تبين شمل الدين أنك ناظمه … وأيقن حزب الشرك أنك قاصمه
لقد شدد الرحمن أركان دينه … فأيد بانيه وهدم هادمه
وعدى به عمن يوالي عدوه … وولاه من والاه فهو ملازمه
ومن ملكه إن جل خطب ملاكه … وأعلامه إن راب دهر معالمه
فسماه منصورا مصدق جده … وما صدقت أرماحه وصوارمه
وتوجه مثنى الرياسة معلنا … بما هو من غيب السرائر عالمه
فتى ولدته الحرب واسترضعت له … وقائع من أحمى الهدى وملاحمه
مفدى وما غير السروج مهاده … موقى وما غير السيوف تمائمه
مجدد ملك أحرزته جدوده … أعزة أملاك الهدى وأكارمه
فأعرب عن أيام يعرب واقتدى … بما عظمت أذواؤه وأعاظمه
وأنجبه للطعن والضرب عمره … وأخلصه للجود والحمد حاتمه
شجاع ولكن الجياد حصونه … كريم ولكن المعالي كرائمه
تلاقت عليه الخيل والبيض والقنا … قياما لمن لا سعي ساع يقاومه
وخلت له الأملاك عن سبل الهدى … فليس سوى طيب الثناء يزاحمه
مقسم ما يحويه في سبل الندى … وإن كان قد حاباه في الحظ قاسمه
فما خاب في يوم الندى من ينوؤه … ولا فاز في يوم الوغى من يحاكمه
ولا ادعيت في المأثرات حقوقه … ولو أقبلت زهر النجوم تخاصمه
ودعوى النهى والحلم في غير منذر … خيال من الأحلام أضغث حالمه
فمن ذا الذي يرجو من الملك غرة … وما حومت إلا عليك حوائمه
ولا رفعت إلا إليك عيونه … ولا ظأرت إلا عليك روائمه
ولا راق إلا في جبينك تاجه … ولا قر إلا في يمينك خاتمه
فكيف بذي جهل تعسف مجهلا … يبرح واقيه ويحتم حاتمه
فغالته في غول المهامه غوله … وهامت به في الترهات هوائمه
أباح حمى الإسلام للشرك مغنما … لتقسم بين الناهبين مغانمه
وفض ختام الله عن حرماته … ليفتض عما تحتويه خواتمه
وعد دماء المسلمين مدامة … فبرح في الأعداء عمن ينادمه
فإن ألقح الحرب العوان فحسبه … فواقر ما شالت به وأشائمه
وإن زج في جفن الردى فلحينه … تخازر ساجيه وأوقظ نائمه
غداة دعاك الدين من أسر فعلة … وقد أوشكت أن تستباح محارمه
فلبيتها فانجاب عنها ظلامه … ووافيتها فاستنكرتها مظالمه
وجاءك مد الله من كل ناصر … على الحق مهديا إليك مقادمه
ونادى أبو مسعود النصر مسعدا … عزائمك اللاتي تليها عزائمه
بود كماء الغيث يسقي رياضه … وبأس كحر النار يضرم جاحمه
على كل من حاربت فهو محارب … كفاحا ومن سالمت فهو مسالمه
وأعصم بالإشراك قائد بغيها … إلى ملك رب السموات عاصمه
فما ركضوا طرفا إليك لغارة … وأسهل إلا أسلمته قوائمه
ولا أصلتوا سيفا وأنحوك حده … فعرج عن مثنى يمينك قائمه
ولا أشبوا حصنا يردك عنهم … وقابلته إلا تداعت دعائمه
وإن أحرزوا في قطر شنح نفوسهم … فغانم ما لا يحفظ الله غارمه
فكم قدت في أكنافها من مقنع … نفوس الأعادي شربه ومطاعمه
خميس لجنح الليل من أنجم الدجى … حلاه ومن شمس النهار عمائمه
كأن شعاع الشمس تحت عجاجه … إذا ما التقى الجمعان سر وكاتمه
تجيش بودق من جنى النبع صائب … أساوده نحو العدى وأراقمه
وهد هواء الجو نحو بنائها … هوي سلام حان من لا تسالمه
ولو لم تصادمه بطود من القنا … لأقبل أطواد الجبال تصادمه
ولو لم تزاحمه المجانيق لانبرت … عليه نجوم القذف عنك تزاحمه
وليس ولو سامى السماء بمعجز … من المشرفي والعوالي سلالمه
فسرعان ما أقوى الشرى من ضباعه … وبربر في ذاك العرين ضراغمه
وطير عن ليل الأباطيل بومه … وشرد عن بيض النفاق نعائمه
وبدلت حكم الله من حكم غيه … فأنفذ حكم الله ما أنت حاكمه
فيا رب أنف للنفاق جدعته … بها وابن شنج صاغر الأنف راغمه
غداة أطار العقل عنه ونفسه … بسيفك يوم راكد الهول جاثمه
فما يرتق الأرواح إلا رياحه … ولا يفتق الغماء إلا غماغمه
فلا نطق إلا أن يفديك صارخ … ويدعوك بالبقيا عليها أعاجمه
فأبرح بيوم أنت بالنصر مقدم … وأفرح بيوم أنت بالفتح قادمه
ومنزل مفلول نزلت وخيلنا … مرابطها أجساده وجماجمه
ومعترف بالذنب مبتئس به … دعاك وقد قامت عليه مآتمه
إذا صده الموت الذي سام نفسه … يكر به العيش الذي هو سائمه
فتلقاه أطراف القنا وهو نصبها … ويصعقه برق الردى وهو شائمه
إذا كاد يقضي بالأسى نحبه قضت … له الرحم الدنيا بأنك راحمه
فلم أر أمضى منك حكما تحكمت … على سيفه يوم الحفاظ مكارمه
ولا مثل حلم أنت للغيظ لابس … ولا مثل غيظ أنت بالحلم كاظمه
فأوسعته حكم النضير وقد حكى … قريظة منه غله وجرائمه
فولى وقد ولاك ذو العرش عرشه … وطار وقد طارت إليك قوادمه
وأبت وقد لاحت سعودك بالمنى … وغارت به في الأخسرين عواتمه
تغني لك الركبان بالفتح قافلا … وتبكي عليه بالحمام حمائمه
فمن ينصر الرحمن هذي عزائمه … ومن يخذل الرحمن هذي هزائمه