إنْ يكُنْ صَبرُ ذي الرّزيئَةِ فَضْلا … تكُنِ الأفضَلَ الأعَزّ الأجَلاّ
أنتَ يا فوْقَ أنْ تُعَزّى عنِ الأحـ … ـبابِ فوْقَ الذي يُعزّيكَ عَقْلا
وَبألفاظِكَ اهْتَدَى فإذا عَزّ … اكَ قَالَ الذي لَهُ قُلتَ قَبْلا
قَدْ بَلَوْتَ الخُطوبَ مُرّاً وَحُلْواً … وَسَلَكتَ الأيّامَ حَزْناً وَسَهْلا
وَقَتَلْتَ الزّمانَ عِلْماً فَمَا يُغْـ … رِبُ قَوْلاً وَلا يُجَدِّدُ فِعْلا
أجِدُ الحُزْنَ فيكَ حِفْظاً وَعَقْلاً … وَأرَاهُ في النّاسِ ذُعراً وجَهْلا
لَكَ إلْفٌ يَجُرّهُ وَإذا مَا … كرُمَ الأصْلُ كانَ للإلْفِ أصلا
وَوَفَاءٌ نَبَتَّ فيهِ وَلَكِنْ … لم يَزَلْ للوَفَاء أهْلُكَ أهْلا
إنّ خَيرَ الدّمُوعِ عَوْناً لَدَمْعٌ … بَعَثَتْهُ رِعايَةٌ فاسْتَهَلاّ
أينَ ذي الرِّقّةُ التي لَكَ في الحَرْ … بِ إذا استُكرِهَ الحَديدُ وَصَلاّ
أينَ خَلّفْتَهَا غَداةَ لَقِيتَ الـ … ـرّومَ وَالهَامُ بالصّوارِمِ تُفْلَى
قاسَمَتْكَ المَنُونُ شَخْصَينِ جوْراً … جَعَلَ القِسْمُ نَفْسَهُ فيهِ عَدْلا
فإذا قِسْتَ ما أخَذْنَ بمَا غَا … دَرْنَ سرّى عَنِ الفُؤادِ وَسَلّى
وَتَيَقّنْتَ أنّ حَظّكَ أوْفَى … وَتَبَيّنْتَ أنّ جَدّكَ أعْلَى
وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ المَنَايَا … بالأعادي فكَيفَ يَطلُبنَ شُغلا
وَكَمِ انتَشْتَ بالسّيُوفِ منَ الدهـ … ـرِ أسيراً وَبالنّوَالِ مُقِلاّ
عَدّها نُصرَةً عَلَيْهِ فَلَمّا … صَالَ خَتْلاً رَآهُ أدرَكَ تَبْلا
كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ، أنْتَ تُبْليـ … ـهِ وَتَبْقى في نِعْمَةٍ لَيسَ تَبْلَى
وَلَقَدْ رَامَكَ العُداةُ كَمَا رَا … مَ فلَمْ يجرَحوا لشَخصِكَ ظِلاّ
وَلَقَدْ رُمْتَ بالسّعادَةِ بَعْضاً … من نُفُوسِ العِدى فأدركتَ كُلاّ
قارَعَتْ رُمحَكَ الرّماحُ وَلَكِنْ … تَرَكَ الرّامحِينَ رُمحُكَ عُزْلا
لوْ يكونُ الذي وَرَدْتَ من الفَجْـ … ـعَةِ طَعناً أوْرَدْتَهُ الخَيلَ قُبْلا
وَلَكَشّفْتَ ذا الحَنينَ بضَرْبٍ … طالمَا كَشّفَ الكُرُوبَ وجَلّى
خِطْبَةٌ للحِمامِ لَيسَ لهَا رَدٌّ … وَإنْ كانَتِ المُسمّاةَ ثُكْلا
وَإذا لم تَجِدْ مِنَ النّاسِ كُفأً … ذاتُ خِدْرٍ أرَادَتِ المَوْتَ بَعلا
وَلَذيذُ الحَيَاةِ أنْفَسُ في النّفْـ … ـسِ وَأشهَى من أنْ يُمَلّ وَأحْلَى
وَإذا الشّيخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَـ … ـلّ حَيَاةً وَإنّمَا الضّعْفَ مَلاّ
آلَةُ العَيشِ صِحّةٌ وَشَبَابٌ … فإذا وَلّيَا عَنِ المَرْءِ وَلّى
أبَداً تَسْتَرِدّ مَا تَهَبُ الدّنْـ … ـيَا فَيا لَيتَ جُودَها كانَ بُخْلا
فكفَتْ كوْنَ فُرْحةٍ تورِثُ الغمّ … وَخِلٍّ يُغادِرُ الوَجْدَ خِلاّ
وَهيَ مَعشُوقةٌ على الغَدْرِ لا تَحْـ … ـفَظُ عَهْداً وَلا تُتَمّمُ وَصْلا
كُلُّ دَمْعٍ يَسيلُ مِنهَا عَلَيْها … وَبِفَكّ اليَدَينِ عَنْها تُخَلّى
شِيَمُ الغَانِيَاتِ فِيها فَمَا أدْ … ري لذا أنّثَ اسْمَها النّاسُ أم لا
يا مَليكَ الوَرَى المُفَرِّقَ مَحْياً … وَمَمَاتاً فيهِمْ وَعِزّاً وَذُلاّ
قَلّدَ الله دَوْلَةً سَيْفُهَا أنْـ … ـتَ حُساماً بالمَكْرُماتِ مُحَلّى
فَبِهِ أغْنَتِ المَوَاليَ بَذْلاً … وَبِهِ أفْنَتِ الأعاديَ قَتْلا
وَإذا اهْتَزّ للنّدَى كانَ بَحراً … وَإذا اهْتَزّ للرّدَى كان نَصْلا
وَإذا الأرْضُ أظلمتْ كانَ شَمساً … وَإذا الأرْضُ أمحَلَتْ كانَ وَبْلا
وَهوَ الضّارِبُ الكَتيبَةَ وَالطّعْـ … ـنَةُ تَغْلُو وَالضّرْبُ أغلى وَأغلَى
أيّهَا البَاهِرُ العُقُولَ فَمَا تُدْ … رَكُ وَصْفاً أتعَبْتَ فكري فمَهْلا
مَنْ تَعَاطَى تَشَبّهاً بِكَ أعْيَا … هُ وَمَنْ دَلّ في طَرِيقِكَ ضَلا
وَإذا ما اشتَهَى خُلُودَكَ داعٍ … قالَ لا زُلتَ أوْ ترَى لكَ مِثْلا