هُمُ أُلَى رائِحُونَ، أو غَادُونَا … عن فرَاقٍ، تُُمسُونَ، أوْ مُصْبِحُونَا
فَعَلى العِيسِ في البُرَى تَتَبارَى … عَبرَةٌ أمْ عَلى المَهَا في البُرِينا
ما أرَى البَينَ مُخلِياً، مِنْ وَداعٍ، … أنْفُسَ العاشقينَ، حتّى تَبِينَا
مِنْ وَرَاءِ السُّجُوفِ كُثبانُ رَمْلٍ، … تَتَثَنّى أفْنَانُهُنّ فُنُونَا
وَبِوِدّ القُلُوبِ، يَوْمَ استَقَلّتْ … ظُعُنُ الحَيّ، لَوْ تكونُ عُيُونا
مَنزِلٌ هَاجَ لِي الصّبَابَةَ، والشَّـ … ــيْبُ قَرِيني فيهِ، فَسَاءَ قَرِينَا
يَوْمَ كانَ المُقَامُ في الدّارِ شَكّاً … يَبعَثُ الحُزْنَ، والرّحِيلُ يَقينَا
إنّ تِلكَ الطّلُولَ مِنْ وَهَبينَا … أحزَنَتْ خَالِياً، وَزَادَتْ حَزِينَا
فاترُكَاني، فَما أُطيعُ عَذُولاً، … واخذُلاني، فَما أُرِيدُ مُعِينا
شَرَفاً، يا رَبيعَةُ بنُ نِزَارٍ، … خَصّ قَوْماً، وَعَمَّكُمْ أجمَعِينَا
غَدَرَ النّاسُ أوّلاً وأخِيراً، … وَكَرْمْتُمُ، فَكُنْتُمْ الوَافِينَا
ما نَقَضْتُمْ عَهداً، وَلاَ خُنْتُمْ غَيْـ … ـباً، وَحَاشَا لمَجدِكُمْ أن يَخُونَا
نحنُ في خِلّةِ الصّفَاءِ، وأنتُمْ … كاليَدَينِ اصْطَفَتْ شِمَالٌ يَمِينا
ضَمّنَا الحِلْفُ، فاتّصَلْنَا دِياراً … في المَقَامَاتِ، والتَفَفْنَا غُصُونَا
لمْ تُقَلَّبْ قُلُوبُنَا يَومَ هَيْجَا … ءَ، وَلَيْستْ أيدي سَبَا أيْدِينَا
وأبيكُمْ لَقَدْ نَهَضْتُمْ عَبَاديـ … ـدَ بِنُعْمَى مُحَمّدٍ، وَثُبِينَا
وَلَئِنْ أحْسَنَ ابنُ يُوسُفَ لله … يَرَاكُمْ، في حُبِّهِ، مُحسِنِينَا
قَد شَكَرْتُمْ نُعماهُ بالأمسِ حتّى … لعُدِدْتُمْ، بشُكْرِهِ، مُنعِمِينَا
وإذا ما مَوَاهبُ العُرْفِ لمْ تُقْـ … ـضَ بِحُرّ الثّنَاءِ، كانتْ دُيُونَا
وأحَقُّ الإحسانِ أنْ يُصرَفَ الحَمْـ … ـدُ إلَيهِ، مَالَمْ يكُنْ مَمْنُونَا
وأمّا لَوْ يَشاءُ يَوْمُ ابنِ عَمْرٍو … لأبَادَ العَمْرَينِ، والزّيْدِينَا
سَارَ يَستَرْشِدُ النّجُومَ إلَيِهِمْ، … في سَوَادِ الظّلماءِ، حتّى طُفينا
مَارِقاً منْ جَوَانِحَ اللّيلِ يَبغي … عُصْبَةً، من حُماتهم، مَارِقِينَا
أذْكَرَتْهُمْ سِيمَاهُ سيما عَليٍّ، … إذْ غَدا أصْلَعاً عَلَيْهِمْ بَطِينَا
آثَرَ العَفْوَ عَالِماً أنّ لله … تَعَالَى عَفْواً عَنِ العَافِينَا
زِدْهُمُ، يا أبَا سَعيدٍ، فَما السُّؤْ … دُدُ إلاّ زِيَادَةُ الشّاكِرِينَا
تِلْكَ ساعَاتَهُمْ مَعَ ابنِ حَمِيدٍ … طَالَ مِقْدَارُها، فعُدّتْ سِنِينا
عَاقَرُوا المَوْتَ في جِفَافي ِ رِكَابَيْـ … ـهِ، وَقد نازَلُوا الأُلوفَ مِئِينَا
يَرْجُفُ الحِلفُ في صُدُورِ قَنَاهُمْ، … وَتَحِنُّ الأرْحَامُ فيهِمْ حَنِينا
أو َلَمْ تُنْبِهِمْ، بساحَةِ سِنجا … رَ، إلى آمِدٍ، إلى مَاردِينَا
ألْسُنٌ تَنشُرُ الثَنَاءَ، وأكْبَا … دٌ تَثَنّى عَلَيْكَ عَطْفاً، وَلينَا
بَلْ مَتَى العَقْدُ مِنْ لِوَائكَ والرَّقَّةُ … مَعْقُودَةٌ بِقِنَّسْرِينَا
نِعمةٌ، إنْ يَجُدْ بهَا الله يَوْماً، … لا يَجِدْنا لشُكْرِها مُقْرَنِينا
إنْ تَسَلْنَا تُخْبَرْ بخَيرِ أُنَاسٍ، … غَابَ عَنهُمْ مَحمودُ عَدلكَ حينَا
قد ذَمَمْنا مِنْ دَهرِنا ما حَمِدنا، … وَسَخِطْنا مِنْ عَيشِنَا ما رَضِينا
تَكرَهُ العاجزَ الضّعيفَ، إذا جَا … ءَ، وكنتَ القَوِيَّ فينا الأمِينا
ثَبّتَ الله وَطْأةً لكَ، أمْسَتْ … جَبَلاً رَاسِياً على المُشرِكِينا
رُبّما وَقْعَةٌ شَمَلْتَ بهَا الرّو … مَ فَبَاتُوا أذِلّةً، خَاضِعِينَا
قَدْ أمِنّا أنْ يأمَنُوكَ عَلَى حَا … لٍ، وَلَوْ صَيّرُوا النّجُومَ حُصُونَا
فَزّعُوا باسمِكَ الصّبيَّ، فعَادَتْ … حَرَكاتُ البُكاءِ منْهُ سُكُونَا
وَتَوَافَتْ خَيْلاكَ من أرْضِ طَرْسُو … سَ، وَقاليقَلا، بأَرْدَنْدُونَا
عابِساتٍ، يَحمِلنَ يَوْماً عَبوساً، … لأُنَاسٍ، عَنْ خَطْبِهِ، غافِلِينَا
زُرْتَ بالدّارِعِينَ أَهْلَ البَقَلاّ … رِ، فأجلَوْا عَن صَاغِرِي صَاغِرِينا
قَدْ طَوَاهُنّ طَيُّهُنّ الفَيَافي، … واكتَسَينَ الوَجيفَ حتّى عَرِينَا
كَوُعُولِ الهِضَابِ رُحْنَ ومَا يَمْـ … ـلِكْنَ إلاّ صُمّ الرّماحِ قُرُونَا
جُلْنَ في يَابِسِ التّرَابِ فَمَا رُمْـ … ـنَ طِعَاناً، حتّى وَطِئْنَ الطّينَا
وَنَفِيرٍ إلى عقَرْقَسَ، أنْفَرْ … تَ، فكُنْتَ المُظَفَّرَ المَيْمُونَا
إذْ مَلأتَ السّيُوفَ منهُمْ وَمِنّا، … وَغَمَسْتَ الرّمَاحَ فيهِمْ وَفِينَا
ثمّ عَرّفْتَهُمْ جِبَاهَ رِجَالٍ … صَامِتِيّينَ في الوَغَى، مُصْمَتِينَا
لمْ يَكُنْ قَلْبُكَ الرّقيقُ رَقيقاً، … لا وَلاَ وَجهُكَ المَصُونُ مَصُونَا
ما أطاقُوا دَفْنَ الذي أظْهَرُوهُ، … كَبُرَ الحِقْدُ أنْ يَكُونَ دَفِينَا
بَعض بَغضائكم، فلَيسَ مُفِيقاً، … أوْ يَرُدَّ الأدْيَانَ بالسّيفِ دينَا
هَمُّهُ في غَدٍ بتَفْلِيقِ هَامٍ … في قُرَى العَازَرُونَ وَالمَازَرُونَا
وَلَعَمْرِي مَا مَاءُ زَمْزَمَ أحْلَى … عِنْدَهُ مِنْ دَمٍ بِزَارِمّينَا
يَجعَلُ البِيضَ، حينَ يأسُرُ، أغلا … لاً لأسرَاهُ، والمَنَايا سُجُونَا
غَيرَ وَانٍ في طاعَةِ الله، حَتّى … يَطْمَئِنَّ الإسْلامُ في طِمّينَا