أَضاءَ بُرَيْقٌ بِالعُذَيْبِ كَليلُ … فَثِنْيُ نِجادي لِلدُّموعِ مَسيلُ
تَناعَسَ في حِضْنِ الغَمامِ كَأَنَّهُ … حُسامٌ رَميضُ الشَّفْرَتيْنِ صَقيلُ
يُنيرُ سَناهُ مَنْزِلَ الحَيِّ بِاللِّوى … وَيُسْديهِ مِرْزامُ العَشِيِّ هَطولُ
وَأَلْحَظُهُ شَزْراً بِمُقْلَة ِ أَجْدَلٍ … لَهُ نَطَراتٌ كُلَّهُنَّ عَجولُ
يُراعِي أَساريبَ القَطا عَصَفَتْ بِها … مِنَ الرِّيحِ هَوْجاءُ الهُبوبِ بَليلُ
فَأَهْوَى إليها ، وَهْوَ طاوٍ وَعِنْدَهُ … أُزَيْغِبُ مُصْفَرُّ الشَّكيرِ ضَئيلُ
بِأَقْنى على أَرْجائِهِ الدَّمُ مائِرٌ … وَحُجْنٍ حَكَتْ أَطْرافَهنَّ نُصولُ
فَرُحْنَ وَما مِنْهُنَّ إلاّ مُطَرَّحٌ … جَريحٌ وَمَنْزوفُ الحَياة ِ قَتيلُ
فَآهاً مِنَ البَرْقِ الذي بَزُّ ناظِري … كَراهُ ، وَأَسْرابُ الدُّموعِ هُمولُ
تَأَلَّقَ نَجِدّياًفَحَنَّتْ نُوَيْقَة ٌ … يُجاذِبُها فَضْلُ المِراحِ جَديلُ
وَبي ما بِها مِنْ لَوْعَة ٍ وَصَبابَة ٍ … وَلكنَّ صَبْرَ العَبْشَمِيِّ جَميلُ
وَما ليَ إلاّ البَرْقُ يَسْري أَوِ الصِّبا … إلى حَيثُ يَسْتَنُّ الفُراتُ، رَسولُ
تَحِنُّ إلى ماءِ الصَّراة ِ رَكائِبي … وَصَحْبي بِشَطَّيْ زَرْنَروذَ حُلولُ
أَشَوْقاً وَأَجْوازُ المَهامِهِ بَيْنَنا … يَطيحُ وَجيفٌ دُونَها وَذَميلُ
أَلا ليْتَ شعْري هل أراني بغِبطة ٍ … أَبِيتُ على أرْجائِها وَأقيلُ
هَواءٌ كَأَيَّامِ الهَوى ، لا يُغِبُّهُ … نَسيمٌ ، كَلَحْظِ الغانِياتِ ، عَليلُ
وَعَصْرٌ رَقيقُ الطُّرَّتَيْنِ تَدَرَّجَتْ … على صَفحَتَيْهِ نَضْرَة ٌ وَقَبُولُ
وَأَرْضٌ حَصاها لُؤْلُؤٌ وَتُرابُها … تَضَوَّعَ مِسْكاً، وَالمياهُ شَمُولُ
بِها العَيْشُ غَضٌّ ، والحياة ُ شَهِيَّة ٌ … وَلَيْلي قَصيرٌ، وَالهَجيِرُ أَصيلُ
فَقُلْ لأَخِلاَّئي بِبَغْدادَ هَلْ بِكُمْ … سُلُوٌّ؟ فَعِندي رَنَّة ٌ وَعَويلُ
تُرَنِّحُني ذِكْرَاكُمُ فَكَأَنَّما … تَميلُ بِيَ الصَّهْباءُ حِينَ أَميلُ
لِئَنْ قَصُرَتْ أَيّامُ أُنسي بِقُرْبِكُمْ … فَليلي عَلَى نَأيِ المَزارِ طَويلُ
وَحَوْلي قَوْمٌ يَعْلَمُ اللّهُ أَنَّني … بِهمْ وَهُمُ بي يَكْثُرونَ قَليلُ
إذا فَتَّشَ التَّجْريبُ عَنْهُمْ تَشابَهَتْ … سَجايا كَأطْرافِ الرِّماحِ ، شُكولُ
وَلَوْ لَمْ نَرِمْ بَطْحاءَ مَكَّة َ أَشْرَقَتْ … بِها غُرَرٌ مِنْ مَجْدِنا وَحُجولُ
إذا ذُكِرَتْ آلُ ابنِ عَفَّانَ أَجْهَشَتْ … حُزونٌ، وَرَنَّتْ بِالحِجازِ سُهولُ
بِرَغْوِ العُلا تُمْسي وَتُصْبِحُ دُورُهمْ … وَهُنَّ رُسومٌ رَثَّة ٌ وَطُلولُ
تُرَشِّحُ أُمُّ الخِشْفِ أَطْلاءها بِها … وَتُسْحَبُ فيها لِلريَّاحِ ذُيولُ
أثِرْها أَبا حَسَّانَ حُدْباً كَأَنَّها … نُسُوعُ على أَوساطِهِنَّ تَجولُ
فقد أنْكَرَ الياسْ النَّزاريُّ مُكثَنا … وَخِندْفِ بِنْتُ الحِمْيَريِّ عَذولُ
إذا لَمْ تُنَوِّهْ بِالمَكارِمِ هِمَّتي … تَشَبَّثَ بي حاشا عُلايَ خُمولُ
تُعَيُّرُني بِنْتُ المُعاوِيِّ غُرْبَتي … وَكُلُّ طُلوعٍ يَقْتَفيهِ أُفولُ
وَتَعْجَبُ أنَّي مِنْ مُمارَسَة النَّوى … نَحيفٌ ، وفي مَتْنِ القَناة ِ ذُبولُ
لِئَنْ أَنْكَرَتْ مِنّي نُحولاً فَصارِمي … يُغازِلُهُ في مَضْرِبَيْهِ نُحولُ
وَلَمْ تُبْدِعِ الأَيّامُ فِيَّ بِنَكبَة ٍ … فَبَيْني وَبَيْنَ النَّائِباتِ ذُحولُ