ويومٍ أخذْنا بهِ فُرصة ً … من العيشِ والعِيْشُ مُسْتَفْرَصُ
رَكَضْنَا معَ اللَّهْوِ فِيهِ الصِّبى … وأفراسُهُ مَرَحاً تَقْمِصُ
إلى جَنَّة ٍ لا مدى عَرْضِها … يضيقُ ولا ظِلُّها يقلِصُ
أعَزُّ المآرِبِ فيها يَهُونُ … وأغْلى السُّرُورِ بها يرْخُصُ
وشَرْبٍ تعاطَوا كُؤُوسَ الحياة ِ … فَما كَدَّروها ولا نغَّضوا
سدَدْنا بِها طُرُقاتِ الهُمُومِ … فعادَتْ على عَقْبها تنكُصُ
فَلوْ همَّ هَمٌّ بِنا لَمْ يَجِدْ … طريقاً إلينا بها يخلُصُ
ظَلِلْنا كَجَيْشِي كِفاحٍ تَكُرُّ … على العُرْبِ أتْراكُهُ الخُلَّصُ
لَدى بِرْكَة ٍ حُرِّكتْ راؤها … فليسَتْ تَقِلُّ ولا تَنْقُصُ
تَغنّى لنا طَرباً ماؤها … وقامتْ أنابِيبُها ترقُصُ
يُريكَ الجواهِرَ تَقْبيبُها … وَهُنَّ طَوافٍ بها غُوَّصْ
ومُسْتضحِكٍ ذهبيِّ الشفاهِ … بما جَزَّعُوا مِنْهُ أوْ فَصَّصُوا
مُنيفٍ يخرُّ بذوبِ اللجَينِ … على ذَهَبٍ سبْكهُ المُخْلَصُ
ترى الطَّيرُ والوحْشَ مِنْ جانِبَـ … ـهِ يشكُو البَطِينَ بها الأخْمَصُ
دَوانٍ رَوانٍ فَلا هذهِ … تُراعُ ولاَ هذهِ تُقْنَصُ
ترى آمناً فيهِ سرْبَ الظِّبا … ءِ والذئبُ ما بينَها يرْعَصُ
وفَوّارَة ٍ ما بَغى وصْفَها … جَرِيرٌ وَلا رامَهُ الأحْوَصُ
كأنَّ لَها مَطْلباً في السَّما … ءِ فَهْي عَلى نَيْلهِ تَحْرِصُ
إذا ما وَفى قَدُّها بالسُّمُوِّ … أخلَفها عُنُقٌ يَوْقَصُ
وتوَّجَها الشَّرْبُ نارَنْجَة ً … فخِلْتُ المِذَبَّة َ تستَخْوِصُ
مشجرة الماء نخليّة ً … كجُمَّة ِ شمْطاءَ لا تُعْقَصُ
ودوحٍ أغنِيُّ قُمْرِيِهِ … يَهزُّ اللَّبِيبَ ويَسْتَرْقِصُ
يشُوقُ وبينُهُ مُشكِلٌ … ويَشْجُو ومُسْهِلُهُ أعْوَصُ
وروضٍ جلا النورَ خشْخاشُهُ … تَحارُ لهُ العَيْنُ أو تَشخَصُ
كأنَّ بهِ مَعشراً وُقَّفاً … بزينَة ِ عيدٍ لهُ أخلَصُوا
تَخالَفُ في الشَّكلِ تِيجانُهُمْ … وتَحكِي غَلائِلَهاالأقْمُصُ
فمِنْ أبيضٍ يققٍ لونُهُ … يرُوقُكَ كافورهُ الأخْلَصُ
ومِنْ أحمَرٍ شابَهُ زُرْقة ٌ … حكى الوَجناتِ إذا تُقْرَصُ
وَحِلفَينِ مِثلُهُما يُصْطَفى … لِيَوْمِ المُدامِ ويُسْتخْلَصُ
رَسيلَينِ معناهُما في الغِناءِ … أدَقُّ لفظُهُما ألخَصُ
يَظَلُّ الحَليمُ إذا غَنَّيا … كأنَّ فرائِصهُ تُفْرصُ
وَبَينَ السُّقاة ِ مَرِيضُ الجُفونِ … يسُوُم القُلوبَ فيستَرْخِصُ
غنِيٌّ بألحاظِهِ لوْ يشاءُ … عنِ الكَأْسِ لكنَّهُ أحْرَصُ
فدُونَكُمُ فاسأَلُوا طَرْفَهُ … وَعنْ خَبرِي فِيه لا تَفْحَصُوا
إذا ما غَدَوْنا عَلى لذَّة ٍ … فخطُّ مُفارِقَنا الأنْقَصُ
مَحاسِنُ فِي حَسناتِ الأميـ … ـرِ تَصْغُرُ قدْراً وتُسْتَنْقَصُ
سقى الله مَنْ لمْ يزَلْ جُودُهُ … يَعُمُّ إذا معشَرٌ خصَّصُوا
فكائِنْ مَحا بِنَداهُ العُفاة ُ … ذُنوبَ الزَّمانِ وكَمْ مَحَّصُوا
وكُنتُ إذا عَنَّ بحرُ القَريضِ … فإنِّي علَى دُرِّهِ أغْوَصُ