أَلاَ لاَ تَلُمْهُ اليَوْمَ أَنْ يَتَلَبَّدَا … فَقَدْ غُلِبَ المَحْزُونُ أنْ يَتَجَلَّدَا
بطيتُ الصِّبا جهدي فمنْ شاءَ لامني … وَمَنْ شَاءَ آسَى فِي البُكَاءِ وأَسْعَدَا
وَإِنِّي وَإِنْ فُنِّدْتُ في طَلَبِ الصِّبَا … لأعلمُ أنِّي لستُ في الحبِّ أوحدا
إذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الهَوَى … فَكُنْ حَجَراً مِنْ يَابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدَا
فَمَا العَيْشُ إلاَّ أَنْ تَلَذَّ وَتَشْتَهِي … وَإِنْ لاَمَ فِيهِ ذُو الشَّنَانِ وَفَنَّدَا
وَعَهْدِي بِهَا صَفْرَاءَ رُوداً كأَنَّما … نَضَا عَرَقٌ مِنْهَا عَلَى اللَّوْنِ عَسْجَدَا
مُهَفْهَفَة ُ الأَعْلَى وَأَسْفَلُ خَلْقِهَا … جرى لحمهُ منْ دونِ أنْ يتخدَّدا
مِنَ المُدْمَجَاتِ اللَّحْمِ جَدْلاً كَأَنَّهَا … عنانُ صناعٍ مدمجُ الفتلِ محصدا
كأنَّ ذكيَّ المسكِ منها وقدْ بدتْ … وَرِيحَ الخُزَامَى عَرْفُهُ يَنْفَحُ النَّدَى
وإنِّي لأهواها وأهوى لقاءها … كما يشتهي الصَّدي الشَّرابَ المبردا
فَقُلْتُ أَلاَ يَا لَيْتَ أَسْمَاءَ أَصْقَبَتْ … وَهَلْ قَوْلُ لَيْتٍ جَامِعٌ مَا تَبَدَّدَا
عَلاَقَة ُ حُبٍّ لَجَّ فِي زَمَنِ الصِّبَا … فَأَبْلَى وَمَا يَزْدَادُ إِلاَّ تَجَدُّدَا
سُهُوبٌ وَأَعْلاَمٌ تَخَالُ سَرَابَهَا … إِذَا اسْتَنَّ فِي القَيْظِ المُلاَءَ المُعَضَّدَا
فأوفيتُ في نشزٍ منَ الأرضِ يافعٍ … وقدْ تسعفُ الأيفاعُ منْ كانَ مقصدا
كريمُ قريشِ حينَ ينسبُ والَّذي … أَقَرَّتْ لَهُ بِالمُلْكِ كَهْلاً وَأَمْرَدَا
وليسَ عطاءٌ كانَ منهُ بمانعٍ … وَإِنْ جَلَّ عَنْ أَضْعَافِ أَضْعَافِهِ غَدَا
لَعَمْرِي لَقَدْ لاَقَيْتُ يَوْمَ مُوَقَّرٍ … أَبَا خَالِدٍ فِي الحَيِّ يَحْمِلُ أَسْعَدَا
وأوقدتُ ناري باليفاعِ فلمْ تدعْ … لِنِيرَانِ أَعْدَائِي بِنُعْمَاكَ مَوْقِدَا
وَمَا كَانَ مَالِي طَارِفاً عَنْ تِجَارَة ٍ … وَمَا كَانَ مِيراثاً مِنَ المَالِ مُتْلَدَا
ولكنْ عطاءٌ منْ إمامٍ مباركٍ … مَلاَ الأَرْضَ مَعْرُوفاً وَعَدْلاً وَسُؤْدُدَا
شَكَوْتُ إِلَيْهِ ثِقْلَ غُرْمٍ لَوَ انَّهُ … وَمَا أَشْتَكِي مِنْهُ عَلَى الفِيلِ بَلَّدَا
فَلَمّا حَمِدْنَاهُ بِمَا كَانَ أَهْلَهُ … وَكَانَ حَقِيقاً أَنْ يُسَنَّى وَيُحْمَدَا
وإنْ تذكرِ النعمى الَّتي سلفتْ لهُ … فاكرمْ بها، عندي، إذا ذكرتْ، يدا
أهانَ تلادَ المالِ في الحمدِ إنَّهُ … إمامُ هدى ً يجري على ما تعوَّدا
فكمْ لكَ عندي منْ عطاءٍ ونعمة ٍ … تسوءُ عدوًّا غائبينَ وشَّهدا
تردَّى بمجدٍ منْ أبيهِ وجدِّهِ … وقد أورثا بنيانَ مجدٍ مشيَّدا
وَلِي مِنْكَ مَوْعُودٌ طَلَبْتُ نَجَاحَهُ … وأنتَ امرؤٌ لا تخلفُ الدَّهرَ موعدا
وعوَّدتني أنْ لا تزالَ تظلُّني … يدٌ منكَ قدْ قدَّمتَ منْ قبلها يدا
وَلوْ كَانَ بَذْلُ المَالِ والجُودِ مُخْلِداً … منَ النّاسِ إنساناً لكنتَ المخَّلدا
فأقسمُ لا أنفكُّ ما عشتُ شاكراً … لِنُعْمَاكَ مَا طَارَ الحَمَامُ وَغَرَّدَا