أيرجع عهد بالشقيقة سالف … سقى العهد منهل من الغيث واكف
خليلي هذا موقف الوجد والأسا … وخير الخليلين المعين المساعف
فعوجا عليه بالدموع فانما … تحيته منا الدموع الذوارف
منازل كانت للنعيم معرّسا … وكانت بها للعاشقين مواقف
ترف الأقاحي وهي فيها مباسم … وتثنى بها الاغصان وهي معاطف
فلا تنكرا بالدار فرط صبابتي … فما كل قلب بالصبابة عارف
فلا ذعرت يا دار ارامك التي … بها المظباء الآنسات معارف
الفن الحسان الغانيات فأكرمت … وتكرم من اجل الأليف الألاف
لئن جرعتني الحزن اطلال دارهم … فكم ارشفتني الراح فيها المراشف
وان تعف بعد الظاعنين ربوعهم … فقلبي منها آهل الربع آلف
وقفت به والدمع يجري كأنني … وان جل رزء الطف بالطف واقف
على مربع روت دماء بني الهدى … ثراه ولم ترو القلوب اللواهف
فكم غيبت فيه نجوماً وحجبت … بدو رعلا فيها المنايا الخواسف
إلى الطف من أرض الحجاز تطلعت … ثنايا المنايا ماثنتها المخاوف
ترحل أمن الخائفين عن الحمى … مخافة ان لا يأمن البيت خائف
وقد كان شمساً والحجاز بنوره … مضئ فامسى بعده وهو كاسف
وصوح بعد الغيث نبت رياضه … وقلص ظل بالمكارم وارف
قد استصرخته بالعراق عصابة … تحكم فيها جائر الحكم عاسف
فانجدهم غوث اللهيف وشيمة … الكريم إذا داع دعاه يساعف
سرى والمنايا تستحث ركابه … إلى موقف تنسى لديه المواقف
تحف به الخيل الكرام وفوقها … من الهاشميين الكرام الغطارف
بنو مطعمي طير السماء سيوفهم … لهن مقاري في الوغى ومضائف
إذا اعتقلوا سمر الرماح تضيقت … يعاسيبها العقبان فهي عواكف
بهم عرف المعروف والبأس والندى … وفاضت على المسترفدين العوارف
وقد نازلوا الكرب الشديد بكربلا … وكل بحد السيف للكرب كاشف
فدارت بابناء النبي محمد … عصائب ابناء الطليق الزعانف
وما اجتمعت الا لتطفئ عنوة … مصابيح نور الله تلك الطوائف
وما كان كتب القوم الا كتائبا … تمج دماً فيها القني الرواعف
وقد اخذ الميثاق منهم فما وفى … أخو موثق منهم ولا برّ حالف
ابى الله والنفس والأبية ضيمه … فمات كريماً وهو للضيم عائف
ونفس علي بين جنبي سليله … فلله هاتيك النفوس الشرائف
وراموا على حكم الدعي نزوله … فقال على حكم النزال التناصف
نفوس أبت إلا نفائس مفخر … إليها انتهى مجد تليد وطارف
بنفسي من احيى شريعة جدّه … على حين قد كادت تموت العواطف
أبوه الذي قد شيد الدين سيفه … وهذا ابنه والشبل لليث واصف
أمير المنايا ذو الفقار بكفه … إذا ما قضى أمراً فليست تخالف
ويجري به بحر وفي الكف جدول … تمر على من ذاق منه المراشف
طوى بصفيح الهند نشر جموعهم … كما طويت بالراحتين الصحائف
وقل البغاة الماردين كأنه … سليمان لكن المهند آصف
يكر على جمع العدى وهو بينهم … فريد فترفض الجموع الزواحف
جناحهم من خيفة الصقر خافق … وقلبهم من سطوة الليث راجف
يفل قراع الدارعين حسامه … فيحمل فيهم وهو بالعزم سائف
وقائمه ما بارح الكف في الوغى … إلى ان خبا برق من السيف خاطف
صريعا يفدى بالنفوس وسيفه … كسير تفدّيه السيوف الرهائف
قضى عطشا دون الفرات فلا جرى … بورد ولا بل الجوى منه راشف
وظمأن لكن من نجيع فؤاده … تروى المواضي والرماح الدوالف
ومرتضع بالسهم اضحى فطامه … فذاق حمام الموت والقلب لاهف
اتى ابن رسول الله مستسقياً له … فما عطفت يوماً عليه العواطف
فاهوت على الجيد المخضب أمه … تقبّله والطرف بالدمع واكف
جعلتك لي يا منية النفس زهرة … ولم ادر ان السهم للزهر قاطف
فلله مقدام على الهول ماله … سوى المرهف الماضي عضيد محالف
إذا اشتد كرب زاد بشراً وبهجة … كان المنايا بالأماني تساعف
وفي الأرض صرعى من بنيه ورهطه … وفي الخدر منه المحصنات العفائف
فلا هو من خطب يلاقيه ناكل … ولا هو فيما قد مضى منه آسف
واعظم ما قاسى خدور عقائل … بها لم يطف غير الملائك طائف
وعز عليه ان تهاجمها العدى … وهن بحامي خدرهن هواتف
ينوء ليحمي الفاطميات جهده … فيكبوبه ضعف القوى المتضاعف
لأن عاد مسلوب الثياب مجردا … فللحمد ابراد له ومطارف
فلم ير احلى من سليب قد اكتسى … من الطعن ما تكسو الجروح النوا
وفي السبي من آل النبي كرائم … نمتها إلى المجد الاثيل الخلائف
يسار بها من منهل بعد منهل … وتطوى على الاكوار فيها التنائف
وليس لها من رهطها وحماتها … لدى السير الا ناحل الجسم ناحف
تمثلها العين المنيرة للعدى … ويسترها جفن من الليل واطف
وهن بشجو للدموع نواثر … وهن بندب للفريد رواصف
هواتف يبكين الحسين إذا بكت … هديلا حمامات الغصون الهواتف
وفوق القنا تزهو الرؤس كأنها … ازاهير لكن الرماح القواطف
وما حملت فوق الرماح رؤسهم … ولكنما فوق الرماح المصاحف