تَظلَّمَ شِعري إلى القاسم … فأعْدَى على الزمنِ الغاشمِ
تطوَّلَ حتى توهمتُهُ … يُطاولُ بدْرَ بني هاشم
ونوَّلَ حتى لقد خِلُتهُ … يُساجلُ فيَّ أبا القاسم
فتًى نال عافُوهُ مَرْضاتَهُمْ … فجلَّ على مَرْغمِ الراغم
نُطيفُ ببَحْرٍ لهُ زاخرٍ … ونأوِي إلى جبلٍ عاصم
بناهُ الإله لنا مَعْقِلاً … بناءَ المُخلِّدِ لا الهادم
هو الدهر مُصْغٍ إلى سائلٍ … وليسَ بِمُصْغٍ إلى لائم
تظلُّ يداه يديْ غارمٍ … وبَهْجَتُهُ بهجة َ الغانم
وما غارمٌ حَصَّلَتْ كفُّهُ … له الحمدَ والأجرَ بالغارم
وما تستفيقُ يدا قاسمٍ … كأنَّ يديْهِ يدا عائم
يحاذر إنْ وَنَتَا طَرْفة ً … حذارَ امرىء ٍ حازمٍ عازمِ
ويرهب أحدوثة َ الباخلي … نَ في أزمة ِ الزَمنِ الآزم
ومَنْ كفَّ مِنْ زَمنٍ عارمٍ … تسلَّمَ مِنْ زَمنٍ عارمِ
وليستْ بسيِّدِنا خُلَّة ٌ … تُخَوِّفُهُ العَذْمَ من عاذم
لقد نَصَّهُ اللَّهُ في مَنْصبٍ … سليمٍ من الذامِ والذائم
فلا عيبَ فيه سوى نائلٍ … يراهُ المُنَوِّلُ كالحام
يظلُّ يرى حقَّهُ باطلاً … أطافَ خيالاً على نائم
فلا انْفَكَّ تالِفَ أموالهِ … وقاءً على عِرْضِهِ السالم
ولا زال غيثاً على سائلٍ … مُحِقٍّ وغيظاً على ناقم
فما تاجرٌ باعهُ حَمْدَهُ … بِمُحتقبٍ حَسْرَة َ النادم
وإني وقدْ آب لا خائباً … ولا حاملاً ثقَلَ الآثم
فلا يتوهَّمْ أخو شُبْهة ٍ … فلمْ يَبْقَ وهْمٌ على واهم
عجبتُ لمَنْ حَزْمُهُ حزمُهُ … تكونُ يداه يدَيْ حاتم
عجبْتُ لمن جودُهُ جودُهُ … تكونُ له عُقدة ُ الحارمِ
عجبتُ لِمَنْ حِلمُهُ حلمُهُ … تكونُ له صَوْلة ُ الصّارم
عجبت لمن حَدُّهُ حَدُّه … تكون له رأفة ُ الراحم
أرى كلَّ ضِدٍّ إلى ضِدِّهِ … من الخير في طبعه السالم
إليكمْ جُفاة َ العلى إنَّني … دُفعْتُ إلى مُفضلٍ عالم
يُضيء بيوم لهُ شامسٍ … ويسقي بيومٍ له غائمٍ
يقولُ فيروِي صدَى جاهلٍ … ويُعطي فيروي صدى حائم
قراني قِرَى غيرَ ما عاتم … وليس قِرَى السَّمحِ بالعاتم
قراني لُهًى وقراني نُهى ً … فلستُ لرِفدَيْنِ بالعادم
فما لمديحي من خاتمٍ … وما لعطاياه من خاتم
فتًى لا يُذَمُّ بجودِ المُضِي … عِ كلاَّ ولا بخلِ النادم
ألا أجرِ مدحكَ في قاسم … فما لحروفِكَ من جازم
أمُسْتَكْتِمِي قاسمٌ عُرْفَهُ … أبيْتُ على المُحْسِنِ الظالم
كريمٌ أسرَّ إليَّ الغِنى … وما أنا للْعُرْفِ بالكاتم
وهَبْني كتْمتُ أتخفى له … بروقُ نداه على الشائم
ووسْمُ اليسارِ على موسرٍ … وسِيما النعيمِ على ناعم
أقاسِمُ ياقاسمَ المُنْفسا … تِ لا زلتَ في جَذلٍ دائم
مدحتك مدحة لا باخسٍ … ثناءَكَ حقّاً ولا زاعم
فساجلتُ شيْخَ بني تَغلبٍ … وساجلتُ شيخَ بني دارم
أُجَهِّزُ فيك جميلَ الثنا … إلى حافظٍ وإلى آقم
وحسبي معانيكَ من جَوْهرٍ … وحسبُكَ عبْدُكَ مِنْ ناظمِ
ولم أر مثلكَ مِنْ سيِّدٍ … وكم لك مِثْليَ من خادمِ
فلا زلتَ غيثاً على سائلٍ … ولا زلتَ غيظاً على راغم
وإن كنتَ أعقبتني جفوة ً … وما أنا والله بالجارم
وراعيتَ غيري وأغفلتني … خلافاً لميزانِكَ القائم
وليستْ بحاليَ من مُسْكة ٍ … وإن جَمْجَمَتْ سكتة ُ الكاظم
أبى ذاك أنكُمُ مُعْشَرٌ … مناعيشُللرازحِ الرازم
وأنْ ليس للداءِ داءِ الفقي … رِ غيرُكُمُ الدهرَ من حاسمِ
ومن تُسْلِموهُ لأيّامِهِ … ففي شظفِ لازبٍ لازم
أمِنْ بَعْدِ منزلة المُطْعِمي … نَ أعْدِمْتُ منزلة َ الطاعم
أمْنْ بَعْدِ منعي حريمَ المَضِي … مِ أسلمتموني إلى الضائم
فلانتْ قناتي للغامزي … نَ وارْفَتَّ عُوديَ للعاجم
أَلَمْ أك في أُفقٍ مُسْفِرٍ … فماليَ في أُفقٍ قاتم
ألمْ أكُ جذلان في ظلكم … فماليَ في مَقْعَد الواجم
إلى عدلكَ المُشْتَكَى كُلُّهُ … فحَسْبي بعدْلِكَ من حاكم
وإني لأظلمُ إذْ أشتكي … وعدلُكَ كالكوكبِ الناجم