أرحلي محمول على العتق النجب … يؤمك أم سار على القتم النكب
يقود بها هاد إلى الأمر والمنى … ويحدو بها حاد على الخوف والرعب
غرائب مما أغرب الدهر أطلعت … عليك هلال العلم من أفق الغرب
طوت فلوات الأرض نحوك وانطوت … كبدر إلى محق بشهر إلى عقب
كئوسا تسافتها الليالي تنادما … فجاءتك كالأقداح ردت عن الشرب
تعاورهن البر والبحر مثلما … ترد بأيدي الرسل أجوبة الكتب
فليل إلى صبح وصبح إلى دجى … وكرب إلى روح وروح إلى كرب
وسهل إلى حزن وحزن إلى فلا … وسهب إلى بحر وبحر إلى سهب
يكتبن صفحات السعود نواظرا … وينفضن من أقلامهن على القلب
ويقضمن أطراف الهشيم تبلغا … إلى الروضة الغناء في المشرب العذب
تنيخ فتلقي في الصخور كلاكلا … تنوء لأرض المسك زهوا عن الترب
ويفحصن في رضم الحصى بمناسم … تهيم إلى حصباء من لؤلؤ رطب
أنسمها رياك في نفحة الصبا … وأجلو لها سيماك في أوجه الشهب
وأسمعها داعيك في كل منهل … هلم إلى الإكرام والمنزل الرحب
ولاح لها البرق الذي أغدق الثرى … فهن إليه موفضات إلى نصب
موفرة مني إليك وسائلا … تفوح لأنفاس الركائب والركب
ولو عجزت عن همتي لتبلغت … بذي قدم تصبو إلى ذي يد تصبي
فقل لمن عاذ الهدى بسيوفه … ودارت نجوم الملك منه على قطب
وضاء بنور الحق غرة وجهه … فأطفأ نيران الضغائن والشغبأ
أخو الكهل وابن للكبير ووالد … لأبنائهم في معتزى غير ذي ترب
عطاء بلا من وحكم بلا هوى … وملك بلا كبر وعز بلا عجب
ومولى كما تجلو المصابيح في الدجى … ورأي كما يشفي الهناء من النقب
سما فاشترى مثنى الوزارة سابقا … بمثنى الأيادي البيض والخلق الندب
وحاز عنان الدهر سمعا وطاعة … بكشف قناع الصبر والسمر والقضب
غمام أظل الأرض وانهل بالحيا … ضمان على النعمى أمان من الجدب
تفجر للأيام بالجود والندى … وأثمر للإسلام بالحزم واللب
فتى يتلقى الروع بالبيض والقنا … ومعتفي الأضياف بالأهل والرحب
مسمى بفتح الله أرض العدى به … مكنى بنصر الله والدين والرب
وأي وليد للمكارم والعلا … وأي رضيع للوقائع والحرب
وأي فتى في مشهد الرأي والنهى … وأي فتى في موقع الطعن والضرب
وأي عروس بالسيادة لم يسق … سوى السيف من مهر إليها ولا خضب
واي رجاء قاد رحلي إليكما … وقد أصعقتني مثل راغية الصقب
بعيد من الأوطان مستشعر العدى … غريب على الأمواه متهم الصحب
أقل من الرئبال في الأرض آلفا … وإن كان لحمي للحسود وللخب
وأعظم تأنيسا لدهري من المنى … وأوحش منه من فتى الجب في الجب
ولله من عزم إليك استقادني … فأفرط في بعد وفرط في قرب
حياء من الحال التي أنت عالم … بها كيف عاثت في سناها يد الخطب
وتسويف يوم بعد يوم تخوفا … لعلي لا ألقاك منشرح القلب
وشحا بباقي ماء وجه بذلته … لعلي أقضي قبل إنفاده نحبي
وتأخير رجل بعد تقديم أختها … حذارا لدهر لا يغمض عن حربي
كما مسني الشيطان نحوك ساعيا … بطائف سقم من عذاب ومن نصب
وبارقة من مقلتي أم ملدم … ثنتني صريعا لليدين وللجنب
محجبة لا تتقى بشبا القنا … ولا يختفي منها بباب ولا حجب
يدق عن القلب المؤنب قدرها … وقد جل ما لاقيت منها عن العتبب
طوت ظمء عشر بعد عشر وأوردت … على النفس لا ترضى على الرفه بالغب
إذا كرعت في حوض نفسي خضخضت … ففاضت نواحيه بمنهمر سكب
فمطعمها لحمي ومشربها دمي … وترتع في جسمي وتأوي إلى قلبي
كأن لها عندي مخاريف جنة … وأصلي بها نار المعذب بالذنب
إذا أوقدت جسمي هجيرا تظللت … فحلت كناسا من شغا في أوخلبي
تحملتها في حر صدري وأضعلي … وتحمل أحشائي على المركب الصعب
ألاوذ عنها قلب مكتئب شج … وتحفز نحوي قلب ذي لوعة صب
وتكذبني عنها الأماني وإنها … إلي لأهدى من قطاة إلى شرب
وإن كان أضنى الحب فالعقل حاكم … بأن ضنى الشنآن فوق ضنى الخب
وفي راحتي عبد الفعيل بن فاعل … شفائي وفي نعمى مكارمه طبي
دعوت فلباني وآوى تغربي … إلى كرم للعز ذي مرتقى صعب
وجلى همومي من سناه ببارق … أضاء به ما بين شرق إلى غرب
وأسبل لي من ستره فوق ستة … أهيم بهم في الأرض مثل القطا الزغب
فأصبحت في إكرامه مانع الحمى … وأمسيت في سلطانه آمن السرب
وحمدا لمن هدى لساني لحمده … وحسبي له من قد قضى أنه حبي