تمهل قليلا فإنك يوم
ومهما أطلت وقام المزار
ستشطرنا خلف شمس الغروب
وترحل بين دموع النهار
وتترك فينا فراغا وصمتا
وتلقي بنا فوق هذا الجدار
وتشتاق كالناس ضيفا جديدا
وينهي الرواية.. صمت الستار
وتنسى قلوبا رأت فيك حلما
فهل كل حلمٍ ضياءٌ… ونار
ترفق قليلا ولا تنس أني
أتيت إليك وبعضي دمار
لأني انتظرتك عمرا طويلا
فتشت عنك خبايا البحار
وغيرت لوني وأوصاف وجهي
لبست قناع المنى المستعار
وجئت إليك بخوف قديم
لألقاك قبل رحيل القطار
تمهل قليلا..
ودعني أسافر في مقلتيها
وأمحو عن القلب بعض الذنوب
لقد عشت عمرا ثقيل الخطايا
وجئت بعشي وخوفي أتوب
ظلال من الوهم قد ضيعتنا
وألقت بنا فوق أرض غريبة
على وجنتيها عناء طويل
وبين ضلوعي جراح كئيبة
وعندي من الحب نهر كبير
تناثرت حزنا على راحتيه
ويوما صحوت رأيت الفراق
يكبل نهر الهوى من يديه
وقالوا أتى النهر حزنا عجوز
تلال من اليأس في مقلتيه
توارت على الشط كل الزهور
ومات الربيع على ضفتيه
تمهل قليلا..
سيأتي الحيارى جموعا إليك
وقد يسألونك عن عاشقين
أحبا كثيرا وماتا كثيرا
وذابا مع الشوق في دمعتين
كأنا غدونا على الأفق بحرا
يطوف الحياة بلا ضفتين
أتيناك نسعى ورغم الظلام
أضأنا الحياة على شمعتين
تمهل قليلا..
كلانا على موعد بالرحيل
وإن خدعتنا ضفاف المنى
لماذا نهاجر مثل الطيور
ونهرب من حلم في صمتنا
يطاردنا الخوف عند الممات
ويكبر كالحزن في مهدنا
لماذا نطارد من كل شيء
وننسى الأمان على أرضنا
ويحملنا اليأس خلف الحياة
فنكره كالموت أعمارنا
تمهل قليلا.. فإنك يوم
غدا في الزحام ترانا بقايا
ونسبح في الكون ذرات ضوء
وينثرنا الأفق بعض الشظايا
نحلق في الأرض روحا ونبضا
برغم الرحيل.. و قهر المنايا
أنام عبيرا على راحتيها
وتجري دماها شذى في دمايا
وأنساب دفئا على وجنتيها
وتمضي خطاها صدى في خطايا
وأشرق كالصبح فجرا عليها
واحمل في الليل بعض الحكايا
وأملأ عيني منها ضياءا
فتبحث عمري.. وتحيي صبايا
هي البدء عندي لخلق الحياة
ومهما رحلنا لها منتهايا
تمهل قليلا.. فإنك يوم
وخذ بعض عمري وأبقى لديك
ثقيل وداعك لكننا
ومهما ابتعدنا فإنا إليك
ستغدو سحابا يطوف السماء
ويسقط دمعا على وجنتيك
ويمضي القطار بنا والسفر
وننسى الحياة وننسى البشر
ويشطرنا البعد بين الدروب
وتعبث فينا رياح القدر
ونبقيك خلف حدود الزمان
ونبكيك يوما كل العمر