اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً … وهوَّنَ الله أمراً كان قد عظما
أمست عمان وأنت الشهم سيدها … لا يُستباح لها في الحادثات حمى
مدت إليها يد الجاني فما ظفرت … إلاَّ بما أعقب الخسران والندما
من بعد ما هاج شراً من مكانته … وكاد يوقد في أطرافها ضرما
تمسكاً بجبال الشمس من طمع … ومورداً من سراب لا يبلّ ظما
فلم يوفَّقْ إلى نجح يؤمِّله … والمرء إنْ فقد التوفيق أو عدما
لم يهده الرأي إلاّ للضلال ولا … يزيده عدم التوفيق غير عمى
أضلَّ مسعاه تركي في غوايته … كأنه اختار عن وجدانه العدما
نصحته وبذلتَ النصح تنذره … مستعملاً بالنذير السيف والقلما
فما ارعوى لك عن وهم توهمه … كأنَّ في أذنه عن ناصح صمما
أراد في زعمه أنْ يستطيل على … عمان قهراً فلم يظفر بما زعما
وكان غايته الحرمان يومئذٍ … ولو أطاعك واسترضاك ما حرما
خيَّرته قبل هذا اليوم في نعم … ولم يكن ثمَّ ممن يشكر النعما
وجاء يطلب مُلكاً منك ليس له … فقيل خصمان في إرث العلى اختصما
حتى ذا كان لا يصغي إلى حكم … حكمتما الصارم الهندي بينكما
قضى لك السيف فيما قد قضى ومضى … فيا له حكمٌ عدلٌ إذا حكما
وما تجاوزت الإنصاف شفرته … وما أضلَّ بمظلوم وإن ظلما
وقالت الناس باديها وحاضرها … ما جار سالم قفي حكم ولا ظلما
أنزلته من منيعات الحصون ولو … تركت تركي رهين الحصن مات ظما
أراد مستعصماً فيه ومعتصماً … وما رأى في منيع الحصن معتصما
ولم يجد سلَّما يرقى السماء به … ولو رمى نفسه في البحر لالتقما
وإنَّه قبلَ إعطاء الأمان له … ما استشعر الموت حتى استشعر الندما
وغرَّه مَن دعاه في خيانته … فجاءها عقبات الموت واقتحما
أذقته العفو حلواً عن جنايته … وكان عفوك عمَّن قد جنى كراما
عفَوْت عنه ولكن عفوَ مقتدرٍ … والعفو أقرب للتقوى كما علما
وما هتكت وأيم الله حرمته … وكان عندك حتى زال محترما
وربما لامك اللّوام عن سفهٍ … وقد يلومك بين الناس من لؤما
أما وربِّك لو أربى طغى وبغى … وما عفا مثلما تعفو بل انتقما
رحمته ولو استولى عليك لما … أبقى عليك ولم يلحق بمن رحما
أراد ربُّك أنْ تعفو بقدرته … ليظهر الفضل والتمييز بينكما
والله يَعْلَمُ والدنيا بأجمعها … لو نال من سالمٍ تركي لما سلما
لا زال يولي جميلاً من صنائعه … وهكذا كرم الشهم الذي كرما
من سيّدٍ بالغٍ رشد الشيوخ نهى ً … رضيع ثدي المعالي قبل أن فطما
تبارك الله ما أبهى سناه فتى ً … كالنجم يهدي سبيل الرشد مذ نجما
الثابت الجأش في سِلْم ومعترك … في موطن الفخر قد أرسى له قدما
الباسم الثغر والهيجاء عابسة … والسيف يقطر من هام الكماة دما
فمن صدور العوالي ما يرى وصباً، … ومن نفوس المعالي ما شفى سقما
تساهما هو والجد السعيد بما … حازاه من كرم الأخلاق واقتسما
ويا له ولد أعنيه من ولدٍ … أحيى له ذكره الماضي وإنْ قدما
تحفُّه من عمان سادة ٌ نجبٌ … تسمو لهم في سماوات العلاء سما
يحمون سيّدهم من كلّ نازلة … بفيصل يغلق الهامات والقمما
ولم يكن غيره الحامي لحوزتها … إذا أدلهمّ من الأخطار ما دهما
تبيت لا كملوك الهند تكلأها … ندعو من الله فيها فاغرين فما
لولا وجودك هذا الداء ما حسما … وذلك الصدع لولا أنت ما التأما
لطف من الله فيك أظهره … من بعد ما كان سر اللطف مكتتما
سرّت بها البصرة الفيحاء وابتهجت … منها النفوس وأنف الصند قد رغما
بشارة عمَّت الدنيا مسّرتها … واهتز منها العلى والمجد وابتسما
قد يسَّرَ الله أمراً أنت فعله … وإن لله في تقديره حِكَما
لا زلت بالجود والإحسان مبتدراً … كالغيث حيث همى والبحر حيث طمى
فمن مزاياك ما تكسو النجوم سناً … ومن عطاياك ما قد يخجل الديما
ولم أزل كلماتي فيك أنظمها … كما تتابع قطر المزن وانسجما