أَصَاخَ الى الواشي فَلَبَّاهُ إذ دعا … وَقَدْ كانَ لا يُرْعي النَّمائِمَ مَسْمَعا
وَباتَ يُناجي ظَنَّهُ فِيَّ بَعْدَما … أَباحَ الهَوى مِنّي حِمى القَلْبِ أَجْمَعَا
وَأَبْدَى الرِّضى وَالعَتْبَ في أُخْرياتِهِ … وَمِنْ بَيِّناتِ الغَدْرِ أن يُجْمَعا مَعا
وَمَنْ ناوَلَ الإخْوانَ حبلاً مَشى البِلى … إلى طَرَفَيْهِ، هَمَّ أَنْ يَتَقَطَّعا
فَما غَرَّهُ مِنْ مُضْمِرِ الغِلِّ كاشِحٌ … إذا حَدَرَ الخَصْمُ اللِّثامَ تَقَنَّعا
سَعى بي إليه، لا هَدى الله سَعْيَهُ … وَلو نالَ عندي ما ابْتَغاهُ لمَا سَعى
وَحاوَلَ مِنّي غِرَّة ً حال دُونَها … مَكائِدُ تَأْبَى أَنْ أُغَرَّ وَأُخْدَعا
فَأَجْرَرْتُهُ حَبْلَ المُنى غَيْرَ أَنَّني … سَلَكْتُ بِهِ نَهْجَاً إلى الغَيِّ مَهْيَعا
وَلَمّا رَأَى أَنِّي تَبَيَّنْتُ غَدْرَهُ … وَأَدْرَكْتُ حَزْمَ الرَّأيِ فيهِ وَضَيَّعا
أَزارَ يَدَيْهِ ناجِذَيْهِ تَنَدُّماً … يُبَوِّئُهُ في باحَة ِ المَوْتِ مَصْرَعا
لَكَ الله مِنْ غُصْنٍ يُلاعِبُ عِطْفَهُ … وَبَدْرٍ يُناغي جِيدُهُ الشُّهْبَ طُلَّعا
تَجَلَّى لَنا وَالبَيْنُ زَمَّتْ رِكابُهُ … فَشَيَّعَهُ أرواحُنا حينَ وَدَّعا
وَشِيبَ بُكاءٌ بِابْتِسامٍ، وَأُدْمِيَتْ … مَسالِكُ أَنْفاسٍ يْقوِّمْنَ أَضْلُعا
وَلَمّا تَعانَقْنا فَذابَتْ عُقودُهُ … بِحَرِّ الجَوى ، صارَتْ ثُغوراً وأَدْمُعا
أَلا بِأَبي أُسدُ الحِمى وَظِباؤُهُ … وَمُنْعَرَجُ الوادي مَصِيفاً وَمَرْبَعَا
أَجُرُّ بِهِ ذَيْلَ الشَّبابِ، وَأَرْتَدي … بِأَسْحَمَ فَيْنانِ الذَّوائِبِ أَفْرَعا
مَعِي كُلُّ فَضْفاضِ الرِّداءِ سَمَيْدَعٍ … أُصاحِبُ مِنْهُ في الوَقائِعِ أَرْوعَا
غَذَتْهُ ربُا نَجدٍ فَشَبَّ كأَنهُ … شَبا مشرَفِيٍّ يَقْطُرُ السُّمَّ مُنْقَعا
يُريقُ إذا ارْتَجَّ النَّدِيُّ بِمَنْطِقٍ … كَلاماً كَأَنَّ الشِّيحَ مِنْهُ تَضَوَّعا
وَيُروي أَنابيبَ الرِّماحِ بِمَأزِقٍ … يَظلُّ غَداة َ الرَّوعِ بِالدَّمِ مُتْرَعا
عَرَكْتُ ذُنوبَ الحادِثاتِ بِجَنْبِهِ … فَهَبَّ مُشيحاً لا يُلائِمُ مَضْجَعَا
وَمَا عَلِقَتْ حَرْبٌ تُلَقَّحُ لِلرَّدى … بِأَصْبَرَ مِنْهُ في اللِّقاءِ وَأَشْجَعا
أَهَبْتُ، وَصَرْفُ الدَّهرِ يَحْرِقُ نابَهُ … بهِ آمِناً أَنْ أَسْتَقيمَ وَيَظْلَعا
فَأقْبَلَ كابنِ الغابِ، عَبْلاً تَلِيلُهُ … وَلَمْ يسْتَلِنْهُ القِرْنُ لِيتاً وَأَخْدَعا
يُريكَ الرُّبا لِلأَعوَجِيَّة ِ سُجداً … وَهامَ العِدا لِلْمَشرَفِيَّة ِ رُكَّعا
فَسَكَّنَ رَوعي، وَالرِّماحُ تَزَعْزَعت … وَخَفَّضَ جَأْشي، وَالعَجاجُ تَرَفَّعا
وَلّما رآني في تَميمٍ على شَفا … أُلاقي بَجَفْنَيَّ القَذى مُتَخَشِّعا
قَضى عَجَباً مِنّي وَمِنْهُمْ، وَبَيْنَنا … شَوافِعُ لا يَرضَى لَها المَجْدُ مَدْفَعا
وَهُنَّ القَوافي تَذْرَعُ الأَرضُ شُرَّداً … بِشِعرٍ إذا ما أَبْطَأَ الرّيحُ أَسْرَعا
يَروحُ لَها رَبُّ الفَصاحِة ِ تابِعاً … وَيَغْدو بِها تِرْبُ السَّماحَة ِ مُولَعا
وَلَم أَستَفِدْ مِنْ نَظْمِها غَيْرَ حاسِدٍ … إذا مارَمى لَمْ يُبْقِ فِي القَوْسِ مُنْزَعا
وَمَا أَنا مِمَّنْ يَمْلأُ الهَوْلُ صَدْرَهُ … وَإنْ عَضَّهُ رَيْبُ الزَّمانِ فَأَوجَعا
إذا ما غَسَلْتُ العارَ عَنِّيَ لَمْ أُبَلْ … نِداءَ زَعيمِ الحَيِّ بَشَّرَ أَوْ َنعى
لَعَزَّ عَلى الأَشرافِ مِنْ آلِ غالِبٍ … خُدودُ غَطاريفٍ تَوَسَّدْنَ أَذْرُعَا
نُنادِي أَميرَ المُؤْمِنينَ، وَدونَهُ … أَعادٍ يُزِجُّونَ العَقارِبَ لُسَّعا
أَيا خَيْرَ مَنْ لاذَ القَريضُ بِسَيْبِهِ … وَأَعْنَقَ مَدْحي في ذَراهُ وَأَوْضَعا
تُناطُ بِكَ الآمالُ وَالخَطْبُ فاغِرٌ … وَتُسْتَمْطَرُ الجَدْوى إذا المُزْنُ أَقْلَعا
وَتُغْضي لَكَ الأَبصارُ رُعْباً، وَتَنْثَني … إلَيكَ الهَوادي طائِعاتٍ وَخُضَّعا
بِحَيْثُ رَأَيْنا العِزَّ تَنْدَى ظِلالُهُ … وَمَجْدَكَ مُلْتَفَّ الغَدائِرِ أَتْلَعا
وَأَنْتَ الإمامُ المُسْتَضاءُ بِنُورِهِ … إذا اللَّيْلُ لَمْ يَلْفِظْ سَنا الصُّبْحِ أَدْرَعا
أَعِنِّي عَلى دَهْرٍ تَكادُ خُطوبُهُ … تُبَلِّغُ مَنْ يَضْرَر بِنا ما تَوَقَّعَا
فَقَدْ هَدَّ رُكْنَيَّ العَدُوَّ، ولم يكُنْ … يُحاوِلُ فينا قَبْلَ ذلكَ مَطْمعَا
أفي الحَقِّ أن يَسْتَرْقِعَ العِزَّ وَهْيَهُ … وَأنْ أَتَردّى بِالهَوانِ وَأَضْرَعا
وَيَرْتَعُ في عِرْضِي ويُقْبَلُ قَوْلُهُ … وَلَو رُدَّ عَنْهُ لَمْ يَجِدْ فيهِ مَرْتَعا
أما وَالمَطايا جائِلاتٍ نُسوعُها … مِنَ الضُّمْرِ حَتّى خالَها الرَّكْبُ أَنْسُعا
ضُرِبْنَ إلى البَيْتِ العَتيقِ، وَلَمْ تَقُلْ … لِناحِية ٍ منهُنَّ إذْ عَثَرتْ: لَعا
لَقد طَرَقَتْني النّائِباتُ بِحادِثٍ … لَوَانَّ الصَّفا يُرْمَى بِهِ لَتَصَدَّعا
وَلَسْتُ وإنْ عَضَّ الزَّمانُ بِغارِبي … أُطيلُ عَلى الضَّرَاءِ مَبكى ً وَمَجْزَعا
إذا ما أَغامَ الخَطبُ لَمْ أحتَفِلْ بِهِ … وَضاجَعْتُ فيهِ الصَّبْرَ حَتَّى تَقَشَّعا
أُراعُ ولَمْ أُذنِبْ، وأُجفى وَلَمْ أُخنْ … وَقَدْ صُدِّقَ الواشي فَأَخْنى وَأَقْذَعا
وَمِنكُمْ عَهِدنا الوِرْدَ زُرقاً جُمامُهُ … رَحيبَ مُنَدّى العيسِ، وَالرَّوضَ
فَعَطْفاً علينا، إنَّ فينا لِماجِدٍ … يُراقِبُ أَعْقابَ الأَحاديثِ، مَصْنَعا