يا بدرُ بادرْ إلى المنادي … كَفيتَ فاشكر ضُرّ الأعادي
قد جاءك النور فاقتبسه … ولا تعرِّج على السوادِ
فمنْ أتاهُ النضارُ يوماً … يزهدُ في الخطِّ بالمدادِ
فقم بوصف الإله وانظر … إليهِ فرداً على انفرادِ
وحصنِ السمعَ إذ تنادي … وخلصَ القولَ إذ تنادي
والبس لمولاك ثوبَ فقرٍ … كي تحظى بالواهب الجوادِ
وقلْ إذا جئته فقيراً … يا سيّداً ودّه اعتمادي
اسقِ شرابَ الوصالِ صباً … ما زال يشكو صدى البعاد
تاه زماناً بغير قوتٍ … إذ لم يشاهد سوى العباد
فكنْ لهُ القوتَ ما استمرتْ … أيامُه الغرُّ باقتصادِ
حتى يموت العذول صبراً … وتنطفي جمرة ُ البعادِ
ويعجبَ الناسُ منْ شخيصٍ … يكونُ بعدَ الضلالِ هادي
منْ كانَ ميتاً فصارَ حياً … فقد تعالى عن النفاد
ما خلعَ النعلَ غيرُ موسى … بشرطِها عندَ بطنِ وادِ
من خلعتَ نعله تناهت … رتبة ُ أقوالهِ السدادِ
فإن تكنْ هاشميَّ ورثٍ … فاسلكْ بها منهج السدادِ
والبس نعاليك إن من لم … يلبسْ نعالهِ في وهادِ
فهلْ يساوي المحيطُ حالاً … منْ لمْ يرَ العينَ في الرمادِ
فميز الحال إذ تراه … في مركب القدس في الغوادي
ورتب العلم إذ يناجي … سّرك بالسرِّ في الهوادي
وارقبهُ في وهمٍ كلِّ سيرٍّ … في ساترٍ إن أتى وبادي
ولا تشتتْ ولا تفرقْ … عبديه من حاضر وبادي
فإنْ وهبتَ الرجوعَ فرقْ … بين الحواضرِ والبوادي
واحذر بأنْ تركبَ المهارى … إذ تقرنُ العيرَ بالجوادِ
لا يحجبنكَ الشخوصُ واصبر … على مَهماته الشدادِ
وانظر إلى واهبِ المعاني … وقارنِ العينَ بالفؤاد
وأسند الأمر في التلقي … لهُ تكنْ صاحبَ استنادِ
ولا يغرنكَ قولُ عبدي … فالحقُّ في الجمعِ لا ينادي
وإنَّ هذا المقامُ أخفى … من عدمِ المثلِ للجوادِ
فكنهُ علماً وكنهُ حالاً … مع رائح إن أتى وغادي
وكنهُ نعتاً ولا تكنهُ … ذاتاً فعين المحال بادي
ولا تكنْ ذا هوى ً وحبٍّ … فيه فقلب المحب صادي
من بات ذا لوعة ٍ محباً … شكا له حرقة َ الجواد
وانظرْ بعينِ الفراقِ أيضاً … فيه ترى حكمة َ العِناد
وحكمة ُ الحزمِ والتواني … وحكمة السِّلم والجِلاد
فحكمة ُ الصدِّ لا يراها … سوى حكيمٍ لها وسادي
وانظر إلى ضاربٍ بعود … صفاة يبس فانساب وادي
واعجبْ لهُ واتخذُه حالاً … تجده كالنارِ في الزناد
فالماءُ للروحِ قوتُ علم … والجسمُ للنارِ كالمزادِ
فإن مضى الماء لم تجده … بدارٍ دنياكَ في المعادِ
وإن خبَت ناره عشاءً … فسوّ من مات في المهاد
أوضحتُ سراً إنْ كنتُ حراً … كنتُ به واري الزناد
من علم الحقَّ علمَ ذَوقٍ … لمْ يقرنِ الغيَّ بالرشادِ
فمنْ أتاه الحبيبُ كشفاً … لمْ يدرِ ما لذَّة ُ الرقادِ
مثلَ رسول الإله إذْ لمْ … يسكن له النومُ في فؤاد
لوْ بلغَ الزرعُ منتهاهُ … اشتغلَ القومُ بالحصادِ
أو نازلَ الحصنَ قومُ حربٍ … لبادر الناسُ للجهادِ
ناشدتك الله يا خليلي … هلْ فرشُ الخزِّ كالقتادِ
لا والذي أمرنا إليهِ … ما عندهُ الخيرُ كالفسادِ