بَكَى الشِّعرُ و التَاعَت القَافِيَةْ … و أَضحَت مَنازِلُهُ خَاوِيَةْ
أَرَى الرَّوضَ أَزهَارَهُ في ذُبُولٍ … و أَغصَانَ أَشجَارِهِ بَاكِيَة
تُسَائِلُ حَرفَ القَصِيدةِ عَنهَا … عَنِ الطُّهرِ فِي حُلَّةٍ زَاهِيَة
عَنِ الصِّدقِ حِينَ يَفِيضُ المِدادُ … كَنَهرٍ مِنَ الفِضَّةِ الجَارِيَة
عَنِ البَحرِ يَا ابنَتَهُ إِذ تَهَادَت … لِعَينَيكِ أَموَاجُهُ العَاتِيَة
عَنِ القَلَمِ السَّيفِ حِينَ أَرَاهُ … يُسَدِّدُ ضَربَتَهُ القَاضِيَة
و ما كَانَ فِي الحَقِّ يَخشَى مَلاماً … و لَم يُثنِ هِمَّتَهُ طَاغِيَة
يُميطُ اللِّثَامَ عَنِ الزَّيفِ شِعراً … و فِي النَّثرِ رَايَتُهُ عَالِيَة
و يُلقِي بكُلِّ عُتُلٍّ زَنِيمٍ … سَبَاهُ الغُرُورُ إِلَى الهَاوِيَة
و مَا كَانَ يَرضَى سِوَى بِالجَمَالِ … و يَربَأُ عَن كِلْمَةٍ نَابيَة
حَنَانَيكِ يا ” زَهْوُ ” إنَّا عِطَاشٌ … لِسَلسَلِ أَشعَارِكِ الصَّافِيَة
حَنَانَيكِ يا أُختَ كُلِّ جَرِيحٍ … تُضَمِّدُهُ كَفُّكِ الحَانِيَة
كأنَّكِ خَنسَاءَ هذا الزَّمَانِ … تُرَقِّعُ أَسمَالَهُ البَالِيَة
تَحِيكُ لَهُ حُلَّةً مِن وَقَارٍ … و تَبذُلُ مُهجَتَهَا الغَالِيَة
و تَصبِرُ إِن دَاهَمَتهَا الخُطُوبُ … على الجُرحِ شَامِخَةً رَاضِيَة
حَنَانَيكِ يا فَخرَ كُلِّ أَدِيبٍ … صَدٍ كُنتِ في أُفْقِهِ غَادِيَة
تُرَوِّينَهُ لَو يَضِنُّ الغَمَامُ … فَتَروَى الحَوَاضِرُ و البَادِيَة
و مِن فَيضِ جُودِ الكِرَامِ أَرَاكِ … إِلَى كُلِّ مَكرُمَةٍ سَاعِية
تُوَاسِينَ هَذا ، و تُرضِينَ هَذا … و تَسطَعُ شَمسُكِ في الدَّاجِيَة
عَرَفنَاكِ نَجمَةَ هذا الفَضَاءِ … و رَجعَ بَلابِلِهِ الشَّادِيَة
فَكَم شِدتِ بالحُبِّ صَرحاً منِيفاً … قَوَاعِدُهُ بالوَفَا رَاسِيَة
يُشِيرُ إلَيكِ الوَرَى بالبَنَانِ … فَما كُنتِ عَن مُلتَقَىً نَائِيَة
تُرِيقينَ كَالشَّهدِ شِعراً مُصَفَّىً … تَتُوقُ لَهُ الأنفُسُ الصَّادِيَة
رِسالَةَ مُسلِمَةٍ قَد حَمَلتِ … فَكُنتِ الأَدِيبَةَ و الدَّاعِيَة
حَنَانَيكِ ، هل آَنَ أَنْ تَستَرِيحَ … خُيُولُكِ مِن رِحلَةٍ قَاسِيَة
و لَم تَضَعِ الحَربُ أَوزارَها … ذِئابُهُمُ لَم تَزَل ضَارِيَة
و مَن لِلذِّئابِ إِذَا المُخلِصُونَ … تَخَلَّوْا عَنِ السَّيفِ يا زَاهِيَة