أنَّى تماطلني وأنت جَوَادُ … والشكر يُبْدأ تارة ويُعادُ
إني إخالك تسْتَقِلُّ من الجَدا … ميسورَه فتكِيعُ حين تُكادُ
لاتحقِرنَّ من الصِّلات قليلة ً … تكفي فجودك بالسَّداد سدادُ
لاسيما والعذر في تقليلها … أنَّ امتنانك مُبْدَأٌ ومُعادُ
تالله ماخسَّتْ خسيسة ُ رافد … أفنت كرائمَ مالِه الأرفادُ
إن الذي يعطِي خسيسة َ ماله … إذ لا كريمة َ عنده لجَوادُ
لاتنس أن الله قد وَعَدَ الندى … أن لا تخون وليَّهُ الأمداد
من لم يزل والبِرُّ أكبر همِّهِ … وصلت سواعدُ أمره أعضادُ
والحر من أضحى وقرَّة ُ عينه … في المال ينقُص والعلا تزدادُ
ولقد رأى كلَّ الرياح معاشر … في الوفْر يُهْدَمُ والثناءُ يشادُ
والخلدُ أن تُلْفَى تجودُ وتعتلي … والموت أن تلْفى وأنت جمادُ
فمتى بذلتَ فللبقاء تَنَفُّسٌ … ومتى كنزت فللبقاءِ نفادُ
يبقى الفتى بعد الممات بفعله … أبداً ويَدْثُرُ يَذْبُلٌ ونَضَادُ
فاشْدُدْ بنيتك الجميلة ِ قبضة ً … فَلَيْنْجَزَنَّ وعيشِك الميعادُ
واعلم بأن الله في ملكوته … لم يخل منه لمحسن مرصادُ
من كان خاب فلم يَخِبْ متحقِّقٌ … بالعرف زرَّاعٌ له حصَّادُ
لولم يكن في العرف إلا أنه … جُنْدٌ يقاتل عنك بل أجنادُ
خلَّفتُ أهلي في ذَراك وإنه … للاجئين لمَلْجأ ومَصَادُ
أضحوا بمنزلة الضيَّاع وإنما … أهلُ الفتى لرئيسه أولاد
وقد اقتضوا أرزاقهم وتردَّدوا … حتى لشقَّ عليهمُ التردادُ
فتعذَّرتْ طلباتُهم وتَنَهْنَهُوا … مثل الحوائم ذادها الذُّوَّادُ
فأهِبْ بشاردهم إليك وأرْوِهِمْ … من جَمَّة ٍ يُروَى بها الورَّادُ
واحمل غُثاءهُم كحملك كَلَّهُمْ … فلذاك عدَّك وحدَك العُدادُ
ولذاك قيل منوِّلٌ ومهنىء … نعماه حين يُنكِّدُ الأنكادُ
اللَّه في أهلي فإنك جارُهُمْ … لاتَضْربَنَّ عليهمُ الأسدادُ
إكفِ الضعافَ اللاتيأنت ثمالُهُمْ … مُؤَنَ العناء فإنهن شِدادُ
لاتجشِمَنْ أهلي إليك وفادة ً … لِيَفِدْ عليهمْ برُّك الوَفادُ
وانف السَّوادَ عن البياض فإنه … مافي بياض يد الكريم سوادُ
يُسْدِي السحابُ إلى البعيد يُغِيثُه … فَيُطَلُّ منه وادعاً ويُجادُ
ولأنت أولى أن يجود لمجْدِبٍ … عفواً ولم تُشدَد له أقتادُ
ها قد أثَرْتُ عليك وحْشيَّ العلا … فاصطد فإنك للعلا صيادُ
نبَّهتُ للكَرمِ العزيب ولم يكُنْ … بك قبل تَنْبِيهكَ عنه رُقادُ
بل أنت أوْلى أن تكون منبِّهي … بمذاهبٍ لك كلُّهن رشادُ
فابدأ مكارِمَكَ التي عوَّدتها … وابدأ فإنك باديءٌ عوّادُ
عَلِّمْ غرائبك الرجالَ فطالما … عَلَّمْتَ كيف تُمجَّد الأمجادُ
لايكبُرَنَّ عليك في جَنْبِ العُلا … ماقد سألتُك فالعلا أطْوادُ
ولقد أحمِّلُك الثقيلَ لأنني … خَبِرٌ بأنك حامل معتادُ
ولكي ترى ثقتي بطَوْلك أو يرى … كيف احتمالك معشرٌ أوغادُ
ولَتشهدن بأنني بك واثق … ولتشهدن بفضلك الأشهادُ
يامن يعادي الأصدقاءُ علاءه … أبداً ويَشْنأ مجدَه الوُدَّادُ
حسداً لمن يمسي ويصبح حاملاً … كَتداهُ مالاتحمل الأكتادُ
ممَّنْ يَبُزُّ الناسَ منْفوسَ العلا … وعليه من منفوسها أبرادُ
صبٌّ بحب المكرمات مُتيَّمٌ … ماتيمته فَرْتَني وسعادُ
يغدو صحيحاً ما غدا وعطاؤه … متيسِّرٌ وثناؤه منقاد
فإذا اشتكى عللَ النوال نوالُه … أعداه ذاك فعاده العُوّادُ
وغدا مريض النفس وهو صحيحها … حتى يثوب الوَفْر والمرتادُ
وبدت عليه من الحياء غَضاضة ٌ … أو يرجعَ المرتادوهو مُفادُ
لله طوْلك يامحمد إنه … لَيثور منه الشكْرُ والأحقادُ
تعطي الجزيل فتسترقُّ رقابنا … فتلين ثَمَّ وتغلُظُ الأكبادُ
لاتعدم الطَّوْل الذي انفردت به … كفاك وازدوجت له الأفرادُ
يامن تفرقت العلا في غيره … واستجمعت فيه العلا الأضدادُ
وإذا غدا حسَّاده وعُداته … ظُلِم العُداة وأُنصف الحسادُ
من ذا يعادي الغيث أم من ذا يُرَى … إلا من الحساد حين يُسادُ
يجد المذاهِبَ مادحوك ولم يزل … لمُريغ مدحك مذهب ومَرَادُ
حتى إذا ماقال فيك كأنه … قُطعَتْ به الأشباهُ والأندادُ
لَؤُمَ الرجالُ فزهَّدوا ذا رغبة … وكرمت حتى استرغب الزهادُ
لو أصبح السادات مثلك سؤدداً … وَفت العِداتُ وأخلف الإِيعادُ
خذها فإنك في الرجال وإنها … من صفو ما يتنقَّدُ النقاد
ولئن غدوتَ كما دُعيتَ محمد … إني لما أوليتَ لَلْحمَّاد
ولئن قصدتك ماقصدُتك خابطا … بالظن بل رادتك لي رُوَّاد