بيني وبينَك يا ظلومُ الموقفُ … والحاكمُ العدل الجواد المنصفُ
فلقد خشيتُ بأن أموت بغصَّتي … أسفاً عليك وأنت لا تتعطَّفُ
لي مهجة تبكي وطرف ساهر … وجوارح تضنَى وقلب مدنفُ
أسفٌ يدوم وحسرة ما تنقضي … وجوىً يزيد وكُربةٌ ما تُكشَفُ
وكأنَّ لي في كلِّ عضوٍ واحدٍ … قلباً يحنُّ وناظراً ما يطرفُ
أشكوكَ أم أشكو إليك فإنني … في ذا وذا متحيِّرٌ متوقِّفُ
أخشاك بل أخشى عليك فتارةً … أرجو رضاك وتارةً أتخوَّفُ
أتلفتُ روحي في الهوى فإلى متى … تلهو وتترك مَن يحبُّك يَتلفُ
لا مت أو تُبلى بمثل بليَّتي … فعسى تَذوق كما تُذِيق فتنصفُ
لا تنكرنَّ تأسفي إن فاتني … روحُ الحياة فكيف لا أتأسفُ
لو أنَّ لقمان الحكيم رأى الذي … أبصرتُ منك رأيتَه يتلهَّفُ
شوقاً إلى من لو تجلَّى وجهُهُ … للبدر كادَ من التحيُّر يُكسَف
بل لو رأى يعقوبُ حُسنَ محمدٍ … ما كان يحزن إذ تغيَّب يوسفُ
طاووس حُسنٍ بل أتمُّ محاسناً … صنم الملاحة بل أجلُّ وألطفُ
بشمائلٍ أغصانُها تتعطَّفُ … وروادفٍ أردافُها تتردَّفُ
تتصلَّف الأرضُ التي هو فوقها … زهواً به وتراه لا يتصلَّفُ
وكأنَّه في سَرحِهِ ضرغامُهُ … صاف الى مُهَج الورى يتصرَّفُ
متفرِّد في لونه فكأنَّه … ماءٌ زلالٌ فيه خمرٌ قَرقَفُ
وكأنَّه في سَرحِهِ ضرغامُهُ … صاف الى مُهَج الورى يتصرَّفُ
ما ضرَّه أن لا يكون مقلَّداً … سيفاً ففي عينيه سيفٌ مرهفُ
وكأنَّ قوس الحاجبين مقوّساً … سَهمٌ فويلٌ للذي يستهدفُ
قد صُبَّ في قُرمُوصِه بلياقةٍ … صَبّاً ففيه تمكُّنٌ وتخفُّفُ
إنّي لأحسدُ باشِقاً في كفِّه … أتراه يدري أيّ كفٍّ يألفُ
إن كان باشقُهُ يحلِّق طائراً … فمحمدٌ لقلوبنا يتخطَّفُ
مولاي لو وصفَتكَ أفواهُ الورى … طُرّاً لكنتَ تجلُّ عَمّا تُوصَفُ
قد ساعَفَتك محاسنٌ قد حيَّرت … فيك العقولَ وأنت لا تتسعف
سل ورد خدِّك أي حُسنٍ غرسُهُ … إنّا نراه يعود ساعةَ يُقطَف
لو لم تضاعف لي عذابي في الهوى … ما راح نرجُس ناظريك يضعِّفُ
علمت لواحظُك الضِّعاف تجلُّدي … ومن العجائب غالبٌ مستضعَفُ
لو لم تُرِد قلبي بغير جنايةٍ … ما كنت تنكر في الهوى ما تعرفُ
فرأيتَ في النَّوم الذي أنكرتَه … في يقظةٍ من هاتفٍ بك يهتفُ
فتألَّفَت أرواحُنا عند الكرى … إذ كانت الأجسامُ لا تتألَّفُ
فأتَتك روحي حين ذاك بقولها … بيني وبينك يا ظلومُ الموقفُ