يا طيرُ ما للنومِ قد طارا … وما قضينا منهُ أوطارا
كأن هذا السهدَ لا يأتلي … يطلبُ من أجفاننا ثارا
إن كنتَ ظمآنَ فذي دمعي … تفجرَتْ في الأرضِ أنهارا
أو كنتَ ذا مسبغةٍ فالتقط … حبةَ قلبي كيفما صارا
أو كنتَ مشتاقاً فكن مثلنا … على الهوى يا طير صبارا
وجارني إن كنتَ لي صاحباً … فإن خيرَ الصحبِ من جارى
يا طيرُ كم في الحبِّ من ساعةٍ … تخالُ فيها العمرَ أعمارا
إن قلتُ تلهيني بها فكرةٌ … جرت على الأفكار أفكارا
أو قلتُ أنساها أقامَ الهوى … من حرها في القلبِ تذكارا
والصبُّ ما ينفكُّ في حيرةٍ … تزيدُهُ حزناً وأكدارا
ما لي أرى الأطيارَ نواحةً … كأنما فارقنَ أطيارا
وما لأغصانِ الرُّبى تلتقي … كأنما يبثثنَ أسرارا
فاسأل نسيمَ الصبحِ إن مرَّ بي … هل حملتهُ الغيدُ أخبارا
وسلْ عن الديارِ ويا ليتني … أزور يوماً هذهِ الدارا
كأنها الجنةُ لكنني … أبطنتُ من وجدي بها النارا
سماؤها مطلعةٌ أنجما … وأرضُها تطلعُ أقمارا
وكمْ بها من أكحلٍ إن رنا … سلتْ لكَ الأجفانُ بتارا
وإن مشى يخطرُ في تيههِ … هزَّت لكَ الأعطافَ خطارا
لا أنكرُ السحرَ وذا طرفهُ … أصبحَ بينَ الناسِ سحَّارا
يا فاتنَ الصبِّ على رغمهِ … والمرءُ لا يعشقُ مختارا
طوراً بنا هجرٌ وطوراً نوىً … أهكذا نخلقُ أطوارا
لو شبهوا بدرَ السما درهماً … لشبهوا وجهكَ دينارا
وكم درارٍ فيكَ نظَّمتُها … تجلُّ أن تحسبَ أشعارا
لو أن بشاراً حكى مثلها … أعطوا لواءَ الشعرِ بشارا
لاحتْ لنا والشمسُ من غيظها … قدْ ضرجتْ أثوابها بالدمِ
فاتنةٌ من بخلها لم تزلْ … وجنتُها معصورةً في الفمِ
فما أراها راهبٌ راهباً … إلا شكا المغرمُ للمغرمِ
بأبي أنتَ يا غزالُ وروحي … وفؤادي ونورُ عيني وعيني
أنتَ كالبدرِ حين يطلعُ لكنْ … في سوادِ القلوبِ والمقلتينِ
لو رآكَ الذينَ قالوا ثلاثٌ … بعدَ وهنٍ لثلثوا القمرينِ
خفقَ الحلي فوقَ صدركَ والقل … بِ فهل أنتَ مالكُ الخافقينِ
وأرى السحرَ في العيونِ فهل جئ … تَ بها بابلاً إلى الساحرينِ
وبخديكِ جنتانِ ولكنْ … في فؤادي لظىً من الجنتينِ
يا قضاةَ الغرامِ في أيِّ شرعٍ … أن يحولوا بينَ الحبيبِ وبيني
في يدكمْ غريمٌ ظبي من الغر … بِ سبى المشرقينِ والمغربينِ
فاتقوا اللهَ في قتيلٍ حبيبٍ … حسنٍ طُلَّ دمهُ كالحسينِ