أَلاَ مَنْ لِنَفْسٍ لا تَزالُ مُشيحَة ً … على كَمَدٍ لَمْ يَبقَ إلاّ ذَماؤُها
أَرى هِمَّتي هَمّاً تَخَوَّنَ مُهْجَتي … فَقُلْ يا شَقيقَ النَّفْسِ لي ما شِفاؤها
وَمَنْ رامَ ما أَسْمُو إِلَيْهِ أَزارَهُ … صَوارِمَ تَرْوى بِالنَّجيعِ ظِماؤُها
وَطُلاّبِ مَجْدٍ دونَ ما يَبْتَغونَهُ … أَعالي رُباً لا يُسْتَطاعُ امْتِطاؤُها
عَلَونا ذُراها كَالبُدورِ تَأَلَّقَتْ … فَجَلَّى دياجيرَ الظَّلامِ ضياؤها
ونحنُ مُعاوِيُّون يَرْضَى بِنا الوَرى … مُلوكاً ، وفينا مِنْ لُؤَيٍّ لِواؤُها
وَأَخْوالُنا ساداتُ قَيْسٍ وَوائِلٍ … وَأَعْمامُنا مِنْ خِنْدِفٍ خُلفاؤها
وَقَدْ عَلِمَتْ عُليا كِنانَة َ أنَّنا … إذا نَقَضَ الطَّيْشُ الحُبا، حُلَماؤها
وَما بَلَغَتْ إلاّ بِنا العَرَبُ العُلا … وقد كان مِنّا عِزُّها وَثَراؤها
وَأَيُّ قَريضٍ طَبَّقَ الأَرْضَ لَمْ يَرُضْ … قَوافيَهُ في مَدْحِنا شُعَراؤُها؟
وَلَمّا انتَهَتْ أَيّامُنا عَلِقَتْ بِها … شَدائِدُ أَيّامٍ قَليلٍ رَخاؤُها
وَكانَ إلينا في السُّرورِ ابتِسامُها … فَصارَ عَلَيْنا في الهُمومِ بُكاؤُها
أُصيبَتْ بِنا فَاسْتَعْبَرَتْ، وَضلوعُها … على مِثْلِ وَخْزِ السَّمْهَرِيِّ انْطِواؤُها
وَلَو عَلِمَتْ ماذا تُعانِيهِ بَعْدَنا … لَما شَتِمَتْ جَهلاً بِنا سُفَهاؤُها
إذا ما ذَكَرْنا أَوَّلينَا تَوَلَّعَتْ … بنا مَيْعَة ٌ يُطْغِي الفَتى غُلْواؤُها
وقد ساءَ قَوْماً مِنْ نِزارٍ وَيَعْرُبٍ … فَخاري وَهُمْ أَرضٌ وَنَحْنُ سَماؤُها
وَهَلْ تَخْفِضُ الأُسْدُ الزَّئيرَ بِمَوْطنٍ … إذا لَجَّ فيهِ مِنْ كِلابٍ عُواؤُها
مَلَكْنا أَقالِيمَ البِلادِ فَأَذْعَنَتْ … لَنا رَغْبَة ً أَوْ رَهْبَة ً عُظَماؤُها
وَجاسَتْ بِنا الجُرْدُ العِتاقُ خِلالَها … سَواكِبَ مِنْ لَبّاتِهِنَّ دِماؤُها
فَصِرْنا نُلاقي في النّائِباتِ بِأَوْجُهٍ … رِقاقِ الحَواشي، كادَ يَقْطُرُ ماؤُها
إذا ما أَرْدنا أن نَبُوحَ بِما جَنَتْ … عَلَيْنا اللَّيالي لَمْ يَدَعْنا حَياؤُها
وَأَنْتُمْ بَني مَنْ عِيبَ أَوْلادُهُ بِهِ … ذَوو نِعْمَة ٍ يَضْفو عَلَيْكُمْ رِداؤُها
فَلَمْ تَسْأَلُوا عَمّا تُجِنُّ نُفُوسُنا … وَتَمْنَعُنا مِنْ ذِكرِهِ كِبرياؤُها
وَلا خَيْرَ في نَفسٍ تَذِلُّ لِحادثٍ … يُلِمُّ وَلا يَعْتادُها خيَلاؤُها
فَلا كانَ دَهْرٌ نِلْتُمُ فيهِ ثَرْوَة ً … وَتَبّاً لِدُنْيا أَنتمُ رُؤَساؤُها