تَصَدَّتْ وَحَبْلُ البَيْنِ مُسْتَحْصِدٌ شَزْرُ … وقَدْ سَهَّلَ التَّوْدِيعُ ما وَعَّرَ الهَجْرُ
بَكَتْهُ بما أَبْكَتْهُ أيَّامُ صَدْرُها … خليءٌ وما يخلو لهُ من جوى صدرُ
وقالَتْ أَتَنْسى البَدْرَ، قلتُ تَجلُّداً … إذا الشمسُ لم تغرب فلا طلعَ البدرُ
فأبدت جماناً من دموعٍ نظامها … على الصَّدْرِ إِلاَّ أَنَّ صائِغَها الشَّفْرُ
وما الدمعُ ثانٍ عزمتي ولو أنها … سقى خدها من كلّ عينٍ لها نهرُ
جمعتُ شعاعَ الرأيِ ثمَّ وسمتهُ … بحزمٍ لهُ في كلِّ مظلمة ٍ فجرُ
وصارَعْتُ عَنْ مَصْرٍ رَجَائِي ولم يَكُنْ … لِيَصْرَعَ عَزْمي غيرَ ما صرعَتْ مَصْرُ
و طحطت سدّا سدُّ يأجوجَ دونهُ … من الهمِّ لم يفرغ على زبرهِ قطرُ
بِذِعْلِبَة ٍ ألوَى بِوَافِرِ نَحْضِها … فتى ً وافرُ الأخلاقِ ليس لهُ وفرُ
فكَمْ مَهْمَهٍ قَفْرٍ تَعشَّقْتُ مَتْنَهُ … على متنها والبرُّ من آلهِ بحرُ
وما القَقْرُ بالبِيدِ القَواءِ بَل التي … نَبَتْ بي وفيها ساكِنُوها هي القَفْرُ
ومَنْ قامَرَ الأيَّامَ عَنْ ثَمَراِتها … فأحجِ بهِ أن ينجلي ولها القمرُ
فإنْ كانَ ذَنْبي أَنَّ أحسنَ مَطْلَبي … أَساءَ ففي سُوءِ القَضَاءِ ليَ الغُدْرُ
قضاءُ الذي ما زال في يدهِ الغنى … ثَنَى غَرْبَ آمالي وفي يَديَ الفَقْرُ
رضيتُ وهل أرضى إذا كان مسخطي … مِنَ الأمرِ ما فيهِ رِضا مَنْ له الأَمْرُ
فأشجيتُ أيامي بصبرٍ حلونَ لي … عَواقِبَه والصَّبْرُ مِثْلُ اسمِهِ صَبْرُ
أبى لي بحرُ الغوثِ أن أرأمَ التي … أُسبُّ بها والنجرُ يشبههُ النجرُ
وهَلْ خابَ مَنْ جِذْماهُ في ضنءِ طَيىء ٍ … عديِّ العدّيين القلمسُ أو عمرو
لنا غُرَرٌ زَيدِيَّة ٌ أُدَدِيّة ٌ … إذا نجمت ذلّت لها الأنجمُ الزهرُ
لنا جوهرٌ لو خالط الأرضَ أصبحت … و بطنانها منهُ وظهرانها تبرُ
جَدِيلَة َ والغَوْثَ اللَّذينِ إليهما … صَغَتْ أُذُنٌ لِلمَجْدِ ليسَ بَها وَقْرُ
مقاماتُنَا وَقْفٌ على الحِلْمِ والحِجَى … فأمْرَدُنا كَهْلٌ وأَشْيَبُنا حَبْرُ
أَلَّنا الأَكُفَّ بالعَطَاءِ فجَاوَزَتْ … مدى اللينِ الاّ أنَّ أعراضنا صخرُ
كأنَّ عَطَايانا يُناسِبْنَ مَنْ أَتَى … و لا نسبٌ يدنيهِ منا ولا صهرُ
اذا زينة ُ الدنيا من المالِ أعرضت … فأَزيَنُ مِنها عِندنا الحَمْدُ والشُّكْرُ
وُكُورُ اليَتَامَى في السنين فَمَنْ نَبا … بفرخٍ لهُ وكرٌ فنحنُ لهُ وكرُ
أَبَى قَدْرُنا في الجُودِ إلاَّ نَباهة ً … فليس لمالٍ عندنا أبداً قدرُ
ليسحج بجودٍ من أرادَ فإنهُ … عَوَانٌ لهذا النّاسِ وهْوَ لَنَا بِكْرُ
جَرَى حاتِمٌ في حَلْبَة ٍ منه لَوْ جَرَى … بها القَطْرُ شَأْواً قيلَ أيُّهُما القَطْر
فتى ذخرَ الدنيا أناسٌ فلم يزل … لها باذلاً فانْظُرْ لِمَنْ بَقِيَ الذُّخرُ
فمن شاءَ فليفخرَ بما شاءَ من ندى … فليس لحيِّ غيرنا ذلك الفخرُ
جمعنا العلى بالجودِ بعد افتراقها … إلينا كما الأيامُ يجمعها الشهرُ
بِنَجْدَتِنَا ألقَتْ بِنَجْدٍ بَعَاعَها … سحابُ المنايا وهي مظلمة ٌ كدرٌ
بكُل كَمِيٍّ نَحْرُهُ غَرَضُ القَنا … إذا اضطرمَ الأحشاءث وانتفخ السحرُ
يُشَيعُهُ أَبناءُ مَوْتٍ إلى الوَغَى … يُشَيعُهُم صَبْرٌ يُشَيعُهُ نَصْرُ
كماة ٌ إذا ظلَّ الكماة ُ بمعركٍ … و أرماحهم حمرٌ وألوانهم صفرُ
بِخَيلٍ لِزَيْد الخَيل فيها فَوارِسٌ … اذا نطقوا في مشهدٍ خرسَ الدهرُ
على كُل طِرْف يَحْسُرُ الطَّرْفَ سابحٍ … وَسَابِحَة ٍ لكنْ سِبَاحَتُها الحُضْرُ
طَوَى بَطْنَها الإِسآدُ حتَّى لو أنَّه … بدا لك ما شككتُ في أنهث ظهرُ
ضَبِيبِيّة ٌ ما إِنْ تُحَدثُ أنفُساً … بما خَلفَها مادامَ قُدَّامَها وِتْرُ
فإن ذمت الأعداءُ سوءَ صباحها … فليسَ يُؤَدي شُكْرَها الذئْبُ والنَّسْرُ
بِها عَرَفَتْ أَقَدَارَها بعدَ جَهْلِها … بأَقْدارِها قَيْسُ بنُ عَيلاَنَ والفِزْرُ
و تغلبُ لاقت غالباً كلّ غالبٍ … و بكرٌ فألفت حربنا بازلا بكرُ
وأنتَ خَبِيرٌ كيفَ أبقَتْ أُسُودُنَا … بَنِي أَسَدٍ إنْ كان يَنْفَعُكَ الخُبْرُ
وقسمتنا الضيزى بنجدٍ وأهلها … لنا خطوة ٌ في أرضها ولهم فترُ
مساعٍ يضلُّ الشعرُ في كنهِ وصفها … فما يهتدي إلاّ لأصغرها الشعرُ