بكَرَت عليك مُغيرة ُ الأَعرابِ … فاحفَظْ ثيابَك يا أبا الخطَّابِ
وَرَدَ العراقَ رَبيَعَة ُ بنُ مُكَدَّمٍ … و عُتيبَة ُ بنُ الحارثِ بنِ شِهابِ
أَفَعِنْدَنَا شَكٌّ بأنهما هما … في الفَتْكِ لا في صِحَّة ِ الأنسابِ
جلَبا إليكَ الشِّعْرَ من أوطانِه … جَلْبَ التِّجارِ طرائفَ الأجلابِ
فبدائعُ الشُّعراءِ فيما جَهَّزوا … مقرونة ٌ بِغَرائبِ الكُتَّابِ
تبّاً لقومٍ لا تَزَالُ حُلومُهم … و عقولُهم في ضِلَّة ٍ وتَبابِ
لهما من الحَظِّ الصَّوارمُ والقَنا ؛ … و من الطُّروسِ نفيسة ُ الأسلابِ
شَنَّا على الآدابِ أقبحَ غارة ٍ … جَرحَتْ قلوبَ محاسنِ الآدابِ
فحَذارِ من حركاتِ صِلَّي قَفرة ٍ … و حَذارِ من حَركاتِ لَيْثَيْ غابِ
لا يسلُبانِ أخا الثَّراءِو إنما … يتَناهبانِ نتائجَ الألبابِ
إنْ عَزَّ موجودُ الكلامِ عليهما … فأنا الذي وقفَ الكلامُ ببابي
أو يَهبُطا من ذَلَّة ٍفأنا الذي … ضرُبَتْ على الشَّرَفِ المُطِلِّ قبابي
كم حاولا أَمَدِي فطالَ عليهما … أن يُدرِكا إلاّ مثارَ تُرابي
عَجْزاً ولم تقِفِ العبيدُإذا جرَتْ … يومَ الرِّهانِمواقفَ الأربابِ
و لقد حَمَيْتُ الشِّعْرَو هو لمَعشَرٍ … رِمَمٍسوى الأسماءِ والألقابِ
و ضربْتُ عنه المُدَّعينَو إنما … عن صُورَة ِ الآدابِ كان ضِرابي
فغدَت نَبيطُ الخالدية ِ تَدَّعي … شِعري وتَرفُلُ في حَبيرِ ثيابي
أشياخُ عُمْرِ الزَّعفرانِ تراهُمُ … حولَ الصليبِ حَوانيَ الأَصلابِ
نَزَلُوا ذَرَمَّة َ بين غَضِّ نواظرٍ … لم تَسْمُ مُذْ خُلِقَتْ وذُلِّ رِقابِ
وَطَنَ المُحرَّمَة ِ الجسومِ نجاسة ً … في خيرِ صُحفٍ نُزِّلَتْ وكِتابِ
من كلِّ أشقرَ باحثٍ خُرطُومُه … عن رِزقِهفتراه في إكْتابِ
خُزرِ العُيونِ خَفِيَّة ٍ أصواتُها … تُكْسي الرؤوسَ شوائلَ الأذنابِ
يحمي جَوانبَ سَرْحِها إيرادُها … فيبيتُ عنها مُشْرَعَ الأنيابِ
رُعِيَتْ لشيخِ الخالدية ِ بُرهة ً … بل كان يَرعاها على الأحقابِ
أَسعيدُإنَّك لو بَصُرْتَ بهاشمٍ … في العُمرِ غيرَ مُبجَّلِ الأصحابِ
مَحْضَ المَذَلَّة ِ راكباً عُكَّازَة … رَثَّ المعيشة ِ شاحبَ الجِلبابِ
لحلفْتَ أنَّكَ لا تُطيلُ عِمامة ً … مصقولة َ العَذَباتِ والأهدابِ
نفقُوا بآلاتِ الخَنا وتوهَّمُوا … أنَّ الزَّمانَ جَرى بهم وكَبَا بي
قَومٌإذا قَصَدُوا الملوكَ لمطلَبٍ … نُقضَتْ عمائمُهُم على الأبوابِ
من كلِّ كَهْلٍ يستطيرُ سِبالُه … لَوْنَيْنِ بينَ أناملِ البَوَّابِ
مُفضٍ على ذُلِّ الحِجابِ يَرُدُّه … دامي الجبينِتَجهُّمُ الحُجَّابِ
و مُفَهَّهَيْنِ تعرَّضا لِحِرابَتي … فتعرَّضَتْ لهما صدورُ حِرابي
نَظَرا إلى شِعري يروقُ فَترَّبا … منه خُدودَ كواعبٍ أترابِ
شرباه فاعترفا له بعُذوبَة ٍ … و لرُبَّ عَذْبٍ عادَ سَوطَ عَذابِ
في غارة ٍ لم تَنْثَلِمْ فيها الظُّبا … ضَرْباًو لم تَنْدَ القَنا بخِضابِ
تركَتْ غرائبَ مَنْطِقي في غُربَة ٍ … مَسبِيَّة ً لا تَهْتَدي لإيابِ
جَرحى وما ضُرِبَتْ بحَدِّ مُهَنَّدٍ … أسرَى وما حُمِلَتْ على الأقتابِ
لَفْظٌ صقَلْتُ متونَهفكأنَّه … في مُشرقاتِ النَّظْمِ دُرُّ سِخابِ
و كأنما أجريْتُ في صفَحاتِه … حُرَّ اللُّجَينِ وخالصَ الزِّريابِ
أغربْتُ في تحبيرِهفرُواتُه … في نُزهَة ٍ منه وفي استغرابِ
و قطعتُ فيه شبيبة ً لم تَشتغلْ … عن حُسْنِه بِصَباً ولا بتصابي
فإذا ترقرَقَ في الصَّحيفة ِ ماؤُه … عَبِقَ النَّسيمُفذاكَ ماءُ شبابي
يُصغي اللبيبُ له فيَقسِمُ لُبَّه … بين التعجُّبِ منه والإعجابِ
جِدٌّ يَطيرُ شَرارُهو فُكاهَة ٌ … تَستعطِفُ الأحبابَ للأحبابِ
أَعزِزْ عليَّ بأن أرى أشلاءَه … تدْمَى بِظِفْرٍ للعدوِّ ونابِ
أَفَنٌ رماه بغارة ٍ مأفونة ٍ … باعَتْ ظِباءَ الرُّومِ في الأَعرابِ
أَأُخَيَّ قد عزَّيْتَني بحسيبة ٍ … منه فَعَزِّ بها ذوي الأحسابِ
عَزِّ الأكارِمَ أنها حَسَبُ النَّدى … فاضَتْ أنامِلُهم بغيرِ حِسابِ
هم نافسوا في حَليِه وبُرودِه … وَ هُمُ أُثيبُوا عنه خيرَ ثَوابِ
و سَقَوه محتَفِلَ الحَيا رَيَّانَه … و رأوا ذُنوباً سقيَه بذنابِ
إني أحذِّرُ مَنْ يقولُ قصيدة ً … غرّاءَ خِدْنَيْ غارة ٍ ونِهابِ
ذِئبَينِ إذ نَظَرا إلى سيَّارَة ٍ … بَعَثا لها يوماً كيومِ دُؤَابِ
عِلْجَينِ إذ حَنَّ النَّواقِسُ صرَّحا … بالشَّوقِ أو حَنَّا حَنينَ النَّابِ
شَغَفاً بذي القُربانِ يصدُقُ أنه … ينشقُّ من نَسَبٍ إليه قُرابِ
و رضى ً عن الإنجيلِ يُظْهِرُ فيهما … غَضَباً على الفُرقانِ والأحزابِ
إني نَبَذْتُ على السَّواءِ إليكما … فتأهَّبا للفادحِ المُنتابِ
نُصِبَتْ مجانيقُ الهجاءِو إن رأَتْ … لكما ضُؤولَة َ مَنصِبٍ ونِصابِ
و إذا نَبذْتُ إلى امرىء ٍ ميثاقَه … فليَستعِدَّ لسطوتي وعِقابي
حاولتُما جبلاً كأنَّ رِعانَه … فَوقَ السَّحابِ الغُرِّ غُرُّ سحابِ
فإذا أصابَكما غِضابُ سِهامِها … غَيرتْ مدى الأيام غيرَ غِضابِ
و جريتُما في غِرَّة ٍفنَكصتُما … من سَوءَة ِ العُقبَى على الأعقابِ
و رميتُما المِسكَ الذَكيَّ بِغَيْبَة ٍ … و ذَكاؤه يُربي على المُغتابِ
فَلْتَلْفَحَنَّكُما سمائمُ مَنطِقي … و لتُغْرِقَنَّكُما سُيولُ شِعابي
و لْتَسرِيَنَّ مع الجَنوبِ إليكما … مغموسة ً في الشَّرْي أو في الصَّابِ
و لْتَطْلُعَنَّ من الفِجاجِ كأنها … غُرَرُ الجيادِ لواحِقُ الأقرابِ
و لأَضْرِبَنَّكُما على ما خُنْتُما … بصوارمٍ للشِّعرِ غيرِ نَوَابِي
متواتراتٍ لا تغُبُّكماو هل … للصُّبحِ راعي الليلِ من إغبابِ
تشتقُّ أجبالُ الشَّقيقِفإن سَرَت … ذاتَ اليمين خطَتْ غِمارَ الزَّابِ
نبلٌ أُغلغلُ منكما مسمومة ً … بمكامنِ الأحقادِ والأطرابِ
فأُريكما الدنيا به مُغبرَّة ً … حتى يُظَنَّ اليومُ يومَ ضَبابِ
فلْتَعْلَماإن لم تَهُبَّ عليكما … أبداًنسيمَ جِنايتي وجَنابي
وَ لْيَحْذَرِ الكذّابُ تِربُكُما يداً … باتتْ تَحنُّ إلى طَلَى الكذَّابِ
فَلَكَمْ عدوٍّ قد أطلْتُ عَذابَه … بِكُلومِ رَيِّقَة ِ الكلامِ عِذابِ
وشَّيْتُها قبلَ الحُتوفِ كما ارتدى … بالوَشْيِ ظهرُ الحيَّة ِ المُنسابِ
لولا أبو الخطَّابِ طالَ تنكُّري … للخَطْبِ يظلِمُنيو ساءَ خِطابي
و هَبَتْ شمائلُه الجزيلَو أَبرأَتْ … يُمناه من نَدَبِ الزَّمانِ إهابي
و كفاكَ أنَّ الدَّهرَ أَعْتَبَنِي به … فَكَفَيْتُ عَتْبي عندَه وعِتابي