تذكر بالحمى رشأ أغنا … وهاجَ له الهوى طَرباً فغنَّى
وحنَّ فؤادُه شَوقاً لنجدٍ … وأين الهند من نجد وأنَّى
وغنت في فروع الأيك ورق … فجاوبها بزفرته وأنَّا
وطارحها الغرام فحين رنت … له بتنفُّس الصُّعداء رنَّا
وأورى لاعجَ الأشواق منه … بريق بالأبريق لاح وهنا
معنى كلما هبت شمال … تذكَّر ذلك العيش المهنَّا
إذا جنَّ الظلامُ عليه أبدى … من الوجدِ المبرِّح ما أجَنَّا
سقى وادي الغضا دمعي إذا ما … تهلل لا السحاب إذا أرجحنا
فكم لي في رباه قضيب حسن … تفرَّد بالملاحة إذْ تثنَّى
كَلِفتُ به وما كُلِّفت فرضاً … فأوجبَ طرفُه قَتلي وسنَّا
وأبدى حبَّه قلبي وأخفى … فصرَّح بالهوى شَوقاً وكنَّى
تفنَّنَ حسنُه في كلِّ معنى ً … فصار العيش لي بهواه فنا
بدا بدراً ولاح لنا هلالاً … وأشرق كوكبا واهتز غصنا
وثنى قده الحسن ارتياحا … فهام القلبُ بالحَسَن المُثنَّى
ولو أنَّ الفؤاد على هواه … تمنَّى كان غايَة ما تمنَّى
بكيت دما وجن إليه قلبي … فخضب من دمي كفا وحنا
ألا يا صاحبي ترفقا بي … فإنَّ البينَ أنصبني وعنَّا
ولم تبق النوى لي غير عزم … إذا حفَّت به المحنُ اطمأنَّا
وأقسم ما الهوى غرضي ولكن … أعلل بالهوى قلبا معنى
وأصرف بالتأني صرف دهري … وأعلم أن سيظفر من تأنى
وأدفعُ فادحاتِ الخطب عنِّي … بتفويضي إذا ما الخطبُ عنَّا
ولا والله لا أرجو ليسري … وعُسري غيرَ من أغنى وأقْنَى
وما قَصدي بتحبيرِ القَوافي … سوى لفظٍ أُحبِّرُه ومَعنى
لأستجني ثمار القول مدحا … لمن أضحى بطيبة َ مُستجِنَّا
ومدح محمد شرفي وفخري … وهل شرف وفخر منه أسنى
إمامُ الأنبياء وخيرُ مولى ً … به سعد الورى إنسا وجنا
رقى بكماله رتب المعالي … وحل من العلى سهلا وحزنا
هدى الله الأنامَ به وأهدى … لمن والاه إيمانا وأمنا
وكم قد نالَ من يُسراهُ يسراً … أخو عُسرٍ ومن يُمناه يُمنا
وكم وافاه ذو كرب وحزن … ففرَّج كربَه وأزال حُزنا
وأغنى بائسا وكفاه بؤسا … وأنجد صارخاً وأصحَّ مُضنى
ختامٌ جميع رسل الله حقَّا … ومبدأ كلِّ إحسانٍ وحُسنى
بمولده أضاء الكون نورا … وأشرق في البسيطة كل مغنى
وفاخرت السماء الأرض لما … غدت بقدومِه السامي تُهنَّى
فخار لا يساويه فخار … مناط النجم من أدناه أدنى
تَبيدُ له اللَّيالي وهو باقٍ … ويفنى الواصِفون وليس يَفْنَى
لمعجزِهِ أقرَّ الضدُّ عجزاً … وظلَّت عنده الفُصحاء لُكْنا
مثاني تقشعر له جلود … ويغدو كلُّ قلبٍ مطمئنَّا
فيولي كلَّ مَن والاهُ ربحاً … ويعقب كل من ناواه غبنا
وزالت معجزات الرسل معهم … ومعجزُ أحمد يزدادُ حُسنا
هو المختار من أزل نبيا … وما زالت له العلياء تبنى
براه واصطفاه الله قدما … وأعلاهُ وأسماهُ وأسَنى
وأرضعه ثدي المجد درا … وآواه من العلياء حضنا
وصيره حبيبا ثم أسرى … به ليلاً فقرَّبه وأدْنى
كذلك كلُّ محبوب يوافي … أحبَّته إذا ما الليلُ جَنَّا
سَما السبعَ الطِّباق وبات يسمو … إلى رتب هناك له تسنا
فراح يجرُّ أذيالَ المعالي … ويسحبُ فوق هام المجد رُدْنا
فمن كمحمد إن عد فخر … سَما بالفخر منفرداً وضِمنا
أجل المرسلين علا وقدرا … وأرجحهم لدى الترجيح وزنا
وأعظمهم لدى البأساء يسرا … وأسمحهم إذا ما جاد يمنى
وأشرفُ من تقلَّد سيفَ حقّ … وهزَّ مثقَّفَ الأعطاف لَدْنا
فجلى في رهان الفضل سبقا … وجلَّى عن سَماء الحقِّ دَجنا
وطهر بالمواضي رجس قوم … جفته قلوبهم حسدا وضغنا
وخير فيهم أسرا ومنا … فأطلق أسرَهم وعفا ومَنا
وراموا منه إحسانا وفضلا … فأوسعهم بنائله وأغنى
وكم للهاشمي جميل وصف … عليه خناصر الأشهاد تثنى
وماذا يبلغُ المُثْني على من … عليه إلڑهُهُ في الذكرِ أثنى
ألا يا سيد الكونين سمعا … لداعٍ سائلٍ أمناً ومنَّا
وغوثاً يا فدتكَ النفسُ غَوثاً … فقد شفَّ الأسى جِسمي وأضنى
فما في الخلقِ أسرعُ منك نَصْراً … لملهوفٍ وأسمعُ منكَ أذْنا
وها أنا فيك قد أحسنت ظني … فحاشا أن تخيِّب فيكَ ظنَّا
وكيف يخافُ ريبَ الدَّهر عبدٌ … تكونُ له من الحدثانِ حصنا
أرومُ فكاك أسري من زمانٍ … علقت بكفه الشلاء رهنا
وأرجو النصر منك على عدو … متى استقبلته قلب المجنا
ركنت إليك في أسري ونصري … وحسبي جاهك المأمول ركنا
وكم لي فيكَ من أملٍ فسيحٍ … ستنجحه إذا ما الدهر ضنا
وقد طال البعاد وزاد شوقي … إليكَ وعاقَني دهري وأوْنى
فأبدلني ببعد الدار قربا … وبوئني بتلك الدار سكنى
وجد لي بالشفاعة يوم حشري … وأسكني من الجنات عدنا
عليكَ صلاة ُ ربِّك ما تغنَّى … حمامُ الأيك في فَنَنٍ وَحنَّا
وآلك والصحابة خير آل … وصحبٍ ما شدا شادٍ وغنَّى