يا طُرَّة َ الشَّيحِ بَسِفْحِ عاقِلِ … كَيْفَ تُناجيكِ صَبا الأصائِلِ
لاخَطَرَ النَّعامُ فيكِ مَوْهِناً … يَريغُ تَوشيمَ الخِضابِ النّاصِلِ
وَصافَحَتْكِ الرّيحُ حَسْرى ، والثَّرى … مُرْتَضِعٌ دَرَّ الغَمام الهاطِلِ
فَرُبَّ أَعْرابِيَّة ٍ نَشوى الخُطا … تُقْلِقُ أَثْناءَ الوِشاحِ الجائِلِ
تَرمي حَوالَيْكِ بِأَحْداقِ المَها … إذا ارتَقَبْنَ غِرَّة َ الحَبائِلِ
وَيْحَ الهَوى كَيْفَ أَصابَ لَحْظُها … وقد أَطاشَ أَسْهُمي، مَقاتِلي
أَما كَفاها القَدُّ، وَهْوَ رامِحٌ … أَلاّ تُراميني بِطَرْفٍ نابِلِ
أَصْغَتْ إلى الواشِينَ بَعْدَ صَبْوة ٍ … أَرُدُّ فيها لَغَطَ العَواذِلِ
فَلَيْتَها أَوْصَتْ بِنا خَيالَها … غَداة َ أَبْدتْ صَفْحة َ المُزايلِ
تَضْحَكُ مِنْ ذي وَلَهٍ يَبْكي الصِّبا … شَوْقاً إلى أَيّامِهِ القَلائِلِ
أَيا أَخَا حَنْطَلَة َ بنِ مالِكٍ … ناضِلْ عَنِ الفِهْرِيِّ أُخْتَ وائِلِ
فَالنَّثْرَة ُ الحَصْداءُ لَمْ تَسُنَّها … إلاّ على عَبْلِ الذِّراعِ باسِلِ
وَالثّأْرُ لا تَغْفُلُ عنه خِنْدِفٌ … فَكَيْفَ أَغْضَيْتَ على الطَّوائِلِ
إنْ لمْ أُرَوِّعْ قَوْمَها بِفِتْيَة ٍ … يَمشونَ مَشْيَ الأُسْدِ بِالمَناصلِ
تَشُلُّهْم بِأَذْرُعٍ مَفْتولَة ٍ … على الرِّقابِ في عُرا السَّلاسِلِ
فَما انْتَضَتْ أفرى حُسامٍ لِلطُّلى … مِنْ خَيْرِ جَفْنٍ ضَمَّهُ قَوابلى
وقد أَرابَ والرَّقيبُ هاجِعٌ … طُروقُها تَرفُلُ في الغَلائِلِ
مَرَّتْ بِجَرْعاء الحِمى فَعَطَّرَتْ … أَشْباحَ أَطْلالٍ بِها نَواحِلِ
تَبْغي، كَأَنْضاءِ السُّيوفِ، فِتْيَة ً … مُوَسَّدينَ أَذْرُعَ الرَّواحِلِ
فَأَرَّقَتْ أَسْوانَ خاطَ جَفْنَهُ … كَرى ً هُوَ الصَّهْباءُ في المَفاصِلِ
عَدِّ عَنِ الطَّيْفِ فَما أَتى بِهِ … حُلْمٌ جَنَتْهُ سَوْرَة ُ البَلابِلِ
وَالشِّعْرُ في غَيْرِ الإِمامِ صادِرٌ … عَنْ فِكَرٍ تَعَلَّلَتْ بِالباطِلِ
مِنْ مَعْشَرٍ شُمِّ الأنُوفِ ذادَة ٍ … بِيضِ الوُجوهِ سادَة ٍ أَماثِلِ
دَلَّتْ على أَعْراقِهمْ أَفْعالُهُمْ … وَالمَكْرُماتُ جَمَّة ُ المَخائِلِ
فَطَرَّفُوا عَنِ العُلا بِأَذْرُعٍ … شابَتْ أَسابيَّ دَمٍ بِنائِلٍ
شَنُّوا عَلى الأعْداءِ غاراتِهِمُ … تَتْرى كَوَلْغِ الأَذْؤُبِ العَواسِلِ
وَكَمْ أَناخُوا الحَرْبَ وَهْيَ تَلْتَظي … على مُسِرِّ الضِّغْنِ، بِالكَلاكِلِ
وَقَدْ وَفَوْا إذْ ضَمِنُوا يَوْمَ الوَغى … رِيَّ القَنا لِلأَسلِ النَّواهِلِ
فهاشِمٌّ خَيْرُ بَني فِهْرٍ وَهُمْ … خَيْرُ الوَرى وَأَشْرَفُ القَبائِلِ
للهِ بَيْتٌ شَدَّ مِنْ أَطْنابِهِ … رَكْزُ القَنا في ثُغْرِ القَنابِلِ
عَبْدُ مَنافٍ ضُرِبَتْ أَوْتادُهُ … على طُلى الأَعداءِ وَالكَواهِلِ
هَلْ يَخْفِضُ السّادِرُ مِنْ هَديرِهِ … فَالمَجْدُ لا يَعبَقُ بِالأراذِلِ
كَمْ يُلْقِحُ الآمَالَ وَهْي تَرْعَوي … إليهِ في أَعْقابِ جَدٍّ حائِلِ
يُمْسي إذا اللَّيلُ ارجَحَنَّ ظِلُّهُ … في شُغُلٍ عَنِ الرُّقادِ شاغِلِ
وَإنْ أَضاءَ الصُّبْحُ زَرَّ صَدْرُهُ … على الجَوى مُرْتَعِدَ الخَصائِلِ
سَيَخْطِرُ الآبي على شَكِيِمِهِ … مِنْ زُبْرِ الحَديدِ في الخَلاخِلِ
وَدُونَ ما يُعْلي إلَيهِ طَرْفَهُ … عَيْطاءُ تُدمي قُدَمَ المُساجِلِ
يا خَيْرَ مَنْ تَفْتَرُّ كُلَّ شارِقٍ … عَنْ ذِكْرِهِ ضَمائِرُ المَحافِلِ
جاءَكَ شَهْرُ اللّهِ طَلْقَ المُجْتَلى … مُبَارَكَ الأَيّامِ وَالَّليائِلِ
يُهْدي لَكَ الأَجْرَ وَتَقْريهِ النَّدى … مِنْ نِعَمِ مُتْرَعَة ِ المَناهِلِ
فَلْيَرْعَ حَوْذانَ الغُمَيْرِ هَجْمَة ٌ … لِعامِرٍ طائِرَة ُ النَّسائِلِ
فَلي بِأَكْنافِ العِراقِ مَسْرَحٌ … رَحْبُ المُنَدّى أَرِجُ الخَمائِلِ
وَمِنْحَة ٌ ضافِيَة ٌ أَرْمي بِها … طَرْفيَ في إثر الغَمامِ الوابِلِ
وَأَسْتَدِرُّ صَوبَها بِمِدْحَة ٍ … تَغْرَى لَها الأسْنانُ بِالأنامِلِ
غَرّاءُ لو ذابَتْ لَصاغَتِ الدُّمى … منها حُلَى أَجْيادِها العَواطِلِ
وَلَوْ رَضِيتُ حَبَّرَتْ رُواتُها … بِها كَلامَ العَرَبِ الأوائِلِ