ألاّ أرِقْتَ لضوءِ برقٍ أَوْمضا … مازارَ طرفي ومْضُهُ حتّى مضَى
أمسى يشوقني إلى أهل الغضا … شوقاً يُقلِّبني على جمرِ الغضا
ومنَ البليَّة ِ أنَّ قلبَكَ عاشقٌ … من لم تنل وهو الرضا منه الرضا
ما ضَرَّ مَن أَضحى يصرِّحُ صدُّهُ … بملالة ٍ لو كان يوماً عَرَّضَا
ألِفَ الصُّدُودَ فما يُرى إلاّ امرءاً … مُتَجَنِّياً أو عاتباً أو مُعرِضا
للَّهِ موقفُنا بخَيْفِ مَتالِعٍ … نشكو التفرق ما أمض وأرمضا
ووراءَهمْ قلبٌ مُعَنَّى بالهوى … ماضحّ من سقمِ الغرام فيمرضا
ومحرِّضٍ بعثَ النَّوى فكأنَّه … يوم أعتقنا للنوى ماحرضا
ولقد أتانى الشيب في عصر الصبا … حتى لبست به شباباً أبيضا
لم ينتقصْ منِّي أوانَ نزولِهِ … بأْساً أطالَ على العُداة ِ ”وعرَّضا”
فكأنَّما كنتُ امرءاً متبدِّلاً … أثوابه كرهَ السوادَ فبيضا
ياصاحبيّ تعزّيا عن فاعلي ال … معروف فالمعروف فينا قد قضى
وتعلّما أن ليس يحظى بالغنى … إلاّ امرؤٌ سِيمَ الهوانَ فأَغمضا
والعيشُ دَينٌ لا يُخافُ غريمُهُ … مطلا به وقضاؤه أن يقتضى
قد قلت للمنضين فيه ركابهم: … يكفيكم من زاده ما أنهضا
مالي أراكم واللبُّانة فيكمُ … تَرْضون في الدُّنيا بمالا يُرتَضَى
إنْ كان رَوْضُ الحَزْنِ غَرَّكُمُ فقدْ … أضحى يصوح منه ماقد روضا
أو مابنته يد الزمان لأهله … فهْوَ الذي هدمَ البناءَ فقوَّضا
لاتغبنوا آراءكم بثميلة ٍ … نَكْداءَ تأخذُها الشِّفاهُ تَبَرُّضا
فمعوَّضٌ عن نَزْرِ ماءِ حيائِهِ … بكثيرِ مابلغَ الغِنَى ماعُوِّضا
كم ذا التعلّل بالمنى وإزاؤنا … رام إذا قصد الفريصة أغرضا
يرمي ولا يدري الرمى ّ وليته … لمّا أرادَ الرَّمْيَ يوماً أنبضا
والنفس تنكر ثم تعرف رشدها … فاطلبْ شفاءَك من يَدَيْ مَن أمرضا
أينَ الذين تَبَوَّءوا خِططَ العُلا … وقضى على الآفاق منهم من قضى ؟
وجروا إلى غاي المكارم والعلا … ركْضَ الجواد سَعَى فأدركَ مركضا
تندى على غلل العفاة أكفهم … فيعود منهم مثريا من أنفضا
وإذا أهبت بهم ليوم عظيمة ٍ … حمَّلتَ أعباءَ العظيمة ِ نُهَّضا
من كل قرم لا يريد ضجيعه … إلا سناناً أو حساماً منتضى
وتراهُ أنَّى شئتَ من أحوالهِ … لايرتضى إلا الفعال المرتضى
دَرَجوا فلا عينٌ ولا أثرٌ لهمْ … فكأنهم حلمٌ تراءى وأنقضى