جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ … واسقنيها في لجين الكأس عسجد
وخذ اليوم بها لذّتنا … وأعدِها يا نديمي لي في غد
لو رآه تائبٌ من ذنبه … كلُّ فرد منهم بالفضل مفرد
نظمت شملهم كأسُ الطلا … فهو كالعقد وكالدر المنضد
برز الروض بأبهى هيبة … فتهيا للسرور اليوم واعتد
ولقد جرّد من عمد الدجى … صارم الفجر عياناً فتجدد
وبقايا غلس أبصرتها … ما تبقّى من دخان العود والغد
نبّه الورقاء حتى نبّهت … للحيَّما أعيناً للشرب هجد
أطربتنا الورق في ألحانها … يا فدتها في الغواني أمُّ معبد
في رياض نضرات أنبتت … ورق الياقوت من قضب الزبرجد
ولكم عدنا إلى أمثالها … بعد حين فوجدنا العود أحمد
وشهدنا مشهد الأنس بها … وقعدنا للهوى كل مقعد
وقضينا عجباً من روضة … شرب الغصن فما للطير عربد
ومدير الكاس في أرجائها … قمر يبدو وغصن يتأود
إنَّ أشهى الراح ما تأخذه … من يدي ساق الخدّ أمرد
خلت ما في يده في خدّه … فسواءٌ بين ما في اليد والخد
بابليّ الطرف حلويّ اللمى … ليّن الجانب قاسي القلب جلمد
ألعسٌ مذ بردت ريقته … أورثتنا نار شوق تتوقد
فشربنا خدّه من يده … واقتطفنا منه غصن الآس والورد
واتخذناه وإن يأبَ التقى … صنماً لكنه للحسن يعبد
يبعث الوجد إلى كلّ حشا … لخليٍّ من هواه حيث لا وجد
… قد تبدّى وهو مثل البدر لا رتد
جحدت أعينه سفك دمي … وعليه حدُّه في الوجه يشهد
لست أدري أيّما أمضى شباً … في فؤادي ذلك الطرف أم القد
إنَّ هاروت وماروت لقد … أخذا عنه حديث السحر مسند
ليّن الأعطاف حتّى إنّه … كاد من شدة ذاك اللين يعقد
يا له من مطرب يعجبني … غزلي فيه ومدحي لمحمد
ذي يدٍ طولى فشكراً ليد … من عريق في المعالي الغر ذي يد
ضمَّ برداه تقيّاً ماجداً … وجد التقوى مزاداً فتزود
قد نظرنا جِدَّه أو جَدَّه … فنظرنا بالعلى ما يصنع الجد
يقتفي آثار آباءٍ له … أثر المجد اقتفى عنهم وقلّد
وعلى ما عوَّدت آباؤه … عوَّدته من قديم فتعوَّد
ولكم حلَّ بهم من مشكل … وهم إذا ذاك أهل الحل والعقد
رفعت آثاره أعلامهم … فبنى بي معاليهم وشيّد
ماجدٌ يعلو على أقرانه … وقد احتلّ رعان العز والمجد
قصدتْ وفّاده إحسانه … قلَّ من يرجى لإحسان ويقصد
غير بدع إن تحرَّينا له … مكرمات من كريم الأب والجد
علماءٌ عملوا في عِلْمهم … مهَّدوا الدين من المهد إلى اللحد
… لاح للعالم مثل العلم الفرد
فإذا أفسد حالاً زمنٌ … أصلحت ما أقصد الدهر وأفسد
وأمدَّتني يداه بالندى … وكذاك البحر يوم الجزر والمد
إذ حللنا نادياً حلّ به … لم نحل إلا بغاب الأسَد الورد
وإلى ناديه في يوم الندى … أدبٌ يجبى ومال يتبدد
عارض من فضله ممطرنا … لا كما العارض إنْ أبرقَ أرعد
لا أزال الله عن أبصارنا … طالعاً منه يزيل النحس بالسعد
فلك الأيدي على طول المدى … أبداً بيضٌ بجنح الخطب أسود
فتولَّ من ثنائي مدحة ً … أيُّها المولى فقد لاذ بك العبد
قد مضى صياماً وتقى ً … فابقَ واسلم دائم العزّ مخلد
وکهنا بالعيد فقد عاد بما … تشهيه أنت من عزٍّ وسؤدد
لستُ أدري أؤهَنيكَ به … أمْ أُهني بك في إكرامك الوفد
وجزاك الله عني خير ما … جُوزيَ المنعِمُ بالشكران والحمد