وَتَعْذِلُني القَوافِي فِيكَ طَوْراً سأشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي … لأهْلِ المَنِّ فلْيكُنِ الشّكُورُ
وأحْمَدُ حُسْنَ رَأيِكَ فِيَّ حَمْداً … يَدُومُ إذا تطَاوَحَتِ الدُّهُورُ
وَإنْ تَكُ مُسْتَقِلاً ما أتاني … فمثلُكَ يُسْتقلُّ لَهُ الكَثيرُ
وأذْكى ما يكونُ الرَّوضُ نشراً … إذا ما صابَهُ القطْرُ اليَسيرُ
ولا وأَبي العُلى ما قلَّ نَيلٌ … بنيلِ أقلِّهِ غنيَ الفقيرُ
وَلا فَوْقَ الغِنَى جُودٌ فَحَسْبِي … كَفى بالمَحْلِ عارِضُك المَطِيرُ
وَلا عِنْدِي مَكانٌ لِلْعطايا … فَقُلْ لِلسَّيْلِ قَدْ طَفَحَ الغَدِيرُ
فِداؤُكَ مَعشرٌ سُئِلُوا فأجدوا … فإنكَ غيرَ مسئولٍ تمِيرُ
فكيفَ بأمة ٍ لؤُوموا وذَلُّوا … فلا خلْقٌ يجودُ ولا يُجيرُ
رَأيْتُكَ حاضِراً في حالِ غَيْبٍ … وَبعْضُ القَوْمِ كالغَيَبِ الحُضُورُ
لَقَدْ سُدَّتْ مَوارِدُ كُلِّ خَيْرٍ … وَساحَ بِكَفِّكَ الكَرَمُ الغَزِيرُ
على رُغْمِ الزَّمانِ أجَرْتَ منْهُ … وَقَدْ قَلَّ المُمَانِعُ والمُجِيرُ
تخطَّى النّائباتِ إليَّ جُودٌ … كَما فاجاكَ في الظَّلْماءِ نُورُ
تخِذْتَ بهِ يداً عندَ القوافِي … يَقُوم بشكْرِها الفِكرُ المُنيرُ
وأيْنَ الشُّكْرُ مِمّا خوَّلَتْهُ … جَهِلْتُ ورُبَّما جَهِلَ الخَبِيرُ
سَماحٌ رَدَّ رُوحاً في الأمانِي … ومعْرُوفٌ بهِ جُبِرَ الكَسيرُ
وشعرٌ لوْ يكونُ الشِّعْرُ غيثاً … لَباتَ وَنَوْؤُهُ الشِّعْرى العَبُورُ
معانٍ تحتَ ألفاظٍ حسانٍ … كما اجْتَمعَ القلائِدُ والنُّحُورُ
يُخيَّلُ لي لعجزِي عنهُ أنِّي … بما أولَيْتَ منْ حسَنٍ كَفُورُ
وتعذِلُنِي القوافِي فيكَ طَوراً … وطَوْراً فِيكَ لي مِنْها عَذِيرُ
وأعْلَمُ أنَّ طَوْلَكَ لا يُجازى … وهل تُجزى على الدُّرِّ البُحورُ
وَتَسْمُو هِمَّتِي فإخالُ أنِّي … على ما لَسْتُ واجِدَهُ قدِيرُ
أُعَلِّلُها بِمَدْحِكَ كُلَّ يَوْمٍ … وما تعْلِيلُها إلاّ غُرُورُ
أمثلُكَ مُنعِماً يُجْزى بشكرٍ … لقدْ ألقتْ مقالِدها الأُمورُ
وما العنقاءُ بالمكذُوبِ عنْها … حديثٌ بعدَ ما زعَمَ الضَّمِيرُ
ولا الحَسَنُ بنُ أحمدَ بعدَ ذا فِي … أمانٍ أن يكونَ لَهُ نَظيرُ
أغرُّ مهذَّبٌ حَسباً وفِعْلاً … يخفُّ لذكِرِهِ الأملُ الوَقُورُ
بنى لبَنِي أبي العيْشِ المَعالِي … فتًى يحلُو بهِ العيشُ المَرِيرُ
أناسٌ لا يزالُ لمُجْتَدِيهمْ … عليهمْ مِنْ مكارِمِهمْ ظَهيرُ
هُمُ انتُحبُوا مِن الحسبِ المُزكّى … كما قُدَّتْ مِن الأدَمِ السُّيُورُ
وَهُمْ فكُّوا مِن الإخفاقِ ظَنِّي … بطولِهمُ كما فُكَّ الأسيرُ
وقامَ بِنصرِ آمالي نداهُمْ … ألا إنَّ النَّدى نِعْمَ النَّصِيرُ
فإنْ لم أحْبُهُمْ وُدِّي وَحَمْدِي … فَلا طَرَدَ الهُمُومَ بِيَ السُّرُورُ
وَقُلْتُ شَبِيهُ جُودِهُم الغَوادِي … إذا هطلَتْ ومثلهُمُ البُدُورُ