أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي … ومازال قِدما بالعضيهة راضيا
ولو نكت أيضاً لم يبالني … كما أنه لم يلتبِس بهجائياً
وماضرَّه ألا يُبالي بعدها … ركوبي إياها بحيث يرانيا
لساني وأيري لوتبيَّن أمرَه … سواءٌ إذا ما قنَّعاهُ المخازيا
هما الطرفان العارمانِ كلاهما … سواءٌ على من كان غيران حاميا
ألم تر أن اللهَ حَدَّ عليهما … بحدٍّ وكان اللَّهُ بالعدل قاضيا
أيا بنَ حريثٍ نكت أمك في استها … تصبَّرُ مهجوراً وأجزعُ هاجيا
فدونك فاصبِرْ للهجاء فإنني … زعيمٌ به ما أصبح النيلُ جاريا
إذا لم يبالِ المرءُ عَبطَ أديمِهِ … فعابطُهُ أحرى بأنْ لا يُباليا
هجائيكَ يَشفيني وإن لم تُبالِه … وحَسبُك داءً أن أنال شِفائيا
حلفتُ لئن أصبحت تضحكُ هازئاً … بشعري لقد أمسى ضَميرُك باكيا
وإنك في تنبيح شِعْري وقد بدَتْ … نواقدُه من صفحتك دواميا
لَكا لكلب في تَعضيضه قرنَ قِرنه … وقد أنفَدَتْه طعنة ٌ هي ماهيا
وأصبحَ يُخفي ما به مُتَجَلِّدِاً … وإن كان لا يُخفي بذلك خافيا
تكلَّف حِلماً ليس منه سَجية ً … وأَغضى على أقذائه مُتغاضيا
ليُبلِغَني عنه رباطة َ جأشِه … فيكسُر في ذَرْعي ويُكْسَفُ باليا
وما احتالَ إلا بعدما عيلَ صبرُه … وأَوْلى بداهٍ أن يُخادعَ داهيا
كأني أراهُ حين قَدَّر أمرَهُ … فأمَّر نفسيه هنا لك خاليا
فقالت له إحداهما إنَّ ذِلة ً … من المرءِ أن يُحمي وألا يُحاميا
ولستَ من القومِ الذين إذا حَمَوا … فلا تتعرضْ للذي لستَ كافيا
وقالتْ له الأخرى ومانصحتْ له … بلى وارْكب الغوْصاءَ واغشَ المغاشيا
فزاولها عن كيدِها ونكيرِها … فلم يرَ إلا التُّرَّهاتِ اللواهيا
فأصغى إلى أمرِ التي نصحتْ له … وإمّا أتى رشداً فما ذاك غاويا
عسى ابن حُريثٍ تستريحُ ظنونُه … إلى أنني عانيتُ فيه القوافيا
فيَشفي جواهُ أو يُنفِّس كَربه … تظنِّيهِ أنْ قد شقَّني وعنانيا
فلا يتخيلْ فيَّ ذاك بجهله … فلستُ لما أهدي إليه مُعانيا
وأنَّى أعاني فيه شعراً أقوله … وهاجيهِ لا يبغي إله المرَاقيا
وذاك لأن الشتْم في كلِّ ساقط … يجيءَ مجيءَ السيل يطلبُ واديا
سيولٌ دعاها مستقَرٌ وقادها … مَسيلٌ فجاءت مُفْعَمات طواميا
بَلى إنما المَرقَى الكؤود على امرىء … تطلَّع أشرافَ الجبالِ العواليا
كأهل الندى والبأس والعِلم والحجى … سقى اللَّه هاتيك الذُّرى والروابيا