هل هاجَ شوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ … في الربعِ والربعُ عريانٌ بلا أحدِ ؟
غنَّاك ما قلبُه شوقاً بمُكتئبٍ … وليس دمعٌ له حُزْناً بمطَّرِدِ
و ربما هاجَ أحزانَ الفؤادِ وما … يَدْري خليٌّ منَ الأشجانِ والكَمَدِ
أمّا الذينَ رَمَتْ عَسفانَ عِيرُهُمُ … بكلِّ مَوَّرة ٍ عَيرانة ٍ أُجُدِ
ففي الفؤادِ على آثارِهمْ جَزَعٌ … لا يستفيق وهمٌّ غيرُ مفتقدِ
حنوا إليك وقد شطّ المزارُ بهمْ … كأنهمْ لم يصدوا عنك من صددِ
قد قلتُ لمّا لقِينا الظَّعنَ سائرة ً: … ماذا يفيد لقيناهنَّ من غيدِ ؟
مِن كلِّ مَوسومة ٍ بالحسن بَهْكَنَة ٍ … كأنَّما سُرقتْ من جنَّة ِ الخُلُدِ
من عاذري في الغواني غبَّ منتشرٍ … من المشيبِ كنوارِ الضحى بددِ
وافى ولم يبغِ مني أن أهيبَ به … و حلَّ مني كرهاً حيث لم أردِ
و لو جنته يدي ما كنتُ طائعها … لكنْ جناه على فوديَّ غيرُ يدي
دعْ عنك كلَّ لئيمِ الطّبعِ مُبتذَلٍ … أذلَّ في عَرَصاتِ الدار من وَتَدِ
إنْ همّ بالخير عاقته عزائقهُ … و إنْ مضى في طريق الحمدِ لم يعدِ
و لا تؤاخِ من الأقوامِ منطوياً … على الضَّغينة ِ مملوءاً من الحسَدِ
نَشْواً منَ الغيِّ ما لم يَدْرِهِ أبَداً … ولا يمرُّ بما يدري منَ الرَّشَدِ
يا فخرَ ملكِ بني العباس كلِّهمُ … من والدٍ قد مضى منهمْ ومن ولدِ
ومَن يجودُ على ما في نَوافِلهِ … بالفخر قبل الجود بالصفدِ
للهِ دَرُّكَ تَمري شَدَّ ناجية ٍ … هوجاءَ مَرْشوشة ِ القُطرين بالنَّجَدِ
كأنها وكريم النجوِ يحفزها … إلى بلوغِ المدى سيدٌ على جددِ
وفي يديك لَعوبُ المتنِ مُبتَدِرٌ … إلى تقنُّصِ نفسِ الفارسِ النَّجِدِ
مثلُ الرشاءِ ولكنْ لا قليبَ له … يومَ الكريهة ِ إلاّ منحني الكبدِ
ماذا يريبُ العدى لا درّ درهمُ … من نازحٍ عن مقامِ العذلِ والفندِ
ما زالَ والظّمْءُ يَستدعي مكارِعَهُ … إنْ فاتَهُ العِدُّ لم يُوردْ على ثَمَدِ
كم ذا لكفِّكِ من آثارِ مكرُمة ٍ … في غنمِ مفتقرٍ أو فكَّ مضطهدِ
قلائدٌ مثلُ أطواقِ الحمامِ لنا … تَبيدُ أُخرى اللّيالي وهْيَ لم تَبِدِ
و حاطها وهي بالبيداءِ مصخرة ٌ … لأخذِ مستلبٍ أو لقمِ مزردِ
من بعد ما غاب عنها كلُّ منتصرٍ … فمنْ جنى فبلا عقلٍ ولا قودِ
وجُبتَ أعداءَها عنها فلو طلبتْ … لها عدواً طوالَ الدهرِ لم تجدِ
حتى استقرتْ وقد كانتْ مقلقلة ً … تُساقُ من بلدٍ ناءٍ إلى بَلَدِ
لولا مكانُك كانتْ يومَ بَطشتها … بلا ذراعٍ ولا كفٍّ ولا عَضُدِ
مَنْ كان غيرَك والرُّعيانُ قد هَجموا … يضمُّ أرجاءَ تلك الثلة ِ الشردِ ؟
و منْ يدلّ وقد ضلتْ حلومهمُ … عنِ السَّدادِ إلى شيءٍ منَ السَّدَدِ
فالآن أصبح ما قد كان منتهكاً … ذُؤابَة َ النِّيقِ أو عِرِّيسة ِ الأسدِ
لا فاتَنا لكَ دهرٌ لا تزالُ بهِ … و لا انتهيتَ من الدنيا إلى أمدِ
و ضلّ عنا الذي نخشى ولا نضبتْ … هذي الغضارة ُ عن أيّامنا الجُدُدِ
وعادكَ العيدُ أعواماً متى حُصِرتْ … بالعدَّ كانتْ بلا حصرٍ ولا عددِ
في ظلَّ مملكة ٍ تبلى الصخورُ على … طولِ المدى وهيَ لا تبلى على الأمدِ