يا صاحِ ليس لسرٍّ منك كتمانُ … فى “الودِّ والودُّ” لا يدرى له شان
وللغرام ـ وإنْ بِتْنا نكتِّمُهُ … عن أعينِ النّاس ـ آياتٌ وعُنوانُ
وقد تبيَّنَ ما بي الرّكْبُ حينَ بَدَتْ … لنا مَن الشِّعْبِ أقمارٌ وأغصانُ
حلوّا القلوبَ وما كانتْ لهم وطناً … إنَّ القلوبَ لِما تهواهُ أوطانُ
إنَّ الذين على وَدّانَ دارُهُمُ … فيهمْ ضنينٌ بما نهواه خوّانُ
إذا سألناه منّانا وما طلنا … وراح وهوَ بأنْ منّاك منّانُ
وإنْ شكوتُ إليه الحبّ أعطفهُ … إلى المحبّة ِ ولّى وهو غضبانُ
بَدْرٌ حُرِمنَا المُنَى منه ويُرْزَقُها … وإنما الحبُّ أرزاقٌ وحِرْمانُ
كأنهمْ بعد ما بانوا وحبّهمُ … مخيِّمٌ في سوادِ القلبِ ما بانوا
هلْ أنتَ يا قلبُ صاحٍ عن لقائهمُ … أمْ فيك يا قلبُ إنْ سُلِّيتَ سُلْوانُ؟
فالحبُّ عندهمُ بغضٌ ومقلية ٌ … والصّدقُ بينهمُ زورٌ وبهتانُ
يقادُ نَحْوَكمُ قلبي ويجْذُبني … إليكمُ معَ بعدِ الدّارِ أشطانُ
وما البليَّة ُ إلا أنَّني كَلِفٌ … بفارغٍ وفؤادي منهُ مَلآنُ
نبكى ومن قبلُ ما كنّا يروّعنا … داعى الفراقِ ولا تجرى لنا شانُ
كأنَّ أعْيُنَنا تجري لبَيْنِهمُ … دَوْحٌ يُزِعْزِعُهُ في الطَّلِّ شَفّانُ
يا قاتلَ اللهُ من بالرّملِ ودّعنا … فهنّ للقلبِ أشجاءٌ وأشجانُ
لمّا بسمنَ لنا أبدين عن شنبٍ … مُمَنَّعٍ ليس يُروى منه ظمآنُ
كالبَدْرِ إذْ شَفَّ عن أنوارِه سَدَفٌ … والدرّ أبرزهُ للعين أكنانُ
ماذا على زائري ليلاً على سِنَة ٍ … لو زار صبحاً وطرفُ العينِ يقظانُ
زيارة ُ الطَّيفِ ضَرْبٌ من قطيعتِهِ … ووصلُ مَن لا تراهُ العينُ هِجْرانُ
وليس ينفعنى والبعدُ أعلمهُ … قربٌ أتانى به ظنٌّ وحسبانُ
يا راكبَ العِرْمسِ الوجناءَ في غَلَسٍ … تَنْجابُ عن مَرِّهَا مَرْوٌ وصَوّانُ
قلْ للذي حلَّ أرْجاناً فشرَّفَها … إِنَّ المُنى والغِنَى في الأرضِ أرْجانُ
حيثُ الثرى خضلُ الأكناف ترفع فى … يفاعهِ لقرى الأضياف نيرانُ
نارٌ يهانُ ذكى ُّ المندلى بها … ويوقدُ العنبُ الهندى ُّ والبانُ
للهِ درّك من قاضٍ لنا عدة ً … ألوى بها من لئيمِ القومِ ليانُ
معجّلِ الخيلِ والهيجاءُ ضاحية ٌ … عن أنْ تُناطَ بها لُجْمٌ وأرسانُ
من كلِّ هوجاءَ كالسِّرْحان عادية ٍ … كأنَّما مسَّها في الرَّوْعِ شيطانُ
واليومَ ترجفُ بالأبطالِ ساحتهُ … كأنَّه ثَمِلُ الأوصال نشْوانُ
أنتَ الذي إنْ رآهُ الخلقُ من أَمَمٍ … فللثّرى أنفٌ منهمْ وأذقانُ
لغيرك الجهرُ منهمْ دونَ سِرِّهمُ … ويستوي فيك إسرارٌ وإعلانُ
ما أذعنوا لك حتّى كنتَ فذّهمُ … وللفضائلِ إنكارٌ وإِذْعانُ
قد جرَّبوك خلالَ الأمرِ يَحْفِزُهُمْ … فما هفوتَ وأرسى منك ثهلانُ
وعاينوا منك إِقداماً على خَطَرٍ … إنّ الملوك على الأهوال شجعانُ
كم نلتُ منك الرّضا عفواً بلا تعبٍ … وكم أتانى َ من جدواك إحسانُ
كرَّمْتني فملكتَ الرِّقَ من عُنُقي … إنّ الكراماتِ للأحرار أثمانُ
بنى بويهٍ أدام اللهُ ملككمُ … ولا يزلْ فيكمُ عزٌّ وسلطانُ
ولا خلا وَطَنٌ منكمْ ولاعَطَنٌ … فإنّ أعطانكمْ للجودِ أعطانُ
لم يَأْلَفِ الملكُ إلاّ في بيوتِكمُ … حَلَلْتُمُ دارَه والنّاسُ جِيرانُ
فللتّرائبِ منكمْ كلّما “نضرتْ” … وللمفارقِ أطواقٌ وتيجانُ
إنْ جلَّ خَطْبٌ فأنتمْ منه لي وَزَرٌ … أوْ آدَ صَعْبٌ فأنتمْ فيه أعوانُ
وإنْ لقيتُ العِدا يومَ الكفاحِ فلي … من دونِهمْ أذْرُعٌ منكمْ وأيْمانُ
ومعشرٍ جحدوا نعماكَ عندهمُ … وغرَّهمْ منك للزّلاَّت غُفرانُ
أغضيتَ عنهمْ فما ارتابوا وما فطِنوا … إنَّ التغاضِيَ إِمْلاءٌ وإِهوانُ
حتّى رأوك مغذّاً فى ململمة ٍ … كاللّيلِ في طيِّها خيلٌ وفُرسانُ
فأجفلوا كشرارِ الزّندِ تخطفهمْ … خطفَ الأجادلِ أسيافٌ وخرصانُ
فراكبٌ رأسَ جذعٍ ليس يبرحهُ … وهاربٌ دونه أُكْمٌ وقيعانُ
أضحوا وقد لزّهمْ منك العنيفُ بهمْ … كخروعٍ لزّهُ نبعٌ وشريانُ
وقد درَى كلُّ ذي لُبٍّ بأنَّهمُ … عزّوا وعمّا قليلٍ بالرّدى هانوا
وطاحَ ما لَفَّقُوهُ من أباطِلِهمْ … إِزاءَ حقِّك إنَّ الحقَّ عُرْيانُ
والمِهْرَجانُ زمان بالسّعودِ وبالنْـ … نُجْحِ القريب إليك الدَّهرَ عَجلانُ
مضى الهجيرُ به عنّا لطيّتهِ … فالطّلُّ مستبردٌ والجوُّ ريّانُ
فانعمْ به وخذِ اللذّاتِ من يده … فإنّما هو للّذّاتِ إِبّانُ
ودمْ لنا لنعيمٍ مالغايته … وقتٌ ولا لمزيدٍ منه نقصانُ