يا دارُ لا أنهجَ القشيبُ … منكِ ولا صوحَ الرطيبُ
و لا أخلتْ بكِ الغوادي … تشعبُ ما يصدعُ الجدوبُ
من كلَّ مخروقة العزالي … تغلبُ أخياطها الثقوبُ
تعجبُ منها رباكِ حتى … يضحكَ فيها الوجهُ القطوبُ
و كان عطرا كما عهدنا … مشيُ الصبا فيكِ والهبوبُ
فربَّ ليلٍ ثراكِ فيه … بين بحور العشاق طيبُ
عجنا وليلُ المطيَّ ليلٌ … بعدُ وصوتُ الحادي صليبُ
و ما نقضناهُ من طريقٍ … من حيثُ رحنا عنه قريبُ
فقال صحبي أضلَّ هادٍ … أم خدعَ الحازمُ الأريبُ
ليس أوانُ التعريسِ هذا … قلتُ هو الشوق لا اللغوبُ
يا من رأى باللوى بريقاً … تقدحُ نيرانهُ الجنوبُ
كلاَ ولا بينما تراهُ … يطلعُ أبصرتهُ يغيبُ
كأنّ ما لاح منه وهناً … على شبابِ الدجى مشيبُ
حدثني بالغضا حديثا … سرَّ على أنه خلوبُ
يقول هيفاءُ لم يحلها … عن عهدك الناقلُ الكذوبُ
جفونها بعدكم حنوا … ماءٌ وأحشاؤها لهيبُ
فارض فمن قلبها خفوقي … أعدي ومن طرفها أصوبُ
لا وليالٍ على المصلي … تسرق في نسكها الذنوبُ
و ما رأى الجبفُ من هناتٍ … يغفرها المالكُ الوهوبُ
و خلواتٍ بأمّ سعدٍ … ما بعدها لذة ٌ تطيبُ
لولا لماها لما شفاني … بزمزمٍ ما سقى القليبُ
ماذا على محرمٍ بجمعٍ … و سهمهُ من دمى خضيبُ
و كيف والصيدُ ثمَّ بسلٌّ … تصادُ بالأعين القلوبُ
يا فتكها نظرة ً خلاسا … سببَ أدواءها الطبيبُ
ذابت عليها حصاة ُ قلبي … يا من رأى جمرة ً تذوبُ
قلْ لزماني ما شئت فاضغط … قد دبرَ الجابرُ الجليبُ
أصبتني بالخطوبِ حتى … لم تبقِ لي مقتلا تصيبُ
في كل يومٍ جورٌ غريبٌ … عندي عليه صبرٌ غريبُ
حتى لقد صار عجيبا … منك الذي كله عجيبُ
و لائمٍ في عزوفِ نفسي … قلتُ له أنتَ والخطوبُ
عساك خبرا بالناس مثلي … إن ردَّ من حلمك العزيبُ
ففي قليَ منْ تراكَ تلحى … منهم وفي تركِ منْ تعيبُ
الله لي إن طرحتُ عرضي … أكلة َ آمالهم حسيبُ
قد كنتُ أبكي وهم فروقٌ … شتى وأشكو وهم ضروبُ
فاليوم سوتهم المساوي … عندي وعمتهم العيوبُ
فما أرى منهمُ بريئا … يخشى افتضاحا به المريبُ
بلى قد استثنتِ المعالي … بيتاً لها فخرهُ نسيبُ
بيتاً شموسُ الضحى عمادٌ … له وشهبُ الدجى طنوبُ
الحسبُ العدُّ من بينهِ … كلُّ نجيبٍ نمى نجيبُ
من آل عبد الرحيم مردٌ … حولَ رواقِ العلا وشيبُ
تشابهوا سودداً فأعطى … شاهدهم فضلَ منَ يغيبُ
كلُّ محيا الجبينِِ طلقٍ … لم يعتسفْ بشره القطوبُ
راضون أن يشبعوا ويضووا … و العامُ مسحنفزٌ غصوبُ
تروى عطاشُ الآمالِ فيهم … و هيَ على غيرهم تلوبُ
لهم أفاويقها إذا ما … أصرمَ ثديُ الحيا الحلوبُ
دوحة ُ مجدٍ أبو المعالي … غصنُ جناها الغضُّ الرطيبُ
كان فتاها والرأيُ كهلٌ … و طفلها والحجا لبيبُ
ليثُ حماها والدارُ حربٌ … و في السلامِ الظبيُ الربيبُ
لا فرحة ٌ تستقلُّ منه … حلما ولا نوبة ٌ تنوبُ
تغمزُ فيه أيدي الليالي … و النبعُ مستعصمٌ صليبُ
إذا كساه الغنى قميصا … فهو بأيدي الندى سليبُ
و كلُّ سعيٍ له كسوبٍ … تغرمهُ كفه الوهوبُ
يحمي حماه بنافذاتٍ … خدوشها في العدا ندوبُ
لا يبلغُ السبرُ ما يفري … معمقا جرحها الرغيبُ
يبعثها مفصحا لسانٌ … ماضٍ إذا لجلجَ الخطيبُ
إذا فروجُ الكلامِ ضاقتْ … تمَّ بها باعهُ الرحيبُ
لا محقتْ بدرك الدآدي … و لا محا شمسك الغروبُ
و رجع الدهرُ مستقيلا … اليكَ من ذنبهِ ينوبُ
يقسمُ لا شيمَ وهو سيفٌ … بعدُ ولا شمَّ وهو ذيبُ
و عاد ظلُّ الدنيا عليكم … يورقُ أو ينمرُ القضيبُ
حظكمُ صفوها وحظُّ ال … أعداءِ منها المرُّ المشوبُ
ما كرَّ عوداً شبابُ ليلٍ … يردفهُ من ضحى ً مشيبُ
و زار يومُ النيروز عامَ ال … خضبِ كما زارك الحبيبُ
تهدى لكم من ثناي عونٌ … كلُّ ابن سمعٍ لها طروبُ
قواطنٌ فيكمُ وتمسى … تجولُ في الأرض أو تجوبُ
في كلَّ يومٍ تغشاك منها … حبيبة ٌ ما لها رقيبُ
كذاك لا غائبي خبيثٌ … لكم ولا شاهدي مريبُ
قلبي صحيحُ لكم وودي … ما مرضَ الودُّ والقلوبُ
أجببتكم قبلَ أن دعوتم … فكيف أدعى فلا أجيبُ