌ فرَى كبدَ الأسودِ، وما رَعى … حقَّ الجِوارِ لهنّ في أجّماتِها
ما شاهدَ الأملاكُ مجة َ ريقهِ، … إلاّ وجفّ الريقُ في لهواتِها
يا أيّها الملكُ الذي سطواتُهُ … حَلَمَتْ بها الأعداءُ في يَقظاتِها
إن كنتَ من بعضِ الأنامِ فإنّما … غررُ الجيادِ تعدُّ بعضُ شياتِها
شهِدَتْ لراحتِكَ السّحائبُ أنّها … ريُّ البسيطة ِ، وهيَ من ضراتِها
فالنّاسُ تَدعوها مَفاتحَ رزِقها، … وتعدُّها الأموالُ من آفاتِها
شتتَّ شملَ المالِ بعدَ وفورهِ، … وجمعتَ شملَ الناسِ بعدَ شتاتِها
فظهرتَ بالعدلِ الذي أمسَى بهِ … في البيدِ يخشَى ذيبُها من شاتِها
تُبدي ابتِساماً للعُداة ِ، وراءَهُ … رأيٌ ينكسُ في الوغى راياتها
كالسُّمرِ تُبدي للنّواظرِ مَنظَراً … متألقاً، والموتُ في شفراتِها
وكتيبَة ٍ تَختالُ في أجَمِ القَنا … كالأُسدِ تَسري، وهيَ في غاباتِها
سِيّانِ ما تحوي السّروجُ وما حوَتْ … أيدي الفَوارسِ من سَرِ يحيّاتِها
أرسلتَ فيها للرماحِ أراقِماً … لسَبَتْ قلوبَ حُماتِها بحُماتِها
جشّمتَها جُرداً، إذا رُمتَ العُلى … أرسلتَها، فجرَتْ إلى غاياتِها
ما بينَ عَينَيها الأسِنّة ُ طُلّعٌ، … فكأنّها غررٌ على جبهاتِها
سدتْ حوافرُها الفضاءَ بعثيرٍ، … غنيتْ بهِ العقبانُ عن وكناتِها
صافَحتَ هاماتِ العِدى بصَفائحٍ … دَبّتْ نِمالُ المَوتِ في صَفَحاتِها
حتى أعَدتَ بها الجيادَ وشُهبُها … حمرٌ لوخزِ السمرِ في لباتِها
وجعلتَ أشلاءَ الكماة ِ كأنّما … ذخرَتْ لقُوتِ الوحشِ في فلَواتِها
ضمنتْ بها قوتَ الوحوشِ فأصبحتْ … عند العريكة ِ، وهيَ من أقواتِها
يا حاملَ الأثقالِ، وهيَ شَدائِدٌ، … والخائضَ الأهوالِ من غمَراتِها
ومفرجَ الكربِ التي لو صافحتْ … شُمَّ الجِبالِ لزَلزَلَتْ هَضباتِها
قد كادَ يُغرِقُ بحرُ نائلكَ الوَرى ، … فجعَلتَ سرّ الجُودِ سُفنَ نَجاتِها
فاسعَدْ بعيدٍ أنتُمُ عيدٌ لهُ، … ومواسمٍ بكمُ هنا ميقاتِها
فِطرٌ فطَرْتَ بيُمنِهِ كَبِدَ العِدى ، … فشغلتَ أنفُسَها بها عن ذاتِها
ووصلتَ فيه العاكفينِ على التّقى ، … فشَرِكتَها في صَومِها وصَلاتِها
فاستَجلِها من حُورِ حِلّة ِ بابِلٍ، … فلذاكَ تبدي السحرَ من نفثاتِها
ظَمآنَة ٌ للقاكَ، وهيَ رويَّة ٌ، … ببَدائعٍ تَروي غليلَ رُواتِها
… من قربش حضرتكم على عادتِها
تَستَنجزُ الوعدَ الشّريفَ لرَيّها … لتروعَ قلبَ عداتِها بعداتِها
هذي كنوزُ الشكرِ وافرة ٌ لكُم، … فاجعلْ نجازَ الوعدِ بعضَ زكاتِها