أرضٌ مصردة ٌ وأخرى تثجمُ … منها التي رزقتْ وأخرى تُحرمُ
فإذا تَأمَّلتَ البلادَ رَأَيْتَها … تثري كما تُثري الرجالُ وتُعدمُ
حظٍّ تعاوره البقاعُ لوقته … وادٍ به صفرٌ ووادٍ مفعمُ
لولاه لم تكن النبوة ُ ترتقي … شرف الحجاز ولا الرسالة تتهمُ
ولذاك أعرقت الخلافة ُ بعدما … عمرتْ عصوراً وهي علقٌ مشئمُ
وبهِ رأَيْنَا كَعْبَة َ اللهِ التي … هيَ كوكَبُ الدُّنيا تُحِلُّ وتُحْرِمُ
تلكَ الجَزيرة ُ مُذْ تَحَمَّلَ مالِكٌ … أمست وبابُ الغيث عنها مبهمُ
ولعتْ قراها غبرة ٌ ولقد تُرى … في ظلِّه وكأنما هيَ أنجمُ
غنيتْ زماناً جنة ً فكأنما … فتحتْ إليها منذُ سارَ جهنَّمُ
الجوُّ أكلفُ والجنابُ لفقدهِ … مَحْلٌ وَذَاكَ الشقُّ شِقٌّ مُظْلِمُ
أقَوَتْ فلمْ أذكُرْ بها لمَّا خَلتْ … إلا مني لمَّا تقضى الموسمُ
ولقد أراها وهيَ عرسٌ كاعبٌ … فاليَوْمَ أضحَتْ وهْيَ ثَكلى أَيمُ
إذْ في ديارِ ربيعة َ المطرُ الحيا … وعلى نَصيبينَ الطَّريقُ الأَعْظَمُ
ذلَّ الحمى مذْ أوطئتْ تلكَ الربا … والغابُ مذْ أخلاهُ ذاك الضيغمُ
إنَّ القِبَابَ المُسْتَقِلَّة َ بَيْنَها … ملكٌ يطيبُ به الزمان ويكرمُ
لا تألفُ الفحشاءُ برديهِ ولا … يسري إليه مع الظلامِ المأثمُ
متبذلٌ في القومِ وهو مبجلٌ … متواضعٌ في الحيِّ وهوَ معظَّمُ
يعلو فيعلمُ أنَّ ذلك حقهُ … ويذيلُ فيهم نفسه فيكرَّمُ
مَهْلاً بَني عَمْرِو بن غَنم إنكم … هَدَفُ الأسِنَّة والقَنا يَتحَطَّمُ
المَجْدُ أعنَقُ والديَارُ فسيحَة ٌ … والعزُّ أقعسُ والعديدُ عرمرمُ
ما منكمُ إلا مردى بالحجا … أَو مُبْشَرٌ بالأحوَذِيَّة ِ مُؤْدَمُ
عَمْرَو بن كُلثُومِ بن مالكٍ بن عَتَّ … ابِ بن سَعْدٍ سَهْمُكُمْ لا يُسْهَمُ
خُلِقَتْ رَبيعة ُ مُذْ لَدُنْ خُلِقَتْ يَداً … جُشَمُ بنُ بَكرٍ كَفٌّها والمِعْصَمُ
تَغْزُو فتَغْلِبُ تغلبٌ مِثْلَ اسمها … وتَسِيحُ غَنْمٌ في البلا فَتَغْنَمُ
وستذكرونَ غداً صنائعَ مالكٍ … إِنْ جَلَّ خَطْبٌ أَوْ تُدُوفعَ مَغْرَمُ
فمَنِ النَّقِيُ مِنَ العُيُوب وقَدْ غدَا … عَنْ دارِكُمْ ومَن العَفِيفُ المُسْلِمُ
ما لي رَأَيْتُ تُرَابَكمْ يَبَسَاً لَهُ … مالي أرى أطوادَكُمْ تتهدَّمُ؟
ما هذهِ القربى التي لا تُصطفى … ما هذهِ الرحِمُ التي لا تُرحمُ؟
حَسَدُ القَرَابَة ِ لِلقَرَابة ِ قَرْحَة ٌ … أعيَتْ عَوَانِدُها وجُرْحٌ أقْدَمُ
تِلْكُمْ قُرَيْشٌ لم تكُنْ آرَاؤَهَا … تهفو ولا أحلامُها تتقسَّمُ
حتى إذا بعثَ النبي محمدٌ … فيهم غدتْ شحناؤهُمْ تتضرَّمُ
عزبتْ عقولهُمُ وما من معشرٍ … إلا وهُمْ منهُ ألبُّ وأحزَمُ
لما أقامَ الوحيُ بينَ ظهورهمْ … ورَأَوا رَسُولَ اللهِ أَحْمَدَ مِنْهُمُ
ومن الحزامة ِ لوْ تكونُ حزامة ٌ … أَلاَّ يُؤَخَّرَ مَنْ بهِ يُتقَدَّمُ
إِنْ تَذْهبُوا عِن مالِكٍ أَو تَجْهَلُوا … نُعْمَاهُ فالرَّحِمُ القَريبَة ُ تَعْلَمُ
هيَ تِلْكَ مُشْكَاة ٌ بِكُمْ لَوْ تِشْتَكِي … مَظْلُومَة ٌ لَوْ أَنَّها تَتَظلَّمُ
كانتْ لكُمْ أخلاقُهُ معسولة ً … فتركتموها وهيَ ملحٌ علقمُ
حَتَّى إذا أجنَتْ لكُمْ دَاوَتْكُمُ … منْ دائكُمْ إنَّ الثقافَ يقوِّمُ
فقسا لتزدجروا ومنْ يكُ حازماً … فَليَقْسُ أحياناً وحيناً يَرْحَمُ
واخافَكُمْ كي تُغْمِدُوا أسيافَكُمْ … إنَّ الدمَ المغترَّ يحرسُهُ الدَّمُ
ولقدْ جهدتُمْ أن تزيلُوا عِزَّهُ … فإذا أَبانٌ قَدْ رَسَا ويَلَمْلَمُ
وطعنتمُ في مجدِهِ فثنتكُمُ … زُعْفٌ يُفَلُّ بها السنَانُ اللَّهْذَمُ
أعززْ عليهِ إذا ابتَأَسْتُمْ بَعْدَهُ … وتذُكّرتْ بالأمسِ تلكَ الأنعمُ
ووَجدْتُمُ قَيْظَ الأَذَى ورَمَيْتُمُ … بعيونكُمْ أينَ الربيعُ المرهمُ
وندمتمُ ولوِ استطاعَ على جوى … أحشَائكُمْ لَوَقَاكُمُ أَنْ تَنْدَمُوا
ولَو انَّها مِنْ هَضْبَة ٍ تَدْنُو لَهُ … لدنا لها أو كانَ عرقٌ يُحْسمُ
ما ذُغْذِغَتْ تلكَ السُّرُوبُ وأصبَحَتْ … فرقين في قرنين تلكَ الأسهمُ
ولقَدْ عَلِمْتُ لَدُنْ لَجَحْتُمِ أَنَّهُ … ما بَعْدَ ذَاكَ العُرْسِ إِلاَّ المأْتَمُ
علماً طلبتُ رسومهُ فوجدتُها … في الظنِّ، إنَّ الألمعيَّ مُنَجِّمُ
ما زلْتُ أعرِفُ وَبْلَهُ مِن عارِضٍ … لمَّا رأيتُسماءَهُ تتغيَّمُ
يا مالِ قدْ علمتْ نزارٌ كلها … ما كانَ مثلكَ في الأراقمِ أرقمُ
طَالَتْ يَدِي لَمَّا رَأيتُكَ سالِماً … وانحَتَّ عَنْ خَدَّيَّ ذَاكَ العِظْلِمُ
وشممتُ تربَ الرحبة ِ العبقِ الثرى … وسقى صدايَ البحرُ فيها الخضرمُ
كَمْ حَلَّ في أكنَافِها مِنْ مُعْدِمٍ … أمسى به يَأوِي إليهِ المُعْدِمُ
وصَنِيعَة ٍ لكَ قَدْ كَتَمْتَ جَزيلَها … فأبى تضوُّعها الذي لا يكتمُ
مجدٌ تلوحُ فضولهُ وفضيلة ٌ … لكَ سافِرٌ والحقُّ لا يَتَلَثُّمُ
تَتَكَلَّفُ الجُلَّى ومَنْ أضحَى له … بيتاكَ في جشمٍ فلا يتجشَّمُ
وتشرَّفُ العليا وهلْ بكَ مذهبٌ … عنها وأنتَ على المكارم قَيمُ؟
أثنيتُ إِذْ كانَ الثَّنَاءُ حِبَالَة ً … شركاً يصادُ به الكريمُ المنعمُ
ووفيتُ إنَّ من الوفاء تجارة ً … وشكرتُ إنَّ الشكرَ حرتٌ مُطعمُ