إذا ارتاح الطغاة إلى الهوانِ … فذكرهم بأن الموتَ دانِ
ومن صُدَفٍ بقاءُ المرءِ حَيَّاً … على مرِّ الدَّقائقِ والثواني
وجثةِ طِفْلَةٍ بممرِّ مَشْفَىً … لها في العمر سبعٌ أو ثمانِ
أراها وهي في الأكفان تعلو … ملاكا في السماء على حصان
على بَرْدِ البلاطِ بلا سريرٍ … وإلا تحتَ أنقاضِ المباني
كأنَّكِ قُلْتِ لي يا بنتُ شيئاً … عزيزاً لا يُفَسَّر باللسانِ
عن الدنيا وما فيها وعني … وعن معنى المخافةِ والأمانِ
فَدَيْتُكِ آيةً نَزَلَتْ حَدِيثاًَ … بخيطِ دَمٍ عَلَى حَدَقٍ حِسَانِ
فنادِ المانعينَ الخبزَ عنها … ومن سَمَحُوا بِهِ بَعْدَ الأوانِ
وَهَنِّئْهُم بِفِرْعَوْنٍ سَمِينٍ … كَثَيرِ الجيشِ مَعمورِ المغاني
له لا للبرايا النيلُ يجري … له البستانُ والثَمَرُ الدَّواني
وَقُل لمفرِّقِ البَحرَيْنِ مهما … حَجَرْتَ عليهما فَسَيَرْجِعَانِ
وإن راهنتَ أن الثَأر يُنسى … فإنَّكَ سوفَ تخسرُ في الرِّهانِ
نحاصَرُ من أخٍ أو من عدوٍّ … سَنَغْلِبُ، وحدَنا، وَسَيَنْدَمَانِ
سَنَغْلِبُ والذي جَعَلَ المنايا … بها أَنَفٌ مِنَ الرََّجُلِ الجبانِ
بَقِيَّةُ كُلِّ سَيْفٍ، كَثَّرَتْنا … مَنَايانا على مَرِّ الزَّمَانِ
كأن الموت قابلة عجوز … تزور القوم من آنٍ لآنِ
نموتُ فيكثرُ الأشرافُ فينا … وتختلطُ التعازي بالتهاني
كأنَّ الموتَ للأشرافِ أمٌّ … مُشَبَّهَةُ القَسَاوَةِ بالحنانِ
لذلك ليس يُذكَرُ في المراثي … كثيراً وهو يُذكَرُ في الأغاني
سَنَغْلِبُ والذي رَفَعَ الضحايا … مِنَ الأنقاضِ رأساً للجنانِ
رماديِّونَ كالأنقاضِ شُعْثٌ … تحدَّدُهم خُيوطٌ الأرْجُوَانِ
يَدٌ لِيَدٍ تُسَلِّمُهم فَتَبْدُو … سَماءُ اللهِ تَحمِلُها يدانِ
يدٌ لِيَدٍ كَمِعراجٍ طَوِيلٍ … إلى بابِ الكريمِ المستعانِ
يَدٌ لِيَدٍ، وَتَحتَ القَصْفِ، فَاْقْرَأْ … هنالكَ ما تشاءُ من المعاني
صلاةُ جَمَاعَةٍ في شِبْرِ أَرضٍٍ … وطائرةٍ تُحَوِّم في المكانِ
تنادي ذلك الجَمْعَ المصلِّي … لكَ الوَيْلاتُ ما لَكَ لا تراني
فَيُمْعِنُ في تَجَاهُلِها فَتَرمِي … قَنَابِلَها فَتَغْرَقُ في الدُّخانِ
وَتُقْلِعُ عَنْ تَشَهُّدِ مَنْ يُصَلِّي … وَعَنْ شَرَفٍ جَدِيدٍ في الأَذَانِ
نقاتلهم على عَطَشٍ وجُوعٍ … وخذلان الأقاصي والأداني
نقاتلهم وَظُلْمُ بني أبينا … نُعانِيه كَأَنَّا لا نُعاني
نُقَاتِلُهم كَأَنَّ اليَوْمَ يَوْمٌ … وَحِيدٌ ما لَهُ في الدهر ثَانِ
بِأَيْدِينا لهذا اللَّيْلِ صُبْحٌ … وشَمْسٌ لا تَفِرُّ مِنَ البَنَانِ