أمَا علمَتْ أنّ الشّفيعَ شبابُ، … فَيَقْصُرَ عَنْ لَوْمِ المُحبّ عِتَابُ؟
علامَ الصِّبا غضٌّ، يرفّ رواؤهُ، … إذا عنّ من وصلِ الحسانِ ذهابُ؟
وَفيمَ الهَوَى مَحضٌ يَشِفّ صَفاؤهُ … إذا لم يكنْ منهنّ عنهُ ثوابُي؟
وَمُسْعِفَة ٍ بالوَصْلِ، إذ مَرْبَعُ الحمى … لها، كلّما قظنا الجنابَ، جنابُ
تَظُنّ النّوَى تَعدو الهَوَى عن مَزَارِها؛ … وداعي الهوَى نحوَ البعيدِ مجابُ
وَقَلّ لها نِضْوٌ بَرَى نَحْضَهُ السُّرَى ، … وَبَهْمَاءُ غُفلُ الصَّحصَحَانِ، تُجابُ
إذا ما أحَبّ الرّكْبُ وَجهاً مَضَوْا لهُ … فَهانَ عَلَيْهِمْ أنْ تَخُبّ رِكَابُ
عَرُوبٌ ألاحَتْ من أعارِيبٍ حِلّة ٍ، … تَجَاوَبُ فِيهَا بِالصّهيلِ عِرَابُ
غيارَى من الطّيفِ المعاودِ في الكرَى ، … مشيحونَ من رجمِ الظُّنونِ غضابُ
وماذا عليهَا أنْ يسنّيَ وصلَهَا … طَعانٌ، فإنْ لمْ يُغْنِينَا، فَضِرابُ
ألَمْ تَدْرِ أنّا لا نَرَاحُ لِرَبيبَة ٍ، … إذا لَمْ يُلَمَّعْ بالنّجِيع خِضَابُ
وَلاَ نَنْشَقُ العِطْرَ النَّمُومَ أرِيجُهُ، … إذا لمْ يِشَعْشَعْ بالعَجاجِ مَلابُ
وكمْ راسلَ الغيرانُ يهدي وعيدَه، … فَمَا رَاعَهُ إلاّ الطُّرُوقَ جَوَابُ
ولمْ يثنِنَا أنّ الرّبابَ عقيلة ٌ، … تَسَانَدُ سَعْدٌ دُونَهَا وَرِبَابُ
وأنْ ركزَتْ حولَ الخدورِ أسنّة ٌ، … وَحَفّتْ بِقُبّ السُابِحاتِ قِبَابُ
وَلَوْ نَذَرَ الحَيّانِ، غِبَّ السُّرَى ، بنا … لَكَرّتْ عُظالى ، أوْ لَعَادَ كُلابُ
وَلَيْلَة َ وَافَتْنَا تَهَادَى فَنَمْتَرِي، … أيسمُو حبابٌ، أو يسيبُ حبابُ؟
يُعَذّبُها عَضّ السّوَارِ بِمِعْصَمٍ، … أبانَ لهَا أنّ النّعيمَ عذابُ
لأبرَحْتُ من شيحانَ، حطّ لثامُهُ، … إلى خَفَرٍ مَا حُطّ عَنْهُ نِقَابُ
ثَوَى مِنْهُمَا ثِنَى النّجادِ مِشَيَّعٌ، … نجيدٌ، وميلاءُ الوشاحِ كعابُ
يُعَلَّلُ مِنْ إغْرِيضِ ثَغْرٍ، يَعُلهُ … غَرِيضٌ كمَاء المُزْنِ، وَهوَ رُضَابُ
إلى أن بَدَتْ في دُهْمَة ِ الأفقِ غُرَّة ٌ، … ونفّرَ، من جنحِ الظّلامِ، غرابُ
وقد كادتِ الجوزاءُ تهوي فخلتُها … ثنَاهَا، من الشِّعرَى العبورِ، جنابُ
كأنّ الثّرَيّا رَاية ٌ مُشْرِعٌ لَهَا … جبانٌ، يريدُ الطّعنَ، ثمّ يهابُ
كأنّ سهيلاً، في رباوة ِ أفقهِ، … مُسِيمُ نُجُوم، حَانَ مِنْهُ إيَابُ
كأنّ السُّهَا فَاني الحُشَاشَة ِ، شَفَّهُ … ضنى ً، فخفاتٌ مرّة ً ومثابُ
كأنّ الصباحَ استقبسَ الشّمسَ نَارَها، … فجاء لهُ، من مشترِيهِ، شهابُ
كأنّ إياة َ الشّمسِ بشرِ بنِ جهورٍ، … إذا بذَلَ الأموَالَ، وهيَ رغابُ
هوَ البشرُ، شمنا منهُ برقَ غمامة ٍ … لَها باللُّهَا، في المُعْتَفِينَ، مَصَابُ
جوادٌ متى استعجلْتَ أولى هباتِهِ … كَفَاكَ مِنَ البَحْرِ الخِضَمِّ عُبَابُ
غَنيٌّ، عَنِ الإبْساسِ، دَرُّ نَوَالِه، … إذا استَنزَلَ الدَّرَّ البَكيءَ عِصَابُ
إذا حسبَ النَّيلَ الزّهيدَ منيلُهُ، … فمَا لعطايَاهُ الحسابِ حسابُ
عَطَايَا، يُصِيبُ الحاسِدونَ بحَمْدِه … عَلَيْها، وَلَمْ يُحْبِوْا بها فَيُحَابُوا
موطَّأُ أكنافِ السّماحِ، دنَتْ بهِ … خَلائِقُ زُهْرٌ، إذْ أنَافَ نِصَابُ
فزُرْهُ تزُرْ أكْنافَ غنّاءَ طلّة ٍ، … أربّتْ بهَا للمكرمَاتِ ربَابُ
زعيمُ المساعي أنْ تلينَ شدائدٌ … يُمَارِسُها، أوْ أنْ تَلِينَ صِعَابُ
مَهِيبٌ يِغَضّ الطَّرْفُ مِنْهُ لآذِنٍ، … مهابَتُهُ دونَ الحجابِ حجابُ
لأبلَجَ موفورِ الجلالِ، إذا احتَبَى ، … علا نظرٌ منهُ وعزّ خطابُ
وَذِي تُدَرإ، يَعدُو العِدا عن قِرَعِهِ، … غلابٌ، فمهمَا عزّهُ، فخلابُ
إذا هوَ أمضَى العزمَ لم يكُ هفوة ً، … يُؤثِّرُ عَنْها، في الأنَامِلِ، نَابُ
عَزَائِمُ يَنْصَاعُ العِدَا عَنْ مُمَرّهَا، … كمَا رُهِبْتَ يَوْمَ النّضَالِ رِهَابُ
صَوَائِبُ، رِيشُ النّصْرِ في جَنَبَاتِها … لؤامٌ، وريشُ الطائشاتِ لغابُ
حليمٌ، تلافَى الجاهلِينَ أناتُهُ، … إذِ الحلمُ عن بعضِ الذّنوبِ عقابُ
إذا عَثَرَ الجاني عَفَا عَفْوَ حَافِظٍ، … بنعمى لهَا في المذنبِينَ ذنابُ
شَهَامَة ُ نَفْسٍ في سَلامة ِ مَذْهَبٍ، … كما الماءُ للرّاحِ الشُّمولِ قطابُ
بَني جَهوَرٍ مهما فخَرْتُمْ بِأوّلٍ، … فسرٌّ منَ المجدِ التّليدِ لباب
حَطَطتم بحيثُ اسلَنطحتْ ساحة ُ العلا، … وأوْفَتْ لأخطارِ السّناء هضابُ
بكمْ باهَتِ الأرضُ السّماءَ، فأوجُهٌ … شموسٌ، وأيدٍ، في المحولِ، سحابُ
أشارِحَ معنى المجدِ وهوَ معمَّسٌ، … وعامرَ مغنى الحمدِ وهوَ خرابُ
مُحَيّاكَ بَدْرٌ، وَالبُدُورُ أهلَّة ٌ، … ويُمْنَاكَ بَحْرٌ، وَالبُحورُ ثِعابُ
رَأيْتُكَ جارَاكَ الوَرَى ، فغلَبَتْهُمْ، … لِذَلِكَ جَرْيُ المُذْكِياتِ غِلابُ
فقرّتْ بهَا، من أوليائكَ، أعينٌ … وَذَلْتْ لَها، مِنْ حاسِديكَ، رِقابُ
فتحْتَ المُنى ، منْ بعدِ إلهامنا بها، … وَقَدْ ضَاعَ إقْلِيدٌ وَأُبْهِمَ بَابُ
مددتَ ظلالَ الأمنِ، تخضرّ تحتَها، … من العيشِ في أعْذى البقاعِن شعابُ
حمى ً، سالَمتْ فيه البغاثَ جوارحٌ، … وَكَفّتْ، عَنِ البَهمِ الرِّتاعِ، ذئابُ
فلا زِلتَ تَسعى سَعيَ مَن حَظُّ سَعيهِ … نَجاحٌ، وحظُّ الشّانِئِيهِ تَبَابُ
فَإنّكَ للدِّينِ الشَّعِيبِ لَمِلأمٌ؛ … وإنّكَ للملكِ الثَّئي لرئابُ
إذا معشرٌ ألهاهُمُ جلساؤهُمْ، … فَلَهْوُكَ ذِكْرٌ، وَالجَلِيسُ كتابُ
نِعَزّيكَ عن شهرِ الصّيامِ الذي انقضى ، … فإنّكَ مَفْجُوعٌ بِهِ فَمُصَابُ
هوَ الزَّوْرُ لوْ تعطى المُنى وضعَ العصَا … ليزدادَ، منْ حسنِ الثّوابِ، مثابُ
شَهِدْتُ، لأدّى منكَ وَاجِبٌ فَرْضِهِ … عَلِيمٌ بِما يُرْضِي الإلَهَ، نِقَابُ
وجاوَرْتَ بيتَ اللهِ أنساً بمعشرٍ، … خشوهُ، فخرّوا ركّعاً وأنابوُا
لَقَدْ جَدّ إخْبَاتٌ، وَحَقَّ تَبَتّلٌ، … وبالغَ إخلاصٌ، وصحّ متابُ
سيخلدُ في الدّنْيَا بهِ لكَ مفخرٌ، … وَيَحْسُنُ في دارِ الخُلُودِ مَآبُ
وَبُشْرَاكَ أعيادٌ، سَيَنْمي اطّرَادُهَا، … كما اطّردَتْ في السّمهرِيّ كعابُ
ترى منكَ سروَ الملكِ في قشفِ التّقى … فيبرُقُها مرأى هنكَ عجابُ
فأبْلِ وَأخْلِف، إنّمَا أنْتَ لابِسٌ … لهذي اللّيالي الغرّ، وهيَ ثيابُ
فديتُكَ كمْ ألقَى الفواغرَ من عداً، … قراهُمْ، لنيرانِ الفسادِ، ثقابُ
عَفَا عنهُم قَدرِي الرّفيعُ، فأهْجَرُوا، … وَبَايَنَهُمْ خُلقي الجَميلُ، فَعَابُوا
وقد تسمعُ اللّيثَ اجحاشُ نهيقَها، … وتعلي إلى البدْرِ النّباحَ كلابُ
إذا رَاقَ حُسنُ الرّوْضِ أوْ فاحَ طيبُهُ … فَما ضَرّهُ أنْ طَنّ فِيهِ ذُبَابُ
فَلا بَرِحَتْ تِلْكَ الضّغائِنُ، إنّها … أفاعٍ، لها، بينَ الضّلوعِ، لصابُ
يَقُولُونَ شَرِّقْ، أوْ فَغَرّبْ صَرِيمة ً … إلى حيثُ آمالُ النّفوسِ نهابُ
فأنْتَ الحسامُ العضْبُ أصدئ متنُهُ … وعطّلَ منْهُ مضربٌ وذبابُ
وَمَا السّيفُ مِمّا يُستبَانُ مَضاؤهُ، … إذا حازَ جَفْنٌ حَدَّهُ، وَقِرابُ
وإنّ الذي أمَّلتُ كدّرَ صفْوُهُ، … فأضْحَى الرّضَا بالسّخطِ منهُ يشابُ
وَقَدْ أخْلَفَتْ ممّا ظَنَنتُ مَخايِلٌ؛ … وَقَدْ صَفِرَتْ مِمّا رَجَوْتُ وِطَابُ
فَمَنْ لي بسُلْطانٍ مُبِينٍ عَلَيْهِمُ، … إذا لجّ بالخصْمِ الألدّ شغابُ
ليُخْزِهِمْ إنْ لَمْ تَرِدْنيَ نَبْوَة ٌ، … يُساء الفَتى مِنْ مِثْلِها وَيُرَابُ
فَقَدْ تَتَغَشّى صَفحة َ الماء كُدْرَة ٌ، … ويغطُو على ضوء النَّهارِ ضبابُ
سرورُ الغِنى ، ما لم يكن منك، حسرة ٌ، … وَأرْيُ المُنى ، ما لم تُنَلْ بك، صَابُ
وإنْ يكُ في أهلِ الزّمانِ مؤمَّلٌ، … فأنْتَ الشَّرابُ العذبُ، وهوَ سرابُ
أيُعْوِرُ، من جارِ السِّماكَينِ، جانِبٌ، … وَيُمْعِزُ، في ظلّ الرّبيعِ، جَنَابُ؟
فأينَ ثَنَاءٌ يَهْرَمُ الدّهْرُ كِبْرَة ً، … وحليتُهُ، في الغابرينَ، شبابُ؟
سأبكي على حظّي لَدَيكَ، كَما بَكَى … رَبِيعَة ُ لمّا ضَلّ عَنهُ دُؤابُ
وَأشكُو نُبوّ الجَنبِ عن كلّ مَضْجَعٍ، … كمَا يَتَجَافَى بِالأسيرِ ظِرَابُ
فثقْ بهزبرِ الشّعرِ واصفح عن الورَى ، … فَإنّهُمُ، إلاّ الأقَلَّ، ذُبَابُ
ولا تعدلِ المثنينَبي، فأنا الّذي … إذا حضرَ العقمُ الشّواردُ غابُوا
ينوبُ عنِ المدّاحِ منّيَ واحدٌ، … جَميعُ الخِصَالِ، ليسَ عنهُ مَنابُ
وردْتُ معينَ الطّبعِ، إذ ذيدَ دونَهُ … أُناسٌ، لهُمْ في حَجْرَتَيهِ لُوَابُ
وَنَجّدَني عِلْمٌ تَوَالَتْ فُنُونُهُ، … كمَا يتوَالى في النّظامِ سخابُ
فعُدْ بِيَدٍ بَيْضاء يَصْدَعُ صِدْقِها، … فإنّ أرَاجِيفَ العُداة ِ كِذَابُ
وحاشاكَ منْ أنْ تستمرّ مريرة ٌ، … لعَهْدِكَ، أوْ يَخفَى عَليك صَوَابُ