سار والدرب ركام من غباء … كل شبر فيه شيطان بدائي
كان يرتد ويمضي مثلما … تخبط الريح ، مضيقا من عناء
بين جنبيه ، جريح هارب … من يد الموت ، ومسلول فدائي
يصلب الخطو على ذعر الحصى … وعلى جذع مديد من شقاء
وعلى منعطف أو شارع … من دم الذكرى وأنقاض الرجاء
من يعي يسأله : أين أنا؟ … ضاع قدامي ، كما ضاع ورائي
والى لا منتهى هذا السرى … في المتاهات ، ومن غير ابتداء
انني أخطو على شلوى وفي … وهوهات الريح ، أشتم دمائي
من يؤاويني ؟ ايصغي منزل … لو أنادي ، أو يعي أي خباء ؟
الممرات مغارات لها … وثبة الجن، وإجفال الظباء
وهناك الشهب غربان ، بلا … أعين ، تجتاز غيما لا نهائي
وهنا الشمس عجوز ، تحتسي … ظلّها ، تصبو إلى تحديق رائي
من دنا منسّي ؟ وكالطيف النوى … ونأى ، خلف خيالات التنائى
من وراء التلّ عنّت غابة … من أفاع ، وكهوف من عواء
وعيون ، كالمرايا ، لمعت … في وجوه ، من رماد وانحناء
انه حشد ، بلا اسم وجهه … خلفه مرآه تزوير الطلاء
من يرى ؟ أي زحام ودرى … انه يرنو إلى زيف الخواء ؟
وبلا زاد ولا درب مضى … كالخيالات الكسيحات الظماء
تخفق الأحزان ، في أهدابه … وتناغي ، كعصافير الشتاء
ينحني، يستفسر الاطراق من … وجهه الذاوي ، وعن باب مضاء
عن يد ، صيفية اللّمس وعر شرفة … جذلى ، وعن نبض غناء
وتأنت نجمة أرسى على … جفنها طيف ، خريفيّ الرّداء
فتملاها مليّا وارتدى … جوّ عينيه ، أصيلا من صفاء
والتظى برق ، تضنّى خلفه … ألف دنيا ، من ينابيع السخاء
وبلا وعي دنا ، من كوخه … كغريق ، عاد من حلق الفناء
فأحسّ الباب يلوي حوله … ساعدي شوق ، وحضنا من بكاء
اين من يسأله ، يخبره … عن مآسيه فيحنو أو يرائي؟
وجثا ، يحنو عليه منزل … سقفه الثلج ، وجدران المساء
وكما تنجرّ أمّ ضيّعت … طفلها ، يبحث عن أدنى غذاء
يجتدي الصمت نداء أو يدا … أو فما يفترّ ، أو رجع نداء
ويداري السّهد أو يرنو الى … ظلّه ، يختال في ثوب نسائي
فتعاطيه مناه أكؤسا … من دخان ، واحتضانا من هباء
تحتسي أنفاسه أمسية … عاقر ، تمتص ألوان الهواء
هل هنا لابن سبيل الريح من … موعد ؟ أو ها هنا دفء لقاء ؟
عاد من قفر دخاني ، الى … عامر ، أقفر من ليل العراء
وغدا يبتديء الأشواط من … حيث أنهاها ، إلى غير انتهاء
يقطع التيّه ، إلى التيه ، بلا … شوق أسفار ، ولا وعد انثناء
وبلا ذكرى ، ولا سلوى رؤى … وبلا أرض ، ولا ظل سماء
عمره دوّامة من زئبق … وسهاد ، وطريق من غباء