إلام تجن الحادثات وتظلم … وحتى متى تبغي العداة وتظلم
حملنا من الأيام ما لا يطيقه … أبانٌ ولا يقوى عليه يلملم
نوائب تتلوها إلينا نوائبٌ … صعاب تهد الراسيات وتهدم
إذا نحن قلنا قد تولت غيومها … توالت علينا ترجحن وتسجم
ظللنا لها ما بين باكٍ دموعه … تسيل وشاكٍ قلبه يتضرم
جزى الله ما يجزي المسيئين معشراً … تمادت بنا شكوى الإساءة منهم
أتوا مصر ضيفاناً أطلنا قراهمو … وإكرامهم والحر للضيف يكرم
فما برحوا يأتون كل عظيمة ٍ … فنغضي ويأبون الجميل فنحلم
أهذا جزاء المحسنين وفوا به … فيا بئسما يجزي اللئيم المذمم
بذلنا لهم أرياً وجاءوا بعلقمٍ … وهل يستوي الضدان أريٌ وعلقم
نقيضان هذا مر في الذوق مطعماً … فمج وهذا قد حلا منه مطعم
لئامٌ لقوا منا كراماً لقوهمو … بأحلام عادٍ يلأمون ونكرم
همو زعموا أنا ضعافٌ فضاعفوا … أذانا وكم من مخطئ حين يزعم
يزيد الأذى منهم فيزداد حلمنا … ويعظم وقع الخطب فينا فنعظم
وجاروا وماروا واعتدوا وتمردوا … وجالوا وصالوا وازدروا وتهضموا
وعادوا وكادوا واستبدوا وعاندوا … وخانوا ومانوا واستطالوا وأجرموا
ولم يتركوا شيئاً لنا من بلادنا … نلذ به بين الأنام وننعم
نعم تركوا آلام حزنٍ مبرحٍ … بها كل قلبٍ من بني مصر مفعم
كفى حزناً أنا نرى مصر أصبحت … بعين بنيها وهي نهبٌ مقسم
تناديهمو كي يدركوها ولا أرى … سوى محجمٍ يعتاق ساقيه محجم
بني مصر هيا قد تمادى جثومكم … أأنتم إلى يوم القيامة جثم
بني مصر هذي مصر تبكي مصابها … ألا مشفق يحنو عليها ويرحم
بني مصر هذي مصر قد ساء حالها … وأسوأ حالاً لو تفيقون أنتم
بني مصر قد أوردتمو مصر مورداً … يذيق الردى وراده لو علمتم
أسأتم إليها جاهدين وأنتمو … بنوها فهلا للعداة أسأتم
فيا ليتها من قبل كانت عقيمة ً … ويا ليتها في مقبل الدهر تعقم
رهين بلى ً قد حل في جوف حفرة ٍ … يسد عليها بالرجام ويردم
تولت بقلبٍ موجعٍ لفراقه … تشق عليه الجيب حزناً وتلطم
يقرح جفنيها لطول بكائها … دموعٌ سخيناتٌ يعندمها دم
بأعظم من مصر اكتئاباً وحسرة ً … وقد زال عنها عزها المتصرم
لقد هرمت مصر ونزعم أنها … فتاة ٌ فهل أدعى فتى ً حين أهرم
بدا ظهرها بعد الشباب مقوساً … وقد كان قبل الشيب وهو مقوم
ولو أسفرت عن وجهها لبدت لنا … حقيقتها لكنها تتلثم
إذا حاولت مصرٌ إلى المجد نهضة ً … أبى ذاك عظمٌ واهنٌ متهشم
أتلك فتاة ٌ يا بني مصر إنكم … توهمتمو هذا فخاب التوهم
وفلاح مصرٍ كم توالت مصائبٌ … عليه تلقى شرها وهو مرغم
رأى القوت من هم الحياة فباعه … يخاف أذاهم وانثنى يتألم
له صبية ٌ خمص البطون كأنهم … جوازل وكرٍ ما لها فيه مطعم
وبادية الثديين أخلق ثوبها … وأبلاه بعد الحول حول مجرم
توجع تبغي بعد عامين غيره … حفاظاً على العورات والمرء معدم
يقول لها لا ترفعي الصوت واجعلي … لباسك حسن الصبر ما ثم درهم
مغارم شتى لا تزال تصيبني … إذا مغرم منها انقضى جاء مغرم
نمارس أنواع الشقاء وغيرنا … بما نحن نجني دوننا يتنعم
نبيع ببخسٍ ما علمت ونشتري … من القوم لا بالبخس ما نحن ننجم
فلو أن في مصرٍ مصانع لم يكن … كمغنم أهليها على الدهر مغنم
بلادٌ يفيض الخير فيها وتشتكي … وشعبٌ يفوز الأجنبي ويحرم
ألا ليت هذا الدهر يعكس سيره … فيعتاد مصراً عهدها المتقدم
لقد كان عيداً للبلاد وموسماً … تسر به لو دام عيدٌ وموسم
ترقت بروج العز فيه بواذخاً … لها من صميم العزم والحزم سلم
أتى بعده عهدٌ وعهدٌ كلاهما … أضر وأنكى للبلاد وأشأم
كفى حزناً أن المدارس أصبحت … دوارس فيها للبلى متخيم
أرى أمة ً حيرى يظل سوادها … صريع العمى والجهل ما يتعلم
ألا مصلح يبني الحياة لقومه … ألا منقذ يحمي البلاد ويعصم
سما من سما بالعلم واعتز بالحجى … من اعتز فينا والذين تقدموا
رأيت سنام المجد لا يستطيعه … بلا أدبٍ يسمو به المتسنم
وكيف تنال المجد في الناس أمة ٌ … أزمتها للإنكليز تسلم
أنطمع كالأحياء في نيل بغية ٍ … وأعداؤنا تقضي علينا وتحكم
ولم أر كالسودان أبعث للأسى … وإن لج في ترنامة المترنم
أكانوا عداة ً فابتدرنا قتالهم … وصاولهم منا الخميس العرمرم
دهمناهمو لا بل دهمنا نفوسنا … فهلا علمنا أينا كان يدهم
سيوف لغير الله سلت عليهمو … تطبق فيهم مرة ً وتصمم
تمنى لو أن الحامليها تثلمت … سواعدها أو أنها تنثلم
ومشتجرات في الصدور نوافذٌ … تود تقى ً لو أنها تتحطم
فيا عجباً للدهر كيف يضمنا … وإخواننا الأدنين في الحرب مأزم
ألا حرمة وافى بها الدين تتقى … ألا رحم أوصى بها الله ترحم
كأني بأرواحٍ قضت شهداؤها … تسامى إلى ديانها تتظلم
لعمري لقد غيظت لسوء صنيعنا … ملائكة الجبار فهي تدمدم
تجدلت الحامون منا ومنهمو … وحدثت الناعون عنا وعنهم
فمن لنساءٍ قد شجاها التأيم … ومن لصغارٍ قد دهاها التيتم
يهنئنا قومٌ بهذا وإنما … يهنأ من يغزو العدو فيغنم
علام أرى الغاوين تسدي وتلحم … وتنثر في مدح العداة وتنظم
ألا قاتل الله المقطم إنه … ليوشك أن يندك منه المقطم
نود له أن يهتدي من ظلاله … فيأبى وأن يحذو الكرام فيلأم
وكيف يرى سبل الهداية مبغضٌ … لها مستهامٌ بالغواية مغرم
يدب يقول السوء في مصر جاهداً … كما دب ليلاً ينفث السم أرقم
ألم يدر أن الصدق أهدى طريقة ً … وأجدى وأن الحق أقوى وأقوم
تمنى العدى أن تستبيح بلادنا … منى ً دونها ذو لبدتين غشمشم
شتيمٌ تحامى الضاريات عرينه … يكشر عن أنيابه ويصلقم
منى دونها غيث البلاد وغوثها … مليك الورى عبد الحميد المعظم
أجل الملوك الصيد في الفضل رتبة ً … وأقوم رأياً في الخطوب وأحزم
له عزماتٌ ماضياتٌ متى ترم … مراماً تحاماها القضاء المحتم
يبيت الدجى يرعى الرعايا بفكرة ٍ … حكت منه طرفاً كالئاً ما يهوم
هو المرتجى للملك يحمي ذماره … ويدحر عنه المعتدين ويدحم
ورأيٍ له أمضى غراراً ومضرباً … من السيف لا ينبو ولا هو يكهم
تغض به هام الأعادي إذا عتت … وتجذم أسباب العوادي وتخذم
أمولاي رحماك التي أنت أهلها … فحتى متى نبدي الشكايا ونكتم
يصرح بالشكوى لعلياك معشرٌ … ويخشى الأعادي معشرٌ فيجمجم
أمضت جراحات الخطوب قلوبنا … وليس لها في غير كفيك مرهم
أما للشياطين التي قد تمردت … بأرضك شهبٌ من سمائك رجم
غياثك يا رب البلاد لأمة ٍ … يهدم عالي مجدها ويهضم
غياثك إنا قد سئمنا حياتنا … ومثل حياة الحر في مصر تسأم
غياثك قد ضاق الخناق وحشرجت … نفوسٌ إذا استبقيتها تتلوم
بقيت لهذا الملك تدفع دونه … وتمنع أمر المسلمين وتعصم
ولا زلت يا روح الخلافة سالماً … فأمنية الإسلام أنك تسلم
ولا برح البيت الذي أنت شائدٌ … من المجد فينا وهو بيتٌ محرم