أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا … وأصبو إليكم كلَما هبّتِ الصَّبا
وأطوي على حرِّ الغرام جوانحاً … تلهَّبُ في نيران وجدي تلهُّبا
يؤنّبني اللاّحون فيك ولم أكن … لأسمعَ في الحبّ العذولَ المؤنِّبا
وأرّقني يا سعد برقٌ أشيمه … يزرّ على الأكناف برقاً مذهبا
شجاني فأبكاني وأطربَ مَسْمَعي … حمامٌ بذات البان غنّى فأطربا
وذكَّرني والدار منها قصيّة … على النأي سعدى والرباب وزينبا
بحيث الهوى غضٌّ وبرد شبابنا … قشيب وعهد اللهو في زمن الصبا
يدارُ علينا من دم الكرم قهوة … فنشرب ترياق الهموم المجرّبا
وتُهدي إلينا في الكؤوس نوافجاً … من المسك أو أذكى أريجاً وأطيبا
إذا زفّها الساقي لشربٍ تبسَّمتْ … به طرباً حتى يروح مقطّبا
ويا رُبَّ ليلٍ رُحتُ فيه مع المها … بقصّة أشواق يكون لها نبا
تلاعبُ أنفاس النسيم إذا سرى … على جلّنار الخدّ صدغاً معقربا
أَلَمْ تنظر الأَيام كيف تبدَّلَتْ … بنا ورخاء العيش كيف تقلَّبا
فلم أستطبْ يا سعد مرعى ً أروُدُه … مريعاً ولم أستعذِب اليوم مشربا
بربّكما عوجا على الربع ساعة ً … وإنْ كان قد أقوى دروساً وأجدبا
لئن لَعِبت فيه السوافي وبرّحت … فقد كان قبل اليوم للسِّرب ملعبا
ويا طالما وافى على حين غفلة … وواهاً على الحيِّ الذي قد تجنَّبا
وإنَّ وقوفي في المنازل بعدهم … لأَقضي لحقّ الوجد ما كان أَوْجَبا
أثيرُ له الأشجان من وكناتها … وأُجري دموعاً صَوبُها قد تصبَّبا
أَطعتُ الهوى ما إنْ دعاني له الهوى … ولما دعوتُ الصَّبر يومئذٍ أبى
وما زالُ يوري زندًه لاعجَ الحشا … فما باله أَورى الفؤاد وما خبا
أُعلِّلُ نفسي بالتلاقي وبيننا … حزونٌ إذا يجري بها خاطري كبا
ولو أنَّ طيفَ المالكيّة زارني … لقُلْتُ له أهلاً وسهلاً ومرحبا
وإنْ نَقَل الواشي لظمياءَ سلوة ً … فما صدقَ الواشي بذاك وكذّبا
تؤاخذني الأيامُ والذنب ذنبها … على غير ما جُرمٍ وما كنت مذنبا
فيا وَيحَ نفسي ضاع عمري ولم أَفُزْ … بِحُرٍّ ولا أَبْصَرْتُ خِلاًّ مهذبا
ويقعدني حظّي عن النيل إنْ أرمْ … مراماً وإنْ أطلب من الدهر مطلبا
ولم يُجْدِني إرهافيَ العزمَ في المنى … وما حيلتي بالصارم العضب إنْ نبا
وما برحتْ تملى على الدهر قصَّتي … فتملأُ أفهام الرجال تعجُّبا
وتزهو بأمداح النّقيب قصائدي … بأَحْسَنَ ما تزهو بأزهارها الرّبا
بأبلجَ وَضّاح الجبين كإنَّه … إذا لاح في ضوء النهار تنقّبا
لتسمُ ينو السادات من آل هاشم … بأنجبهم أمّاً واشرفهم أبا
وأحلاهمُ في وابل الجود صيّبا … وأعلاهمُ في قُلَّة المجد منصبا
أتانا بأبكارِ المناقب سيدٌ … فأبدعَ فيما جاء فيه وأغربا
وخيِّر ما بين المذاهب في العلى … فما کختار إلاّ مذهب الفضل مذهبا
تَحبَّبَ بالحسنى إلى الناس كُلِّهم … ومن جُملة الإحسان أَنْ يتحبَّبا
لك الله من طار الفخارُ بصيته … فَشَرَّقَ في أقصى البلاد وغرّبا
ومن راح يستهديك للجود والندى … رآك إلى الخيرات أهدى وأصوبا
تقلَّبَ في نعمائك الدهر كلّه … وما زلتُ في نعمائك المتقلبا
وجدّك لم أبصرْ سواك مؤمَّلاً … ولا من إذا ما استوهب المال أوهبا
إذا لم أجد لي للثراء مسبّباً … وجدتك في نيل الثراء المسبّبا
وقد شمت برقاً من سجابك ممطراً … وما شمت برقاً من سحابك خلّبا
وإنّي لأستسقي نوالك ظامئاً … فلم أَرَ أَمْرى منه شيئاً وأعذبا
ولي قلمٌ يملي عليك إذا جرى … وترجمَ عمّا في الضّمير وأعربا
فيا قمراً في طالع السعد نيّراً … ويا فلكاً بالمكرمات مكوكبا
فلو أنَّ شهرَ الصَّوم طاف بمنزلي … تبسَّمَ مما راعه وتعجّبا
وأَبْصرَ داراً لو ثوى الخير ساعة … بها لنأى عن أهلها وتغرَّبا
ويا طالما وافى ععلى حين غفلة … فأَصْبَحْتُ منه خائفاً مترقبا
وجرّبته في كل عام بغصّة … مثلي من ساس الأمور وجرّبا
ولمّا رأيتُ الهمَّ جاز لي المدى … إلى أنْ رأيتُ السيل قد بلغ الزبى
وقد أتعبتني ما هنالك فاقة ٌ … ومن كان مثلي أَتْعَبَتْه وأتعبا
وقد حملتني حاجة لو كفيتها … غدوت له عن ثروة متأهبا
ركبتُ بها الآمال وهي خطيرة ٌ … ولو لم يكن غيرُ الأسنّة مركبا
وما خاب ظنّي في جميلك قبلها … وما كنتَ للظنِّ الجميل مخيّبا