إذَا المَرْءُ لمُ يَحْقُنْ دَماً لابن عَمّهِ … بمَخْلُولَةٍ مِنْ مَالِهِ أوْ بمُقْحَمِ
فَلَيْسَ بذي حَقٍّ يُهَابُ لحَقّهِ، … وَلا ذي حَريمٍ تَتّقِيهِ لمَحْرَمِ
فَخَلّ عن الحَيّاتِ إنْ نَهَدَتْ لهُ، … وَلا تَدْعُوَنْ يَوْماً بهِ عندَ مُعظَمِ
أبَى حَكَمٌ مِنْ مَالِهِ أنْ يُعِينَنَا … على حَلّ حَبْلِ الأبْيَضِيّ بدِرْهَمِ
وَقُلْتُ لَهُ: مَوْلاكَ يَدْعُو يَقودُهُ … إلَيْكَ، بحَبْلٍ، ثائِرٌ غَيرُ مُنعِمِ
بكَى بَينَ ظَهْرَيْ رَهْطِهِ بَعدَما دعا … ذَوي المُخّ مِنْ أحسابِهِمْ وَالمُطَعَّمِ
فقالَ لهُمْ: رَاخُوا خِناقي وَأطْلِقُوا … وَثَاقي فَإني بَينَ قَتْلٍ وَمغْرَمِ
وَمِنْ حَوْلِهِ رَهْطٌ أصَابَ أخاهُمُ … بهازِمَةٍ تَحْتَ الفَرَاشِ المُحَطَّمِ
بَنُو عَلّةٍ مُسْتَبْسِلُونَ قَدِ التَوَتْ … قُوَاهُمْ بِثأرٍ في المَرِيرَةِ مُسْلَمِ
وَلَمْ يَدْعُ حتى ما لَهُ عِندَ طَارِقٍ … ولا سَائِرِ الأبْنَاءِ مِنْ مُتَلَوَّمِ
فقالوا: استَغِثْ بالقَبرِ أوْ أسمعِ ابنَهُ … دُعاءَكَ يَرْجِعْ رِيقُ فيكَ إلى الفَمِ
فَأقْسَمَ لا يَخْتَارُ حَيّاً بِغَالِبٍ، … وَلَوْ كانَ في لحدٍ من الأرْضِ مُظْلِمِ
دَعا بَينَ آرَامِ المَقَرّ ابنَ غالِبٍ، … وَعاذَ بِقَبْرٍ تَحْتَهُ خَيرُ أعْظُمِ
فَقُلْتُ لَهُ أقرِيكَ عَنْ قَبرِ غالِبِ … هُنَيْدَةَ إذْ كَانَتْ شفَاءً من الدمِ
يَنامُ الطّرِيدُ بَعدَها نَوْمةَ الضّحَى، … وَيَرْضَى بهَا ذُو الإحْنَةِ المُتَجَرِّمِ
فَقامَ عَنْ القَبْرِ الذي كانَ عائِذاً … بهِ إذا أطافَتْ عِيطُها حَوْلَ مُسلَمِ
وَلَوْ كانَ زَبّانُ العُلَيميُّ جَارَهَا، … وَآلُ أبي العاصِي غَدَتْ لمْ تُقَسَّمِ
وَفيمَ ابنُ بَحْرٍ من قِلاصِ أشَذَّهَا … بِسَيْفَينِ أغْشَى رَأسَهُ لَمْ يُعَمَّمِ
وَلمْ أرَ مَدْعُوَّينِ أسْرَعَ جَابَةً، … وَأكْفَى لِرَاعٍ مِنْ عُبَيْدٍ وَأسَلَمِ
أهِيبَا بهَا يا ابْنَيْ جُبَيْرٍ، فإنّهَا … جَلَتْ عَنْكُما أعناقُها لَوْنَ عِظلِمِ
دَفَعْتُ إلى أيْديهِمَا فَتقَبّلا … عَصَا مئَةٍ مثل الفَسِيلِ المُكَمَمِ
فَرَاحَا بِجُرْجُورٍ كَأنّ إفَالَهَا … فَسِيلٌ دَماً قِنْوَانُهُ مِنْ مُحَلِّمِ
ألا يا اخْبِرُوني أيّها الناسُ إنّمَا … سألتُ وَمَنْ يَسألْ عن العِلمِ يَعلَمِ
سُؤالَ امرِىءٍ لمْ يُغفلِ العِلمَ صَدرُه، … وَما العالمُ الوَاعي الأحاديثَ كالعَمي
ألا هَلْ عَلِمْتُمْ مَيّتاً قَبْلَ غالبٍ … قَرَى مِئَةً ضَيْفاً، ولَمْ يَتَكَلّمِ؟
أبي صَاحبُ القَبْرِ الذي مَنْ يَعُذْ بِه … يُجْرْهُ مِنَ الغُرْمِ الذي جَرّ وَالدّمِ
وَقَد عَلِمَ السّاعي إلى قَبرِ غَالِبٍ، … من السّيْفِ يَسعى، أنّهُ غَيرُ مُسلَمِ
وَإذ نحّبَتْ كَلْبٌ على النجاسِ أيُّهمْ … أحَقُّ بِتَاجِ المَاجِدِ المُتَكَرّمِ
على نَفَرٍ هُمْ مِنْ نِزَارٍ ذُؤابَةٌ، … وَأهْلُ الجَرَاثِيمِ التي لمْ تُهَدَّمِ
على أيّهِمْ أعْطَى وَلمْ يَدْرِ مَن همُ، … أحَلَّ لَهُمْ تَعقِيلَ ألْفٍ مُصَتَّمِ
فَلمْ يَجلُ عن أحسابِهمْ غَيرُ غالبٍ … جَرَى بعِنانَيْ كُلّ أبْلَجَ خِضْرِمِ
وَلَوْ قَبِلَتْ سَيْدانُ مِني حَلِيفَتي، … شَفَيْتُ بهَا ما يَدّعي آلُ ضَمضَمِ
لأعطيتُ ما أرْضَى هُبَيْرَةَ قَائِماً … مِنَ المُعلَنِ البادي لَنا والمُجَمجَمِ
وَكُنْتُ كمَسْؤولٍ بِأحداثِ قَوْمِهِ … ليُصْلِحَهَا، مَنْ لَيسَ فيها بمُجرِمِ
وَلكِنْ إذا ما المُصْلِحُونَ عَصَاهُمُ … وَليٌّ، فَما للنّصْحِ مِنْ مُتَقَدَّمِ