تصدت لو شك البين من جفوة الصد … وحلت قناع الصبر عن زفرة الوجد
وألقت إلى حكم الأسى عزة الأسا … فنم بما تخفي تباريح ما تبدي
وأسفر ريب السخط عن صادق الرضا … ولاح هلال الوصل من مغرب الصد
فوشكان ما لفت قضيبا بقاضب … وأدنت نجاد السيف من مسلك العقد
وهب غليل الشجو في غلل اللمى … وسال جمان الخد في يانع الورد
فجرعت حر الشوق من برد الحيا … وزودت مر الصاب من ذائب الشهد
وقالت وتوديع التفرق قد هفا … بصدر إلى صد وخد إلى خد
عسى قرب ما بين الجوانح فألنا … لمجنى ثمار القرب من شجر البعد
فسبقا إلى ذي السابقات برحلة … تلوح بنجم العلم في مطلع السعد
إلى الحميري العامري الذي به … غدت حرمة التأميل وارية الزند
إلى ملك ملء الرغائب والمنى … وملء نجاد السيف والدرع والبرد
وملء مكر الخيل في حومة الوغى … وملء رداء الحلم في مشهد الحمد
ومؤتمن لله مستحفظ له … لما ضاع من حق وما خاس من عهد
تجلى لنا في مطلع الملك فانجلت … به ظلمات الغي في سبل الرشد
فأعلق سيف النصر في عاتق العلا … وأثبت تاج الملك في مفرق المجد
وأشرق في جو من العز معتل … وأغدق من ظل على الأرض ممتد
ولاقى وجوه الراغبين كأنما … أمانيهم يصبحن منه على وعد
ونادى خطوب الدهر برحت فاقصري … وثوب بالآمال أبرحت فامتدي
إلى روح إنعام يراح إلى المنى … ولجة معروف تهل إلى الورد
تراثك عن جد وجد بهديهم … تناهى بك الدنيا إلى أسعد الجد
فحسبك من نفس وكافيك من أب … وشرعك من عم وناهيك من جد
بهم مد بحر الدين في كل بلدة … وهم تركوا بحر الأعادي بلا مد
وهم عمروا الأيام من ساكن الهدى … وأخلوا غياض الشرك من ساكن الأسد
وهم جردوا أسياف دين محمد … وخلوا سيوف الناكثين بلا حد
وهم سلبوا التيجان كسرى وقيصرا … وحلوك تاج الملك فردا بلا ند
دعائم سلطان وأركان عزة … بها وشجت قربى تميم من الأزد
وما حفظوا أعلامها ونظامها … بمثلك من مولى ومثلي من عبد
بما شدت فيها من سناء ومن سنا … وراق عليها من ثنائي ومن حمدي
فما جلت الدنيا عروس رياسة … لملكهم إلا وفي صدرها عقدي
ولا جاشت الآفاق من طيب ذكرهم … بجيش ثنا إلا وفي وسطه بندي
بما بسطوا لي أيديا ملكت يدي … أعنة أعناق المسومة الجرد
وما مهدوا لي من فراش كرامة … وما أتبعوني من لواء ومن جند
وكم جللوني نعمة قد جلوتها … على غابر الأزمان في حلة الخلد
فإن تمتثلها منهم في فذة … فكم حزتها منهم عداء بلا عد
وإن تحبنيها عن تناهيك في النهى … فقدما حبانيها أبوك من المهد
وإن عم أهل الأرض فيض نداكم … فإني قد برزت في شكركم وحدي
بدائع أضحت فيكم آل يعرب … أوائل ما قبلي وآخر ما بعدي
وما بعد عهدي عنك ينسي عهودهم … إليك بحقي من وفائك بالعهد
ولا نأي داري عنك يبلي وسائلا … جلي بها قربي وفي بها بعدي
فلا أخطأت أسيافكم سيف معتد … ولا خذلت أيديكم ظن معتد
ولا زالت الأيام تشرق منكم … كما أشرق الإحسان من عندكم عندي