يا دهرُ ما شئتَ فاصنع هان ما عظما … هذا الذي للرزايا لم يدع ألما
رزءٌ تلاقت رزايا الدهر فاجتمعت … فيه فهوّن ما يأتي وما قدما
ما بال امُّ الليالي فيه قد حملت … فليتها وأبا أيامها عقما
لقد تحكَّم في الدنيا فنال بها … من النواظر والأحشاء ما احتكما
عجَّت ولا كعجيج الموقرات به … وهل تلام وهذا ظهرُها انقصما
مضى الذي طبقتها كفُّه نعماً … فطبقتها الليالي بعده نقما
الآن غودرت الآمال حائمة ً … وأين في الدهر منها من يبل فما؟
وقبَّة ُ المجد قد مالت ولا عجبٌ … فإنَّ أثبت أركان العُلى انهدما
فلينتظم مأتماً عمرُ الزمان لمن … بالصالحات جميعاً عمرُه انتظما
ولتحتلب عينها الدنيا لمن يدُه … كانت حلوبة جودٍ تقتل الأزما
وكيف تسأمُ من دمعٍ تتابعه … ومن متابعة النعماء ما سئما
في الكف ما زرعت حسن الرجاء له … إلا وأمطرها من كفّه كرما
يا آخذاً كلَ قلبٍ في ملامته … دع الملام وشاطرني الدموعَ دما
واقرع بلومك سمعَ الدهر حيث أتى … برنَّة ٍ تركته يشتكى الصمما
طويتَ من يستظلُّ المعدمون به … فليت يا دهرُ قسراً ظلُّك انعدما
هل يعلم الزمنُ الغدّار لا علما … ماذا به هجم المقدارُ لا هجما؟
فأيُّ رزءٍ بأيِّ الناس يكبر في … صدر الأنام سوى هذا الذي دهما؟
أفي ذوي الحلم فالثاوي زعيمُهم … أم في بني العلم فالثاوي أبو العلما؟
أم في الأنام جميعاً فالذي افتقدوا … هو الذي جمعت أبراده الأُمما؟
بل كلُّ ميتٍ له ثلمٌ بحوزته … لكنَّ في موته الإسلام قد ثلما
قام النعيُ على “دار السلام”له … فقلت بعدك ليت الكون ما سلما
ما زال بشرُك بالعفين ملتمعاً … حتى تحوَّل في أحشائهم ضرما
وإن بكتك فلا منٌّ عليك لها … بماء جودك جاري جفنها انسجما
هذه الدموع بقايا ماء عيشهم … من فضل ما كنت توليهم عليك همي
إن لم تفض بك عن وجدٍ نفوسهم … فسوف بعدك من قربٍ تفيض ظما
يا راحلاً ولسانُ الحال ينشده … وللمقال لسانٌ بالأسى انعجما
واهاً “أبا المصطفى ” ماذا يقول فمي … وما البلى منك أبقى للجواب فما
الموت حتمٌ وإن كان المنى لك أن … تبقى ولو جاوزت أيامُك الهرما
لكن أتقضى بحيث الشمُّ راغمة ٌ … من أزمة ٍ لم تدع في معطس شمما
هلاّ بقيت لها في هذه السنة الـ … ـشهباء تحفظ من أمجادها الحرما
أحين فيها اقشعر العام وانبعثت … غبراء أمحلت الغيطان والأكما
تمضى وتتركها في عام مسغبة ٍ … فمن لها وإلى مَن تشتكي القحما
أوقتُ موتك هذا والورى حشدت … هذي الخطوب عليها والبلا ارتكما؟
وددت يومك لم يجرِ القضاءُ به … لو كان للوح أنْ يستوقف القلما
حتى تُفرِّج غمّاءَ الجدوب كما … فرَّجت من قبلها أمثالها غمما
أشار ربُّك إرسال العذاب بها … لمّا جنوها ذنوباً تهتك العصما
ففيِّض الماء من أنهارها وطوي … بالموت شخصك عنها والحيا انعدما
مشت بنعشك أهلُ الأرض تحمله … فخفَّ حتى كأن لم يحملوا علما
وما دروا رفعته من كرامته … أهل السماء على أكتافها عظما
لم يرفعوا قدماً إلا وقد وضعتْ … من قبلهم غرُّ أملاك السما قدما
كأنَّ نعشك محمولٌ به ملكٌ … وخلفه العالمُ الأعلى قد ازدحما
ساروا بها وسماءُ الدمع ترسلها … لك النواظرُ مدراراً ولا سأما
وهبَّ حين التقى ماءُ العيون على … أمرٍ نزا منه قلب الموت واضطرما
فكنت «نوحاً» وكان الفلك نعشك والـ … ـطوفانُ فائرَ دمعٍ أغرق الأُمما
إنْ يحملوك على علمٍ فما حملوا … إلا الركانة والأخطارَ والهمما
أو يدفنوك على علمٍ فما دفنوا … إلا المحاسنَ والأخلاق والشيما
أو ينفضوا الكفَّ من تربٍ به دفنوا … ميتاً فتربُك بالأفواه قد لثما
كأنَّ قبرك فوق الأرض نجمُ سما … أو أنه في ثراه حلَّ نجمُ سما
يا نازلاً حيث لا صوتي يلمُّ به … عليك أمُّ المعالي جزَّت اللمما
واستوقفت بحشاها الركب في جدثٍ … يجود كفك لا بالغيث قد وسما
نادت بشجوٍ خذو لي في حقائبكم … حشاشة ً ملئت من وجدها سقما
قفوا بها واعقروها وانضحوا دمها … على ثرى ً أمس قد واروا به الكرما
وقفت بعدك و”الزوراء” أنشدها … أين الذي كان للاّجين معتصما؟
وأين من يزهر النادي بطلعته … للزائرين ويجلو عنهم الغمما؟
ومن بني لقرى الأضياف دارُ عُلى … عمادُها الفخر فيه طاولت إرما
ومن تُردُّ جميع المشكلات له … إذا القضية أعيا فصلُها الحكما
وأين للشتوة الغبراء مَن كرماً … ما قطَّب العام إلا ثغرهُ ابتسما؟
وأين مَن كان للعافين يلحفها … جناحَ رحمته ما دهرُه أزما؟
لا فرق ما بين أقصاها إذاً نسباً … عنه وما بين أدناه له رحما
وأين مَن ليتامى الناس كان أباً … في بره قد تساوت كلُهم قسما؟
في فقد آبائها لليتم ما عرفت … لكنها عرفت في فقده اليُتما
أحببت في الله كتمان الصنيع ولا … يزداد إلا ظهوراً كلما كتما
من كان يحلف أن لم يعتلق أبداً … إثمٌ ببردك لم يخث ولا أثما
ألا وقتك حشا العافين صائبة ً … ولا وقاءً إذا رامي القضاء رمى
وهو توفّيك شكر المنعمين وقد … طوَّقت حياً وميتاً جيدها نعما؟
بالأمس وجهك يستسقى الغمامُ به … واليوم قبرُك تستسقى به الديما
وكنت ريَّ صداها فاستنبت لها … من ولدت بحاراً للندى فعما
فأين مثلك تلقى الناسُ ذا كرمٍ … ومنك في حالة ما فارقوا الكرما؟
يا غائباً ما جرت في القلب ذكرتُه … إلا ترقرق دمعُ العين وانسجما
لا غرو أن يعقد الإسلامُ حوزته … جميعها مأتما يورى الحشا ضرما
فالثاكل الدينُ والمثكولُ شخصك والـ … ـناعي الهدى والمعزِّي خاتمُ العلما
«محمدٌ حسنٌ» نظم الثناء له … فقلَّ في سلك تقواه من انتظما
سقت ضريحك من جدواك واكفة ٌ … وطفاءُ ترضع درّاً ما الحيا فطما
أعيذ قلبك أن يهفو به حذرٌ … على المكارم أو يغدو لها وجما
طب في ثرى الأرض نفساً لا النديُّ خلا … من الوفود ولا عهدُ الندى انصرما
قامت مقامك فيه فتية ٌ ضربتْ … على السماء لها علياؤها خيما
وكيف يُظلمُ ربعٌ من عُلاك به … “أبو الأمين” سراجٌ يكشف الظلما
بقية ٌ من أبيك «المصطفى » رفعت … به علاه وفيه مجدُه دعما
أحبَّ قربك واستبقاه خالقُه … ركناً تطوف به الآمالُ مستلما
وأنت يا حرم المجد المنيف عُلى ً … لا راعك الدهر واسلم للعُلى حرما
إنْ يوحشنَّك ما من بدرك انكتما … فليؤنسنَّك من نجميه ما نجما
لولا ابنه «المصطفى » للجود قلت شكت … من بعد إنسانها عينُ الرجاء عمى
ندبٌ به فتح المعروفُ ثانية ً … من بعدما بأبيه أولاً حتما
مَن يلقهِ قال هذا في شمائله … “محمدٌ صالحٌ” أن يغتدى علما
حلوُ الخلائق في جيل لهم خلقٌ … لو مازج الكوثر الخلديَّ ما طعما
ما شاهدتْ عظماءُ الأرض هيبته … إلا وطأطأت الأعناق والقمما
والمشتري الحمدَ والأشرافُ أكسبها … لجوهر الحمد أغلاها به قيما
من لو يجود لعافٍ في نقيبته … لم يقرع السنَّ في آثارها ندما
لو قال قومٌ نرى بالجود مشبهه … لقلتُ هاتوا وعدُّوا العرب والعجما
أستغفرُ الله إنْ شبَّهت أنمله … بالقطر منسجماً والبحر ملتطما
نعم حكاه أخوه مَن به ظهرت … مخائلٌ من أبيه تفضح الديما
“محمدٌ” وكفى أن الزمان لنا … عن منظرٍ حسنٍ منه قد ابتسما
إذا بدا سمت الألحاظ ترمقه … تخاله بهلال العيد ملتثما
من لفظه العذب إن شئت التقط درراً … أو فاقتطف زهراً أو فاقتبس حكما
فاهتف بمن مات من أهل العلاء وقل … لولا الردى لا افتضحتم فاشكروا الرجما
قد أطلع المجدُ في أفق العُلى قمراً … يا فرحة الشهب لو تغدو له خدما
أمات نشر مساعيه مساعيكم … حتى انطوت مثلكم تحت الثرى رمما
فلو رآه “زهير” في شبيبته … إذاً لفدّاه واختار الفدا هرما
من دوحة ٍ ما نمت إلا الغصون عُلى ً … وكل غصنٍ بماء المكرمات نما
كارم لها الغيث واستشهد لها بندى … الجواد ثم ارو كيف الغيث قد لؤما
وفاخر البدرَ في لألاء غرَّته … وحكّم الشرف الوضاح والعتما
واصدع بنجم العُلى “الهادي” بطلعته … دجى همومك واستكشف به الغمما
ومن «أمين» الندى فاعقد يديك على … أوفى البريَّة في أوفى الندى ذمما
يا اسرة المجد لا زلتم باسرتكم … عقداً على نحر هذا الدهر منتظما
صبراً بني الحلم إنَّ الحلم منزلة ٌ … حتى لمن منكم لم يبلغ الحلما
وحسبكم «مصطفى » العلياء فهو لكم … نعم الزعيمُ به شمل العُلى التأما