أمّنتُكَ
فاخلعْ نعليكَ
وقِفْ.
إن المِحرابَ عِراقُ
وارفعْ رأسكَ
حتى أقرأَ عينيكَ . .
أَمِنْ هذا الحُزنِ وُلِدتَ ؟
أبالحُزنِ ستلقى اللهَ ؟
وإلاّ ، لستَ من النّخلةِ في شيءٍ . .
قَدَرُ النُسّاكِ بهذا المِحرابِ الحُزنُ،
فهل أعددتَ لهذا اليومِ العُدّةْ ؟
أعددْتُ له قلبي منذُ وُلِدتُ ..
إذن ، فاخلعْ نعليكَ
وقِفْ
إن المحرابَ عِراقُ
بغدادُ أشيحي بجبينِكِ
ما الحشدُ الدّاجِنُ حولكِ
كُفءٌ لِعَروسِ النّهرِ
ولا دمُهُ مِنكِ . .
كَذِبٌ أن التاريخَ يخونُ
إذا زُلزِلَتِ الأرضُ
أو اشتعلَ الليلُ جحيماً ..
وتقاسمتِ الأهواءُ الأدوارَ
لذبحِ النخلْ .
هُزّي جِذْعَ التاريخِ
يعُد طفلاً بينَ يديكِ
وهُزيهِ، يشِبُّ على الطّوقْ ..
بغدادُ أشيحي،
لم يبقَ من المِلحِ
سِوى دمِكِ المسكوبِ على ظمأي
أقِفُ الليلَ أُنادي :
بغدادُ ..
بغدادُ ..
وأحترِقُ .
تمتدُّ ذراعٌ
– من نارٍ ودُخانٍ
تَنْقُـشُ في ثديِ الغَيْمةِ :
” بغــــــدادُ “
فيكْتَظُّ بهِ الماءُ وينهرِقُ .
” برداً وسلاماً ” يا بغدادُ ..
أشيحي بجبينِكِ نحوي
إنّي أشـتَقُّ بِعينيكِ الذّابلتينِ
إلى اللهِ سـبيلا .
أعدَدْتُ لهذا اليومِ
كما أعدَدْتِ منَ الحُزنِ
وأسرَفْتُ قليلا .
عَلّي أبلُغُ بعضَ العُذْرِ لديكِ
بأنّي مِثلُكِ ،
ما كُنتُ إذْ انْفَلَتَ الحَبـلُ
بقَعْرِ الذُّلِّ
ذليلا .
بغدادُ أتيتُكِ ،
أحمِـلُ روحاً
تَتَملَْمَلُ بيـنَ أصابِعِ كَفّيَّ
وقلباً يتَفـطَّرُ في هذا القحـطِ
فُراتاً ونخيلا .
وأشَحتُ بِوجهِيَ شـطرَ الرّومِ
وجَدتُ ” بَنِي الأسْمَرِ “
يخْتصِمونَ لدى القيصرِ
بالقُرآنِ
على ثمنِ الحبكةِ والكِتمانِ
وأيُّ العارَيْنِ جديرٌ
بنصيبِ الخِنزيرِ الأوفى
من نِفطِ البصرةِ
والبصرةُ في شُغُلٍ عمّا يختصِمونَ
بما تَرَكوا ..
البصرةُ رأسُ الحربةِ
في الحربِ
وخاتِمةُ الخوفِ الأزلِيِّ
بهذا النّفقِ المُظلِمْ .
البصـرَةُ أشلاءٌ تَتَكلّمْ .
وعُيونٌ ترمُقُ خلفَ سِتارِ النارِ
قطيعاً أبكَمْ .
يا ربَّ الكونِ الأعظَمِ
يا ربَّ الكونِ الأعظَمِ
يا ربَّ الكونِ الأعظَمْ
مِحرابَكَ مِحرابَكَ
مِحرابُكَ يصدحُ باسمِكَ
دمْعاً ودِماءً
وجِراحاً تَتَبَسَّمْ .
مِحرابَك مِحرابَكَ
مِحرابُكَ موصولٌ بيديكَ الحانيِتينِ
بهذا البُركانِ الهادِرِ
يا من تسمَعُ
يا من تُبصِرُ
يا من تعـلَمْ.
مِحرابُكَ أشرِعةٌ
تَمخُرُ بالحَقِّ بعينيكَ عُبابَ الوَقتِ إليكَ
فخُذْ بيديهِ
يكُنْ سيفَكَ في الأرضِ
وقبرَ عدُوِّكَ
ربّاهُ،
عراقَكَ
إنّ المِحرابَ عِراقُ .