وسواسُ حليكِ أم هم الرقباءُ … للقلب نحوَ حديثهم إصغاءُ
ووميضُ ثغرِك أم تألُّق بارقٍ … وشهابُ شنفِك ذا أم الجوزاءُ
يا بانة ً ورقُ الشبابِ ظلالُها … وكأنَّ قلبي بينها ورقاءُ
يا بدْرَتم يهتدي بضيائه … ساري الفلاة ِ وليلتي ليلاءُ
أشكوكِ أم أشكو إليك صبابَتي … أنتِ الدواءُ ومنك كان الداءُ
مالجَّ داءٌ أو تفاقمَ مُعضلٌ … إلا وفي يُمنى يديهِ شفاءُ
إن رامَ بالتدبيرِ حيلة َ بُرئها … أبدتْ منافعَها له الأعضاءُ
حتى إذا سئمَتْ نفوسهمُ الردى … واعتاصَ مُصطبرٌ وعزَّ عزاءُ
وافوا وقد جعلوا الدُّروعَ ضراعة ً … إذ لم يكنْ غيرَ الخضوع وِقاءُ
وتبوَّءوا دارَ الخلافة ِ ملجأً … فلهم بعَقوة ِ بابها استِجداءُ
فعيونهم صورٌ ووقعُ حديثهم … همسٌ ورجْعُ كلامِهم إيماءُ
رهباً فعافٍ شاقَهُ بذلُ النَّدا … راج وطاغ ساقه استعفاءُ
علموا مواقعَ ذنبهم من عفوهِ … فاستشعروا الإحسانَ حين أساءوا
لا يَحسبنَّ الرومُ سِلمكَ رهبة ً … فالزَّند للنيرانِ فيه ثواءُ
لم تُغمدِ الأسيافُ من وهنٍ بها … لكن نفوسٌ أجِّلت ودماءُ
نامت على شِبَع وقد سالمتهمُ … وعلاجُ فرْطِ الغِبطة ِ الإغفاءُ
يا نيِّراً لولا توقدُ نورِهِ … هفتِ الحلومُ وفالطتِ الأراءُ
لو أن بأسكَ والجموعُ زواحفٌ … في مجمع البحرينِ غيضَ الماءُ
لله سيفُك والقلوبُ بوالغٌ … ثُغرَ الحناجرِ والنفوسُ ظماءُ
تتزاحمُ الأرواحُ دون ورودِهِ … فكأنما هو نُطفة ٌ زرقاءُ
لله قومُك آل نصرٍ والقنا … قِصَرٌ وأجسامُ العِدا أشلاءُ
الطاعنونَ الخيل يوم المُلتقى … والمُطعمون إذا عَدَتْ شهباءُ
سيماهمُ التقوى أشداءُ على الكفارِ … فيما بينهم رُحماءُ
نصروا الجزيرة َ أولاً ونصيرها … ضاقَت عليهِ برُحبها الأنحاءُ
وأتوا ودينُ الله ليس بأهلهِ … إلا أليلٌ خافتٌ وذماءُ
قمعوا بها الأعداءَ حتى أذعنوا … والبيضُ من عَلقِ النَّجيع رداءُ
فكأنما حمرُ البنودِ خوافقاً … منها قلوبٌ شفَّهن عناءُ
لم يأمنوا مَكْرَ إلالهِ وإنما … إمهالُهم عن وردِهِ إملاءُ
إن أبرَموا أمراً فربُّك مُبرمٌ … أمراً وإنهمُ همُ السفهاءُ
والله جلَّ اسماً لملكِكَ ناصرٌ … والله فيك كفاية ٌ وكِفاءُ
فَمَن المدافعُ والملائكُ حزبُهُ … والله ردَءُ والجنودُ قَضاءُ
فإذا هُمُ عادوا لماضي عهدهم … فغِرارُ سيفِكَ للعُصاة جزاءُ
مزقُ جفونَ البيضِ عن ألحاظِها … لتسيل فوقَ شِفارها الجَوباءُ
واهزُز غُصونَ السُّمر وهي ذوابلٌ … تسقُطْ عليك العِزَّة ُ القعساءُ
يا أيها المَلكُ الذي من رأيُه … جندٌ له النَّصرُ العزيزُ لواءُ
يهنيكَ أسعدُ وافدٍ ما تَنقضي … أيامُه وسعادة ٌ وبقاءُ
عبدٌ أعدْتَ الدهرَ فيه يافعاً … طلقاً تلوحُ بوجههِ السراءُ
لما برزْتَ إلى المصلَّى ماشياً … ودَّتْ خدودٌ أنها حصباءُ
وسمَتْ إلى لُقياكَ أنصارُ الورى … حتى كأنَّ جميعهم حِرباءُ
حتى إذا اصطفُّوا وأنت وسيلة ٌ … وسما إلى مرقِ القُبولِ دعاءُ
ملئت صدورُ المسلمين سكينة ً … إذ ذاك وانتاشَ القلوبَ رجاءُ
وتيقَّنوا الغُفرانَ في زلاَّتهم … ممَّن لديه الخلقُ والإنشاءُ
قسماً بربِّ الهُزل وهي طلائحٌ … نحتَت مناسِمَ سوقِها السراءُ
من كل نضْوِ الآل يستفُّ الفلا … سيراً تقلَّصُ دونَه الأرجاءُ
عوجاً كأمثال القِسي ضوامراً … أغراضُهن الركن والبطحاءُ
يحمِلنَ كل مُشَهَّدٍ أضلاعه … صيفٌ وفي الأماق منه شتاءُ
لرفعتَ بندَ الأمنِ خفّاقاً فقد … كادت تسيرُ مع الذّئاب الشّاءُ
وكففتَ كفَّ الجوْرِ في أرجائها … وعمَرَتَ ربعَ العدلِ وهو خَلاءُ
وعفَفْتَ حتى عن خيالٍ طارقٍ … ووهبتَ حتى أعذرَ استجداءُ
قمسا لأنت ملاكُ كلِّ رغيبة ٍ … ومأمُّ من ضاقت به الغبراءُ
ولأنتَ ظلُّ الله بين عبادِه … وبلاده إن عُدِدَ الأفياءُ
أمؤملَ الإسلام إنَّ وسائلي … هنَّ الشموسُ فما بهنَّ خفاءُ
مالي سوى حُبي لملكك مذهبٌ … ولربما تتخالف الأهواءُ