وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا … وانجازُكُنَّ الوَعْد كان مطالا
وإنّي لأرضى بالأماني تَعِلَّة ً … وأقنعُ ما كان الوصال خيالا
فبتُّ أذيلُ الدمع ينهلُّ صوبه … وما زال دمع المستهام مذالا
وفي القلب من نار الجوى ما يذيبه … كأنَّ به مما أَجِنُّ ذبالا
ولي كَبِدٌ حرّى تَوَدُّ لو کنَّها … تصادف من ري الحبيب بلالا
وأنتِ شفائي يا أميمُ وإنّني … أعالجُ داءً في هواكِ عضالا
فليتك يومَ الجزع كنتِ عليمة ً … بما قلت للاّحي عليكِ وقالا
ويومٍ كحرِّ القلبِ من ألم النوى … تفيَّأتُ من سمر الرماح ظلالا
ببيداء لا تهدى القطا في فجاجها … ولا وطئت فيها السماءُ رمالا
فانسني فيها ادِّكاركَ، والأسى … يحضّ عليك الدَّمعَ أنْ يتوالى
ولم أنسَ إدلاج الرفاق بليلة ٍ … يضلُّ بها النجمِ السبيلَ ضلالا
وقد سام فيها النوق سلوانها الغضا … أَلا لا تَسُمْهُنَّ السلوَّ ألا لا
نهضنَ بنا في المنجبات خفائفاً … تَحمَّلْنَ أعباءَ الهموم ثقالا
فظلَّتْ ترامى بالرجال توقُّصاً … وتنحطُّ من تحت الرجال كلالا
ولم تدرِ من فتيان عدنان أنَّها … حَمَلْنَ رجالاً أمْ حَمَلْنَ جبالا
إذا ذَكَرَتْ في الأبرقين مُنَاخَها … كما هِجْتَ في البيد القفار رئالا
أَما وفناءِ البيت يسمو ومن سعى … إليه وقد حثَّ المطيَّ عجالا
لئن بلَّغتني ما أحاولُ ناقتي … وردتُ بها ماءَ العذيب زلالا
وَنَشَّقْتُها رنْدَ الحمى وعَرارَهُ … يَضوعان ما مرَّ النسيمُ شمالا
ودار أناخ الركب فيها مطيَّهم … فكانت لهم تلك الرسوم عقالا
فظلَّ بها سعدٌ يكرُّ بطرفه … إليها ويسقيها الدموع سجالا
تسائلُ رسمَ الدار عن أمِّ سالمٍ … فهلاّ أفادتك الديار سؤالا
ألا بأبي سرباً تتنافرُ عينه … يميناً على رغم الهوى وشمالا
فما لمحت عيناي بعدُ غزالة ً … ولا اقتنص الليث الهصور غزالا
وما بالكنَّ اليوم إذ شاب مفرقي … وأصبحَ حَظي عندكنّ وبالا
هجرتنّني هجر الشبيبة بعدما … أظلَّ بها ظلُّ الشباب وزالا
وقد كان منكن الصدود على الهوى … دلالاً فأمسى صدُّكنَّ ملالا
مضى زمنٌ يا قلب ليس براجعٍ … نعمتُ به قبلَ المشيب وصالا
فلا تطلبنَّ الماضيات تصرَّمتْ … فليس بحالٍ أَنْ تَسُرَّك حالا
وإنَّك إنْ حاوَلْتَ حرّاً تصيبه … تطلَّبْتَ من هذا الزمان محالا
أقم في ذرا عبد الغنيّ وإنْ تشأ … فسرِّحْ إليه أنيقاً وجمالا
فما لبني الحاجات عن فضله غنى ً … وحسبُ الأماني موئلاً ومآلا
متى تقصر الأيدي عن الجود والندى … وَجَدْتَ أياديه الطوال طوالا
إباءٌ يضيم الضيمَ وهْوَ ممنّع … ويصفعُ من ريب الزمان قذالا
فلو أنصفته الأنجم الزهر قبلت … وحقّك أقداماً له ونعالا
عليك به طوداً من المجد باذخاً … وكم طاول المجد الأثيل فطالا
بأَصدق من ألقى المقالة لهجة … إليك وأعلى من رأيت فعالا
رحيب فناء العزّ ما ضاق ذرعه … إذا ضاق ذرعاً غيره ومجالا
وما ولدت أمُّ الليالي بمثله … وإنَّ الليالي لو نَظَرْتَ حبالى
من القوم كانوا والحوادث جمة … سيوفاً حداداً أرهفتْ ونصالا
يكفُّون للرزء المبرِّحِ أيدياً … إذا جال يوماً بالخطوب وصالا
تبارك من أعطاه بالناس رأفة ً … يرقّ بها، سبحانه وتعالى
فيا طالباً يمَّمته فبلغته … لأبلغ جاهاً من لدنه ومالا
فأقبلَ إقبال السحاب بجوده … عليّ فأمرى ماءه وأسالا
وإنّي إذا قلت القريضَ بمدحه … لأصدقُ من قال القريض مقالا
مغيثي إذا قلَّ المغيثُ وناصري … وإنْ عثر الجدّث العثور أقالا
لسانك والعضب اليمانيّ واحدٌ … إذا أقصرت عنه الفحول أطالا
وما لك ندٌ فيهم غير أنّني … رأيت لك البدرَ المنيرَ مثالا
وتلك سجاياك التي أنتَ نِلتَها … لقد أبعدتْ عن حاسديك منالا
تغيَّرتِ الدنيا وقد حال حالها … وما غيَّرتْ منك الحوادث حالا
ومن ذا الذي يرجى سواك ويتقى … نزالاً لعمري تارة ونوالا
لديك أبا محمود نلتمس الغنى … جميعاً ولم نبرح عليك عيالا
وما نحن إلاّ من نوالك سيّدي … كما أمطر الربعُ المحيلُ فسالا
ومنك ولم تبخل وإنَّك قادرُ … تَمنّى الدراري أنْ تكون خصالا
إذا هتف الداعي باسمِكَ فلتكن … لملتمسٍ يبغي جميلك فالا
ملأتَ قلوب العارفين بأسرها … حلالاً وعين الناظرين جمالا
إليكَ ولا منٌّ عليك قوافياً … إذا أمليتْ للبان طال ومالا
ولي فيك من حُرّ الكلام وصفْوهِ … قصائدُ تروي عن علاك خلالا
فكانت على جيد الزمان قلائداً … تلوح وفي بعض القلوب نبالا
تريك مراء القول فيما تقوله … حراماً وسحرَ البابليّ حلالا