أبادَ حياتي الموتُ إن كنتُ ساليا … وأنتَ مقيمٌ في قيودكَ عانيا
وإنْ لمْ أُبارِ المُزْنِ قطرا بأدمعٍ … عليكَ فلا سُقيتُ منها الغواديا
تعريتُ من قلبي الذي كان ضاحكاً … فما ألْبَسُ الأجْفانَ إلا بواكيا
وما فرحي يومَ المسرّة ِ طائعاً … ولا حَزَني يوْمَ المساءَة ِ عاصيا
وهل أنا إلاّ سائلٌ عنك سامعٌ … أحاديثَ تبْكي بالنّجِيع المعاليا
قيُودُكَ صيغتْ من حديدٍ ولم تكنْ … لأهلِ الخطايا منك إلا أياديا
تعينك من غير اقتراحك نعمة ٌ … فتقطعُ بالابراقِ فينا اللياليا
كشفتَ لها ساقاً وكنتَ لكشفها … تحزّ الهوادي أو تجزّ النواصيا
وقفنَ ثقالاً لم تُتِحْ لط مشية ً … كأنَّك لم تُجْرِ الجفاف المذاكيا
قعاقع دُهمٍ أسهرتكَ وطالما … أنامتْكَ بِيضٌ أسْمرَتْكَ الأغانيا
و ماكنتُ أخشى أن يقال: محمدٌ … يميلُ عليه صائب الدهر قاسيا
حسامُ كفاحٍ باتَ في السجن مغمدا … وأصبحَ من حليِ الرياسة ِ عاريا
وليث حروب فيه أعدوا برقِّه … وقد كان مقداماً على الليث عاديا
فيا جَبَلاً هَدّ الزمانُ هضابَهُ … أما كنتَ بالتمكين في العزّ راسيا
قُصِرَتَ ولمّا تقضِ حاجتِكَ التي … جرى الدهر فيها راجلاً لك حافيا
وقد يعقلُ الأبطالَ خَوْفُ صيالها … ويُحكمُ تثقيف الأسودِ ضواريا
أقولُ وإني مُهْطِعٌ خوفَ صيحة ٍ … يُجيبُ بها كلٌّ إلى الله داعيا
أسَيْرَ جبالٍ وانْتشارَ كواكبٍ … دنا من شروط الحشر ما كان آتيا
كأنَّكَ لم تجعل قناك مَراودا … تَشُقُّ من الليل البهيم مآقيا
ولم تزد الإظلام بالنقع ظلمة ً … إذا بَيّضَ الإصباحُ منه حواشيا
ولم تثن ماء البيض بالضرب آجناً … إذا صُبّ في الهيجا على الهام صافيا
ولم تُصْدِرِ الإلالَ نواهلاً … إذا ورَدَتْ ماءَ النحور صوافيا
وخيلٍ عليها كلّ رامٍ بنفسه … رضاكَ إذا ما كنتَ بالموت راضيا
وقد لبسوا الغدْرانَ وهي تموجّتْ … دروعاً وسلُّوا المرهفات سواقيا
وكم من طغاة ٍ قد أخذتَ نفوسهمْ … وأبقيتَ منهم في الصدور العواليا
بمعترك بالضرب والطَّعن جُرْدهُ … تمرّ على صرْعى العوادي عواديا
مضى ذاك أيام السرور وأقبلتْ … مناقِضَة ً من بعده هي ما هيا
إذِ المُلْكُ يمضي فيه أمرك بالهدى … كما أعلمت يمناك في الضرب ماضيا
وإذ أنْتَ محجوبُ السرادق لم يكن … له كلماتُ الدهر إلاّ تهانيا
أمرٌ بأبوابِ القصور وأغتدي … لمن بانَ عنها في الضمير مناجيا
وأنشد لا ما كنت فيهنّ منشدا … «ألا حيّ بالزُّرْق الرسوم الخواليا»
وأدعو بينها سيّدا بعد سيّدٍ … ومن بعدهم أصبحتُ همّاً مواليا
وأحداث آثار إذا ما غشيتُها … فَجَرتُ عليها أدمعي والقوافيا
مضيتَ حميدا كالغمامة ِ أقشعَتْ … وقد ألْبَسَتْ وشْيَ الربيع المغانيا
سأدمي جفوني بالسهاد عقوبة ً … إذا وقفت عنك الدموعَ الجواريا
وأمنعُ نفسي من حياة ٍ هنيئة ٍ … لأنّكَ حيٌّ تستحقُّ المراثيا